ينهض صلاح المجذوب الثائر الليبي عند سفح جبل نفوسة قبل الفجر ليتسحر ببقايا وجبة الأمس قبل أن يعود إلى النوم في خيمته التي تضربها الشمس، ويبدأ بعدها يوماً جديداً من الصوم والحراسة في ثاني أيام رمضان. ويتولى صلاح مع عشرة ثوار آخرين تقريباً المواقع الأخيرة للمتمردين بالقرب من بلدة جوش (200 كلم جنوب غربي طرابلس) التي سيطرت عليها المعارضة قبل أن تفقدها في الأيام الأخيرة. وشهد اليوم الأول من رمضان هدوءاً شبه تام على الجبهة. ومع أن المقاتلين اكدوا استعدادهم للهجوم حتى خلال الصوم إلا انهم في الواقع يراقبون الطريق ويطلقون بين الحين والآخر زخات من الرصاص لتثبيت وجودهم. أما في الجهة المقابلة، فلا حركة. وتتجاوز درجات الحرارة الأربعين مئوية تحت الشمس ولا تقل عنها بكثير تحت الخيمة. وإلى جانب صلاح رشاش كلاشنيكوف جديداً حصل عليه عند نهب مخزن ثكنة مدينة الزنتان المجاورة. وقال صلاح (30 سنة) الذي يرتدي زياً رياضياً وله لحية قصيرة: استيقظ قرابة الساعة التاسعة. ننتظر ونتناقش وننام قليلاً. لكن أحدنا يراقب دائماً بالمنظار. وأضاف: قبل رمضان كنا نلتزم مواقعنا 48 ساعة متواصلة. لكن منذ الاثنين لا يتعدى الأمر 12 أو 24 ساعة. ويتحدر صلاح من بلدة شكشوك المجاورة حيث كان يعمل حارساً امنياً (غير مسلح) قبل الثورة. وقال: هذا الصباح أرسلنا ثلاث سيارات حتى مدخل جوش، وهذه البلدة فارغة إذ قام أنصار القذافي بإخلائها وتراجعوا إلى تيجي. وأكد: سنطردهم من هناك أيضاً. الشباب في كاباو سيهاجمونهم من الشرق ونحن من هنا ولن يعود بوسعهم سوى الهروب نحو الشمال عبر الصحراء. وهناك ستقضي عليهم طائرات الحلف الأطلسي. انتهى أمرهم. وتؤكد القيادة العليا للثوار في جبل نفوسة أن الصيام في رمضان لن يؤدي إلى تباطؤ تقدمهم، لكن الأمر يبدو كذلك على الأرض. وتكاد القرى لا تشهد أي حركة قبل حلول المساء. وفي ظل هذا الحر، من المستحيل شن هجوم من دون شرب الماء. وبحلول المغرب، عندما تبدأ درجات الحرارة بالتحسن، يحضر أفراد من قبيلة صلاح طعام الإفطار إليه ويتألف من بيتزا وحليب ولوبياء وسباغيتي وتمر. وقال صلاح: رمضان افضل من دون القذافي. رمضان الحرية له طعم لا يوصف. أضرمنا النار وأعددنا الشاي وغنينا. الشهر المقبل سنكون في طرابلس. ويسهر المقاتلون حتى وقت متأخر مستفيدين من البرودة خلال الليل ثم يتناوبون على النوم والحراسة كل اربع ساعات. وينهض صلاح قبل أن يلوح الفجر ليعيد تسخين السباغيتي.