نيويورك - أ ف ب - في اليوم الثالث من المشاورات المتواصلة في مجلس الامن تمكن اعضاء مجلس الامن الاربعاء من الاتفاق على نص "يدين" القمع الذي يقوم به نظام بشار الاسد في سورية ضد المتظاهرين. ومن المقرر ان يصدر هذا النص على شكل بيان، وجاء فيه ان الدول الاعضاء في المجلس "تدين الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان واستخدام القوة ضد المدنيين من قبل السلطات السورية". وستكون هذه المرة الاولى التي يصدر فيها مجلس الامن موقفاً من الاحتجاجات الواسعة ضد نظام الاسد التي بدأت في الخامس عشر من آذار (مارس) الماضي والتي ادى قمعها الى سقوط اكثر من ألفي شخص معظمهم مدنيون، حسب منظمات حقوقية. وكانت بريطانيا وفرنسا والمانيا والبرتغال قدمت مشروع قرار الى مجلس الامن ووجه برفض من روسيا والصين اللتين تملكان حق النقض. الا ان تدهور الاوضاع في سورية وسقوط نحو 140 قتيلاً الاحد الماضي وحده، دفع المترددين الى اتخاذ موقف ولو على شكل بيان بدلاً من قرار. وعلم ان نص البيان ارسل الى حكومات الدول ال15 للموافقة عليه قبل عرضه على التصويت. وتعرب الدول ال15 في بيانها عن "قلقها الشديد ازاء الوضع المتدهور في سورية، وعن اسفها العميق لمقتل المئات من الناس، وتدعو الى الوقف الفوري لكافة اعمال العنف، كما تدعو جميع الاطراف الى ممارسة اقصى درجات ضبط النفس والامتناع عن الاعمال الانتقامية بما في ذلك شن هجمات على المؤسسات الحكومية". كما تدعو السلطات السورية "الى الاحترام الكامل لحقوق الانسان وتنفيذ التزاماتها بموجب القانون الدولي، ومحاسبة المسؤولين عن العنف". واذا كانت هذه الدول "تأخذ علماً بالالتزامات التي اعلنتها السلطات السورية بالاصلاح" فانها بالمقابل "تأسف لعدم حدوث تقدم في تنفيدها وتدعو الحكومة السورية الى الوفاء بالتزاماتها". كما انها "تعيد تأكيد التزامها القوي بسيادة واستقلال ووحدة اراضي سورية، وتؤكد على ان الحل الوحيد للازمة الحالية في سورية هو من خلال عملية سياسية شاملة يقودها السوريون بهدف تلبية التطلعات المشروعة للشعب بطريقة فعالة تتيح الممارسة الكاملة للحريات الاساسية للشعب بأكمله بما في ذلك حرية التعبير والتجمع السلمي". كما يدعو البيان السلطات السورية الى "السماح بدخول المنظمات الانسانية الدولية والعاملين فيها بسرعة الى سوريا ودون اية عوائق والتعاون الكامل مع مكتب المفوض الاعلى لحقوق الانسان". واخيرا طلبت الدول ال15 من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون "اطلاع مجلس الامن على الوضع في سورية خلال سبعة ايام". ويبدو ان تعديلات اجريت على النص الذي تم التداول به أمس ما دفع روسيا الى التوقف عن التهديد باستخدام حق النقض. وقال السفير الروسي لدى الاممالمتحدة فيتالي تشوركين ان النسخة الجديدة "متوازنة". وقبل الاحداث الدامية التي وقعت الاحد الماضي وخصوصاً في حماه، كانت روسيا والصين ودول اخرى مثل البرازيل وجنوب افريقيا تعارض اصدار موقف من الاحداث في سورية متخوفة من ان يفتح هذا الامر الباب امام تدخل عسكري في سورية كما حصل في ليبيا. بالمقابل كانت الدول الاوروبية صاحبة مشروع القرار والولايات المتحدة تؤكد ان لا نية لديها على الاطلاق للتدخل عسكرياً في سورية. ويبدو ان احداث حماة الاخيرة والمعلومات حول محاصرة الدبابات لهذه المدينة ومدن اخرى دفعت الدول المترددة الى الموافقة اخيرا على هذا البيان. وجرى نقاش حول طريقة اخراج هذا النص فعارضت روسيا والصين اصداره على شكل قرار لذلك تم الاتفاق على ان يكون على شكل بيان. الا ان البيان يمكن ان يتسبب بمشاكل للبنان الذي يقيم علاقات معقدة مع سورية، لذلك يسعى الديبلوماسيون لايجاد وسيلة تحول دون ان يكون لبنان مشاركاً مباشرة في هذا البيان. واعرب الاوروبيون عن ارتياحهم لهذا الاتفاق معتبرين انه يبقي على القسم الاكبر من العناصر القوية فيه والتي قاتلوا من اجل الابقاء عليها. وخلال المناقشات كانت روسيا مع دول اخرى تطالب بأن تتم ادانة اعمال العنف الصادرة عن المتظاهرين ايضا الى جانب ادانة قمع قوات الامن السورية. الا ان ديبلوماسيا غربيا اعتبر ان هذا الطلب "لم يكن منطقيا"، وقال السفير البريطاني لدى الاممالمتحدة مارك ليال غرانت "شرحنا موقفنا بشكل واضح وكانت لدينا عدة خطوط حمراء ما كان يمكن ان نقبل بتجاوزها".