جنيف، روما - رويترز، أ ف ب - تترك أمهات صوماليات يائسات أطفالهن المحتضرين جوعاً على جوانب الطرق ليلقوا حتفهم، بينما تواصلن طريقهن إلى مراكز غذائية طارئة في شرق أفريقيا الذي يجتاحه الجفاف، في ظاهرة أطلق عليها مسؤولو الإغاثة في الأممالمتحدة تسمية «مجاعة الأطفال». والجفاف المتفشي في القرن الأفريقي، وهو الأسوأ منذ 60 سنة، أسفر عن عشرات آلاف القتلى ويهدد 12 مليوناً في الصومال وكينيا وأثيوبيا وجيبوتي والسودان وأوغندا. والوضع حرج جداً في الصومال حيث أعلنت الأممالمتحدة المجاعة رسمياً في منطقتين جنوبيتين يسيطر عليهما الإسلاميون الشباب الذين يمنعون وصول بعض المنظمات الإنسانية إليهما. ويصل إلى العاصمة الصومالية مقديشو نحو ألف نازح يومياً، بينما عقد في روما أول من أمس اجتماع لمناقشة هذا الأمر وإقرار مساعدات طارئة، على أن يعقد اليوم اجتماع للمانحين في نيروبي، للوقوف عند آخر التطورات على صعيد الحاجات والمبالغ التي تم تحصيلها. ووصل حوالى 40 ألف شخص إلى مقديشو منذ بداية الشهر الجاري، هرباً من الجوع وبحثاً عن الغذاء والماء، وفق ما أعلنت الناطقة باسم مفوضية الأممالمتحدة للاجئين فيفيان تان. ووفق المفوضية، فإن حوالى ألف شخص من النازحين بسبب المجاعة يصلون يومياً إلى العاصمة الصومالية حيث مخزون الغذاء لا يكفي. وأوضحت أن «هذا الأمر يسبب تدافعاً خطيراً وعمليات نهب... نتيجة لذلك يجد الكثير من الأشخاص بين الأكثر ضعفاً والأكثر تعرضاً للأذى، أنفسهم صفر اليدين على رغم كل الجهود التي تبذلها الوكالات الإنسانية والجمعيات الخيرية». مؤتمر روما وفي روما حيث التقى وزراء ومسؤولون كبار في مقر منظمة الأغذية والزراعة (فاو) التابعة للأمم المتحدة، أعلنت المديرة التنفيذية ل «برنامج الأغذية العالمي» التابع للأمم المتحدة جوزيت شيران إن «مزيجاً مميتاً من كارثة طبيعية وصراع إقليمي أحدث وضعاً طارئاً يؤثر في 12 مليون شخص». وقالت: «نرى كل المراكز القادرة على توزيع الطعام، عاجزة عن تلبية الحاجات تماماً... طعامنا غير كاف لذلك ننقل جواً مزيداً من إمدادات إنقاذ الحياة». وتابعت: «نريد أن نتأكد من أن الإمدادات هناك (موجودة) على طول الطريق، لأن بعضها يصبح طرقاً للموت حيث تضطر الأمهات لترك أطفالهن الذين لا يستطيعون مواصلة السير لضعفهم الشديد أو الذين ماتوا في الطريق»، مؤكدة أن «النساء والأطفال هم الأكثر تأثراً بالأزمة». ووصفتها بأنها «مجاعة الأطفال» نظراً إلى عدد الأطفال الذين يواجهون خطر الموت أو الإصابة بأضرار عقلية وبدنية دائمة بسبب الجوع. وأضافت شيران: «برنامج الأغذية العالمي سيطعم 2.5 مليون طفل يعانون من سوء التغذية ويحاول جمع أموال لإطعام المزيد». وقالت في تصريح إلى وكالة «رويترز»: «أنها مجاعة أطفال لأنهم الفئة الأضعف، ونرى أن فرصهم أقلّ في اجتياز المحنة. سمعنا عن نساء يقدمن على خيارات فظيعة بترك هؤلاء الاطفال الأضعف وراء ظهورهن لانقاذ الأقوى وإلا مات الأطفال بين أيديهن». وأعلن «برنامج الاغذية العالمي» إنه في حاجة إلى أموال عاجلة تبلغ 360 مليون دولار، بينما أشارت منظمة «اوكسفام» الخيرية إلى أن هناك حاجة لنحو بليون دولار أخرى للتعامل مع الوضع. وقدّم البنك الدولي أكثر من 500 مليون دولار لمساعدة ضحايا الجفاف، إضافة إلى معونات فورية بقيمة 12 مليون دولار لمساعدة الأشخاص الأشد تضرراً. ووسط تأكيدات على ضرورة القيام بتحرك عاجل لمنع انتشار الكارثة الإنسانية في منطقة القرن الأفريقي، قال مسؤولون إن الفرصة مازالت سانحة لدعم الناس ومساعدتهم على استئناف حياتهم كمزارعين وصيادين ورعاة. وكان نائب رئيس الوزراء الصومالي محمد إبراهيم قال إن «شعب الصومال يائس. أوجه نداء لتساعدوا الصومال على فتح ممرات إنسانية لنقل المساعدة الغذائية». وتمت الدعوة إلى الاجتماع من «فاو» بطلب من فرنسا التي تترأس الدورة الحالية لمجموعة العشرين. وأعلن وزير الزراعة الفرنسي برونو لومير أن «المجتمع الدولي فشل في ضمان الأمن الغذائي» داعياً «الجميع إلى إعادة الاستثمار في الزراعة العالمية». وحذر قائلاً: «إذا لم نتخذ الإجراءات الضرورية فإن الجوع سيكون فضيحة القرن»، مشيراً في الوقت ذاته إلى انه «يقيس تماماً حالة التعب لدى مجموع الرأي العام ومحاولة الاستسلام واللامبالاة». وقبل افتتاح أعمال الاجتماع، طالب نحو ثلاثين شخصية بينهم المغني بوب غيلدوف الذي احدث حال تعبئة عالمية ضد الجوع خلال التسعينات مع حملته «باند ايد»، بأن تبادر الدول الأعضاء في الفاو إلى «الإعلان عن قيمة مساعداتها وتأمين هذا المبلغ من دون تأخير ولا تحوير ولا التباس».