وزير الطاقة ونظيره الهيليني يترأسان اجتماعات الدورة الأولى للجنة الطاقة بمجلس الشراكة الإستراتيجية السعودي الهيليني    الأردن: السجن ل 3 متهمين في قضية «حج الزيارة»    فليك: برشلونة يتطور.. وفالفيردي: لامال لاعب استثنائي    الرماح والمغيرة يمثلان السعودية في رالي داكار 2025    النقش على الحجر    من أنا ؟ سؤال مجرد    ولي العهد عنوان المجد    إطلاق الوضيحي والغزال والنعام في محمية الإمام تركي بن عبدالله    النصر في منعطف الأخدود.. الفتح يخشى الوحدة.. الرياض يصطدم بالخليج    ولي العهد وزيلينسكي يبحثان جهود حل الأزمة الأوكرانية الروسية    رابطة العالم الإسلامي تُدين وترفض خريطة إسرائيلية مزعومة تضم أجزاءً من الأردن ولبنان وسوريا    "حرفة" يعرّف بدور محافظات منطقة حائل في دعم وتمكين الحرفيين    هوبال    الاحتلال يواصل الإبادة الجماعية في غزة لليوم ال460    ما ينفع لا ما يُعجب    345.818 حالة إسعافية باشرها "هلال مكة" 2024    أمانة مكة تعالج الآثار الناتجة عن الحالة المطرية    بيئة الجوف تنفّذ 2703 زيارات تفتيشية    نائب أمير تبوك يطلع على أداء الخدمات الصحية    11,9 مليار ريال إجمالي تمويل العقود المدعومة للإسكان في 2024    تعزيز التعاون السياحي السعودي - الصيني    بلدية محافظة الشماسية تكرّم متقاعديها تقديرًا لعطائهم    مفاوضات إيرانية صينية لتخليص صفقة بيع نفط بقيمة 1.7 مليار دولار    تدشين المرحلة الثانية من «مسارات شوران» بالمدينة    أمير المدينة يرعى المسابقة القرآنية    طالبات من دول العالم يطلعن على جهود مجمع الملك فهد لطباعة المصحف    قطاع ومستشفى تنومة يُفعّل حملة "التوعية باللعب الالكتروني الصحي"    67 % ضعف دعم الإدارة لسلامة المرضى    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة ينجح في استئصال جزء من القولون مصاب بورم سرطاني بفتحة واحدة    2.1 مليون مستفيد في مستشفى الملك خالد بالخرج    انطلاق المهرجان الأول للأسماك في عسير    الاتحاد والهلال    أمير المدينة يطلع على مشاريع تنموية بقيمة 100 مليون ريال    بناء جيل رياضي للمستقبل !    الاتحاد يوافق على إعارة "حاجي" ل"الرياض" حتى نهاية الموسم    "القادسية" يحقّق بطولة "طواف الأندية السعودية" 2025    «ترمب شايل سيفه»    دور سوريا المأمول!    تحرير الوعي العربي أصعب من تحرير فلسطين    التأبين أمر مجهد    قصة أغرب سارق دجاج في العالم    المنتخب الجيد!    وزير الخارجية ومفوض"الأونروا" يبحثان التعاون    القيادة تعزي رئيس جمهورية الصين الشعبية في ضحايا الزلزال الذي وقع جنوب غرب بلاده    إنتاج السمن البري    مجموعة (لمسة وفاء) تزور بدر العباسي للإطمئنان عليه    المملكة تتصدر حجم الاستثمار الجريء في عام 2024    أسرتا الربيعان والعقيلي تزفان محمد لعش الزوجية    دكتور فارس باعوض في القفص الذهبي    عناية الدولة السعودية واهتمامها بالكِتاب والسُّنَّة    على شاطئ أبحر في جدة .. آل بن مرضاح المري وآل الزهراني يحتفلون بقعد قران عبدالله    تعزيز الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي    اطلع على إنجازات معهد ريادة الأعمال.. أمير المدينة ينوه بدعم القيادة للمنظومة العدلية    يهرب مخدرات بسبب مسلسل تلفزيوني    «الجوازات»: إمكانية تجديد هوية مقيم وتمديد تأشيرة الخروج والعودة للمقيمين خارج السعودية    هل تعود أحداث الحجْر والهلع من جديد.. بسبب فايروس صيني ؟    نائب أمير منطقة تبوك يزور مهرجان شتاء تبوك    نائب وزير الداخلية يستقبل السفير المصري لدى المملكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورات العربية وتحالفات الجوار
نشر في الحياة يوم 02 - 08 - 2011

تثير الثورات العربية التي حققت بعض انتصاراتها في تونس ومصر وما زالت تعيش لحظات مواجهة صعبة في ليبيا واليمن وسورية، تساؤلاتٍ أكثر مما تثير من إنجازات، بل وتطرح عدداً من الملاحظات التي لم تحسمها حتى الآن إجابات واضحة أو ردود فعلٍ كاملة، ولعل ما يتعلق منها بمواقف دول الجوار هو الأكثر تأثيراً والأشد اهتماماً لمن يتابعون مسيرة تلك الانتفاضات الشعبية ولذلك نحدد القضية أكثر بالتأكيد على ما اتخذته دول الجوار العربي من مواقف تجاه الثورات الأخيرة. ولعلي أركز هنا تحديداً على الجارتين المسلمتين الكبيرتين إيران وتركيا، كما نركز في الجانب الآخر على الدولة العبرية التي تنظر الى ما جرى من منطلق استراتيجي شامل يتعلق بتوازن القوى الإقليمية واحتمالات المستقبل، لذلك فإننا نطرح النقاط الآتية:
أولاً: لا يمكن أن نضع ردود فعل طهران تجاه الثورات العربية المختلفة على قدم المساواة وبالدرجة نفسها مع غيرها، فموقف طهران من الثورة المصرية، على سبيل المثال، ينطوي على قدرٍ كبير من الترحيب والتفاؤل بمستقبل العلاقات مع القاهرة نتيجة الخلاص من نظامٍ كان معادياً لإيران من بدايته إلى نهايته، أما موقف ايران بالنسبة الى الثورة السورية فهو يختلف تماماً لأن المواجهة تجري هناك ضد نظامٍ حليف وليس من مصلحة طهران أن يختفي ذلك النظام على الإطلاق، كما أن الايرانيين قلقون في الوقت ذاته من سيناريو الفوضى في منطقة الشام كلها وتأثير ذلك في «حزب الله» الذي تترصده إسرائيل في محاولة خبيثة للاستفادة من المتغيرات المرتقبة داخل الأنظمة العربية المختلفة. ولو قارنا بين ردود الفعل الإيرانية ونظيرتها التركية فسندرك حجم الخلاف بين موقف الجارتين الكبيرتين تجاه ما جرى وما يجري على الساحة العربية.
ثانياً: إن الموقف التركي يمثل من وجهة نظرنا أخطر مواقف دول الجوار، لا بحكم تاريخ تركيا القريب من العالم العربي فقط ولكن بحكم ارتباطها القوي بالغرب وعضويتها في حلف الأطلسي ووجودها في القارة الأوروبية، ما يجعل للأوضاع في العالم العربي أهمية خاصة، خصوصاً ما يجري في سورية دولة الجوار المباشر، وربما لو جرت الأحداث التي تشهدها سورية حالياً منذ سنوات لكانت موضع ترحيبٍ تركي، ولكن أنقرة تعيد اليوم حساباتها بعد أن تحسنت علاقاتها مع دمشق حتى اقتربت من بعض درجات التحالف، كما أن تركيا تجد نفسها في موقفٍ صعب وهي تتابع ضربات قوات الأطلسي لنظام القذافي على نحو يضعها في وضع يلزمها باتخاذ موقفٍ مؤيد للثوار ويجعل لها أهمية خاصة من بين دول الجوار المحيطة بالوطن العربي. وإذا كانت إيران تملك من أدوات التغيير وتأثيراته بحكم خلافها الحاد مع الغرب، فإن تركيا، على الجانب الآخر، تبدو ذات أهمية خاصة للثورات العربية عموماً والسورية والليبية خصوصاً بحكم وضعها في المنظومة الإستراتيجية الغربية.
ثالثاً: لا يختلف اثنان على أن الرؤية الإيرانية لأحداث الربيع العربي تبدو مزدوجة المعايير وتكيل بمكيالين وفقاً لمصالحها، فالثورة الشعبية المصرية هي، كما أسلفنا، مكسب لسياسة إيران الإقليمية والدولية بل وتتجاوز ذلك إلى اعتبارها جزءاً من الصحوة الإسلامية، ولكن ما يحدث في بلاد عربية أخرى لا يلقى الترحيب نفسه ولا يتمتع بالدعم ذاته، لذلك فإن موقف طهران محكوم، كما هو دائماً، بمعايير مصلحة «إيران الدولة» ومكاسب «إيران الثورة»، ولا شك في أن وجود «حزب الله» باعتباره الفصيل الأقوى للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي يشكل بالضرورة هو الآخر بعداً أساسياً في نظرة إيران الى ثورات المنطقة العربية.
رابعاً: يلاحظ كثير من المراقبين أن الدول العربية المستقرة، خصوصاً في منطقة الخليج، تنظر بحذر إلى بعض ما جرى في الشهور الأخيرة وترى في حالة الانفلات الأمني وسقوط بعض الثورات الشعبية العربية في مستنقع الفوضى الانتقامية مؤشراً مقلقاً لما يمكن أن تؤدي إليه عدوى ذلك “الفيروس” الذي انتشر في أربع دول عربية في وقتٍ واحد تقريباً، ولعل الدعم الحذر من جانب الأنظمة العربية المستقرة نسبياً يجد تفسيره في المخاوف الكامنة من عمليات التأثير والتأثر المتبادلة بين أقطار الوطن العربي الواحد.
خامساً: إن هناك شعوراً عاماً بأن القوى الإسلامية هي الأنشط في إطار الثورات العربية، فنحن نزعم هنا أنها ليست المحرك الوحيد ولكنها قطاع حيوي في عملية التغيير التي تشهدها الأنظمة العربية، وبالتالي فإنها تعطي بعض المؤشرات لازدهار الحركة الإسلامية واحتمالات تعاظم وجودها السياسي في المستقبل، ولا شك في أن الغرب ينظر إلى تلك المؤشرات الدينية في ثورات الربيع العربي نظرة تختلف عن الماضي، فهو يبدو أكثر تقبلاً لها ورغبة في التعامل معها، ولعل الغزل الذي مارسه الأميركيون تجاه «الإخوان» في مصر هو دليل حي ومباشر على ما نذهب إليه.
سادساً: لا شك في أن التغييرات التي طرأت على نظم الحكم العربية في دول التغيير الثوري قد أفرزت مواقف مختلفة، ولعل موقف الديبلوماسية المصرية من العلاقات الديبلوماسية الكاملة مع طهران، كما بشر بها أول وزير خارجية لمصر بعد الثورة، هي تأكيد لردود الفعل التي طرحتها الثورات العربية، فنحن أمام تغير هائل نتيجة ذلك الزلزال القوي الذي ضرب الأنظمة العربية في شكلٍ لم يكن متوقعاً في حدته ونوعيته وأسلوب تأثيره في الشارع العربي بهذه السرعة.
سابعاً: لا شك في أن الولايات المتحدة الأميركية معنية بهدفين أساسيين في منطقة الشرق الأوسط وهما حماية آبار النفط ثم ضمان أمن إسرائيل في كل الظروف، وهناك من يرى أن ثورات الربيع العربي قد تخضع لضغوط شعبية هائلة تتحدى السياسة الأميركية في المنطقة، خصوصاً ما يتصل منها بالضمان المطلق لأمن إسرائيل ورفض سياساتها العدوانية والعنصرية والاستيطانية.
ثامناً: إن نظرة إسرائيل الى الربيع العربي عموماً هي نظرة فيها من القلق أكثر مما فيها من الرضا، بل وفيها من التساؤلات أكثر مما لديها من إجابات، ولكن الفيصل في النهاية هو الاحتكام إلى المؤسسات الديموقراطية العربية وقدرتها على إيضاح الوجه المشرق للثورات الشعبية والتزامها بالتعاقدات الإقليمية التي وقعتها أنظمة سابقة، ولعل تفجير أنبوب الغاز المصري في سيناء مرات عدة هو مؤشر مقلق للدولة العبرية مهما تظاهرت بغير ذلك.
تاسعاً: إن الاهتمام العربي بإفريقيا باعتبارها منطقة الجوار المباشر قد جعلت لثورات الربيع العربي ردود فعلٍ إفريقية، فقد ازداد اهتمام مصر الثورة بدول الجوار الإفريقي وخرجت وفود شعبية لزيارة اثيوبيا والسودان وأوغندا، وقد كانت مصادفة تاريخية أليمة أن يقترن امتداد الثورات العربية بتقسيم السودان وظهور دولة الجنوب التي نرحب بها ولكننا نرى أيضاً في ميلادها خطراً على مستقبل الأمة العربية ونموذجاً قابلاً للتكرار في بعض دولها، ولا شك في أن تصحيح مسار السياسة العربية تجاه القارة الإفريقية هو في حد ذاته إنجاز يستحق التواصل والمداومة والاستمرار.
عاشراً: إن اقتران الثورات العربية بتدهور الأوضاع الاقتصادية في دولها هو مؤشر خطير آخر لأهمية السعي نحو التنمية والديموقراطية في آن واحد بدلاً من التركيز على الجانب السياسي للثورة الشعبية وإهمال المصالح الاقتصادية التي تتطلع إليها الجماهير، فالاستثمار الأجنبي متوقف والسياحة مضروبة ومن المنتظر أن تواجه دول الثورة الشعبية ظروفاً صعبة ومعقدة، خصوصاً في مصر نظراً لكثافة سكانها الذين يبلغ عددهم خمسة وثمانين مليوناً، إضافة إلى تفرغ الشارع العربي للعمل الثوري والانصراف عن الإنتاج وتوقف آلة العمل على نحوٍ غير مسبوق.
هذه قراءة في ملفات الثورات العربية بما لها وما عليها إلى جانب الإشارات المختلفة التي ترسلها كل منها الى دول التخوم وتتأثر بها عواصم الجوار بحيث أصبحت تشكل موضوعاً للبحث ومادة للدراسة بل ومبرراً للتنبؤ السياسي تجاه مستقبل يبدو أكثر إشراقاً من بعيد ولكنه لا يبدو كذلك عن قرب!
* كاتب مصري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.