قال ناشطون وشهود إن الحملة الامنية التي شنتها قوى الامن السورية خلال الثماني والاربعين ساعة الماضية، تُعَدّ الأعنفَ في ما يتعلق ب «تقطيع أوصال المدن» وحصار المراكز التي يخرج منها المحتجون، مثل المساجد، والاعتقالات العشوائية الواسعة، إضافة الى تحليق طائرات عسكرية لساعات فوق مدينة دير الزور لمنع خروج احتجاجات كبيرة على غرار الاسبوع الماضي. وأوضح الناشطون ان حملة قوى الامن والجيش أدت إلى مقتل 9 مدنيين على الاقل امس وليل اول من امس، متحدثين عن مقتل شابين في اللاذقية ودرعا خلال اطلاق نار امس على المحتجين في جمعة «صمتكم يقتلنا»، ومقتل اثنين في الزبداني في ريف دمشق، و5 مدنيين في دير الزور في عمليات امنية ليل اول من امس، بينما قال شهود إن مصادمات اندلعت خلال الليل بين افراد المخابرات الحربية وسكان في دير الزور عقب مقتل المحتجين الخمسة. ورغم اجراءات التضييق الامني، قال المرصد السوري لحقوق الانسان إن «اكثر من 500 الف شخص شاركوا في التظاهرة التي جرت في ساحة العاصي وسط مدينة حماة» أمس، مشيراً الى ان «الشيخ الذي أَمَّ الصلاة في الساحة، دعا الى رحيل النظام الذي يحكم سورية منذ 41 عاماً، والى نبذ الطائفية والتمسك بالوحدة الوطنية». اما في دير الزور، فأشار المرصد السوري إلى «اربع طائرات تحوم فوق المتظاهرين، الذين قُدِّر عددهم بنحو 50 ألف مشارك في المدينة، التي شهدت اول من امس وامس حملةً امنية قتل فيها 5 مدنيين على الاقل. وقال رئيس الرابطة السورية لحقوق الانسان عبد الكريم الريحاوي، إن «آلاف المتظاهرين خرجوا في مدينة دير الزور وهم يهتفون «الموت لا المذلة»، وينادون بشعارات نصرةً للشهداء الذين سقطوا» ليل أول من امس، وبينهم طفل قُتل برصاص قوات الامن. وأضاف الريحاوي أن «تظاهرات جرت في البوكمال (شرق) وريف دمشق نصرة لدير الزور». كما ذكر المرصد السوري أن «قوات الأمن التي يفوق عددها أعداد المتظاهرين فرَّقت بعنف مفرط تظاهرة في بانياس غرب البلاد، وقامت بملاحقة المتظاهرين داخل الأحياء والأزقة واقتحمت منازلهم». وأشار المرصد الى «تظاهر نحو ثلاثة آلاف شخص في إدلب (شمال غرب البلاد) وريفها، كما المئات في مدينة سراقب في ريف ادلب، رغم التواجد الأمني الكثيف». وقال ناشطون وحقوقيون إن شخصين قُتلا وجُرح آخرون عندما أطلق رجال الامن النار لتفريق تظاهرات مناهضة للنظام في جمعة «صمتكم يقتلنا». وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن، إن «شاباً قتل وجرح آخرون، عندما أطلقت قوات الامن النار بكثافة لتفريق مئات المتظاهرين الذين تجمعوا في ساحة قنينص في اللاذقية» غرب البلاد. وبعيد ذلك، اعلن عبد الرحمن أن «قوات من الجيش السوري دخلت الى حي قنينص وأطلقت قنابل مسيلة للدموع لتفريق اكثر من اربعة آلاف شخص تجمعوا إثر مقتل الشاب». من جهة أخرى، أكد عبد الكريم الريحاوي مقتل شاب عندما اطلق رجال الامن النار لتفريق تظاهرة في درعا». وأشار الى ان «قوات الامن فرضت حصاراً أمنياً كثيفاً في مدينة انخل في ريف درعا، وفرضت حظراً للتجول بين الساعة العاشرة (7:00 تغ) والثالثة (12:00 تغ)». ولفت الى انها «منعت المصلين دون الخمسين من العمر من دخول المسجد وأداء الصلاة، كما منعت إدخال الهواتف النقالة، وبخاصة المزوَّدة كاميرات، الى المساجد». اما في حمص، فتحدث عن «تظاهرات جرت في عدة أحياء من حمص، رغم الحصار وتقطيع أوصال المدينة، وبخاصة في بابا عمرو والوعر والخالدية والبياضة وباب تدمر والإنشاءات وحي الخضر والغوطة والميدان، بالإضافة الى الرستن (ريف حمص)»، مشيراً الى تعرض المتظاهرين في حي كرم الشامي في حمص لإطلاق نار كثيف من قبل قوات الامن. وفي ريف دمشق، أوضح الريحاوي ان «قوات الامن اطلقت النار بكثافة على تظاهرة شارك فيها الآلاف في حرستا، ما اوقع اكثر من 15 جريحاً بين المتظاهرين»، كما ذكر المرصد السوري أن «نحو خمسة آلاف متظاهر خرجوا في عربين، ونحو خمسة آلاف متظاهر في كناكر، والمئات في الزبداني هاتفين للشهداء، وتظاهرة أخرى في داريا هجمت عليها قوات الامن وعناصر من الشبيحة لتفريقها». وتابع أن «الآلاف خرجوا في الزبداني وهم يهتفون للشهداء» الذين سقطوا ليل اول امس اثناء عمليات مداهمة قام بها الأمن، كما جرت تظاهرات في الكسوة ومضايا والمعضمية ودوما وقارة والحجر الاسود وجديدة عرطوز، بالإضافة الى حي برزة والقابون والميدان في العاصمة، حسبما ذكر المصدر نفسه. وفي المنطقة الشرقية، التي يغلب على سكانها الأكراد، ذكر عضو المنظمة السورية لحقوق الانسان (سواسية) حسن برو، ان «تظاهرات جرت في عدة مدن اضطر المشاركون فيها الى فضها بعد ان قام متظاهرون ينتمون الى حزب العمال الكردستاني (المحظور) برفع اعلام كردية وصور لزعيم الحزب عبد الله أوجلان». واوضح الناشط أن «ألف شخص تجمعوا في مدينة راس العين الحدودية (شمال)، إلا أن انصار من حزب العمل الكردستاني رفعوا أعلاماً خاصة بهم، ما اضطر المتظاهرين للانسحاب والتجمع في مكان آخر». وفي القامشلي (شمال شرق) «حدث انقسام كذلك في تظاهرة انطلقت من جامع قاسمو». وقال برو إن «انصار حزب العمال الكردستاني رفعوا اعلامهم ليضفوا الصبغة الكردية على المسيرة، فتوقف المشاركون، ومنهم احزاب كردية، عن المسير لخلق مسافة تفصلهم عن انصار الحزب الكردستاني». وأشار الى ان «الامر تكرر كذلك في تظاهرة جرت في الدرباسية وشارك فيها نحو ألفي شخص غيَّروا مسارهم نحو جنوبالمدينة تفادياً للمشاركة مع انصار حزب العمال الكردستاني». وكان المرصد السوري قد تحدث عن سقوط ستة قتلى ليل اول من امس في حملات مداهمة واعتقال لقوات الامن والجيش السوري في سهل الزبداني ودير الزور. وقال المرصد السوري إن طفلا توفي متأثراً بجروح أصيب بها، ما يرفع عدد القتلى الى 5 سقطوا برصاص قوات الامن خلال حملة نفذتها في دير الزور. وأضاف ان الحملة التي اسفرت عن سقوط 12 جريحاً أيضاً، جرت «في أحياء عدة من هذه المدينة التي شهدت على الاثر تظاهرة كبرى تنديداً بإطلاق النار». وكانت حصيلة سابقة أشارت الى مقتل ثلاثة اشخاص وجرح ستة بينهم فتى في ال13 من العمر وامرأة في دير الزور. وأوضح ان قوات الامن عمدت خلال قيامها بحملات امنية في أحياء عدة من البلدة، الى اطلاق النار بغزارة في حيي «الحويقة» و «الستة إلاّ ربع»، حيث «تصدى لها الأهالي بإقامة متاريس وحواجز لمنعها من التقدم». وأضاف أن «إطلاق النار استمر إلى حين سقوط الضحايا قرابة الساعة 17:30 تغ». وتابع أنه «على الأثر، نزل حوالى ثلاثة آلاف شخص من ابناء المدينة الى الشوارع وتجمعوا امام منزل المحافظ الجديد سمير عثمان الشيخ، حيث تظاهروا احتجاجاً على سقوط القتيل». وأضاف: «انتشرت ثلاث دبابات في ساحة الحدادة، وهناك حالة غضب شديد تعم أحياء المدينة». وتابع أنه ليل الخميس-الجمعة قصفت دبابات الجيش السوري حيي الحويقة والجورة في دير الزور. وأكد عبد الرحمن ان المرصد السوري لحقوق الانسان «يستنكر ويدين مقتل المتظاهرين»، محذراً المحافظ الجديد من ان «دير الزور ليست سجن عدرا المركزي في دمشق، الذي كان المحافظ الجديد مديراً له قبل تعيينه محافظاً». وكان مدير المرصد أعلن لوكالة فرانس برس في وقت سابق، أن «قوات الامن السورية قامت بعمليات مداهمة في عدة احياء من مدينة دير الزور، منها الجورة والحميدية والحويقة والجبلية والعمال، وتصدى لها الأهالي بإقامة حواجز»، مشيراً الى ان «هذه الحملات لم تثمر الا عن اعتقال شخصين». وأضاف أن «النشطاء اعتبروا ذلك استعراضاً للمحافظ الجديد» الذي تم تعيينه بعد ان شهدت هذه المدينة الجمعة تظاهرة ضخمة شارك فيها اكثر من 550 ألف شخص بحسب ناشطين حقوقيين. وبحسب عبد الرحمن، فإن دير الزور «تشهد يومياً اعتصامات مسائية في ساحة الباسل التي أطلق عليها المحتجون اسم ساحة التحرير». كما أفاد المرصد السوري أن «مواطنين اثنين استشهدا وجرح خمسة آخرون إثر العمليات الامنية والعسكرية التي نفذتها القوات السورية في سهل الزبداني». وأضاف ان «قوات الامن السورية نفذت حملة مداهمات واعتقالات امس في حي جوبر (شمال شرق دمشق)»، حيث أوقفت «إمام مسجد تخرج منه التظاهرات كل يوم جمعة و15 شخصاً آخرين تمكن المرصد من الحصول على اسماء سبعة منهم». من جهة اخرى، ذكر المرصد ان «الاتصالات وخدمة الإنترنت قطعت عن حي القدم (جنوبدمشق) فجر امس، وسمع اطلاق نار كثيف بعد توجه قوات الامن إلى الحي الذي شهد مساء امس تظاهرة مطالِبة بإسقاط النظام». كما «نفذت الاجهزة الامنية حملة مداهمات في حي ركن الدين»، حيث أقامت حاجزين على المداخل الاساسية للحي، حسب المرصد. وقال المرصد إن «التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام تواصلت في مدينة حرستا، حيث خرجت تظاهرة مسائية بعد صلاة العشاء وجابت بعض شوارع المدينة». وأضاف ان التظاهرة توجهت بعد ذلك الى «خيمة عزاء الشهيد محمود طه قاسم الذي قتل برصاص حاجز امني يوم الثلاثاء الماضي». وتابع أن «الاجهزة الامنية نفذت في منطقة جسر الشغور (شمال غرب) حملة مداهمات واسعة اعتقلت خلالها 14 مواطناً وصادرت عشرات الدراجات النارية في قرية البشيرية»، كما «اعتقلت ستة مواطنين في قرية الكستن التحتاني» في المنطقة نفسها، حسب المصدر. وعلى الساحل السوري، أفاد ناشط في اتصال هاتفي مع فرانس برس، أن إطلاق نار كثيفاً سمع ليل الخميس الجمعة في سائر أرجاء اللاذقية تخلله إطلاق قنابل صوتية. وكان ناشطون قد دعوا إلى التظاهر في جمعة «صمتكم يقتلنا»، في إشارة الى صمت العالم عما يجري في سورية. وقال الناشطون على صفحة «الثورة السورية» على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك: «أين أنتم يا أحرار العالم»، بينما كتبت صفحة «الغضب السوري» من جهتها: «يكفي صمتاً... صمتكم رصاص في صدورنا».