كشفت «أزمة الانتخابات» المفتوحة التي تشهدها ايران بوادر انقسام متزايدة في دوائر المؤسسة الدينية الحاكمة التي لم تستطع اتخاذ موقف موحد من الخلاف على نتائج الاقتراع الرئاسي، في حين بدا ان المؤسسة العسكرية الامنية تنتظر الاشارة للاضطلاع بدورها في انهاء الاحتجاجات وسط تزايد الاعتقالات والملاحقات. وخلافاً للانتخابات السابقة، لم يهنئ عدد من كبار رجال الدين نجاد على فوزه. وانتقدت وكالة أنباء «بورنا» الإيرانية، التابعة ل «المنظمة الوطنية للشبيبة»، هؤلاء، متسائلة عما اذا كانت «الأصوات ال24 مليوناً التي نالها الرئيس، لم تكن مهمة كفاية كي يرسلوا رسالة تهنئة؟». وأضافت الوكالة الممولة من وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية «إرنا»: «ماذا يعني هذا الصمت؟ ايها الأعزاء اعطونا تفسيراً لصمتكم، قبل ان يفعل آخرون ذلك». ومنع القضاء امس اثنين من أبناء الرئيس السابق هاشمي رفسنجاني من السفر، فيما اشارت تقارير الى اعتقال رئيس «حركة الحرية» المحظورة إبراهيم يزدي الذي شغل منصب وزير الخارجية في اول حكومة بعد الثورة. وأفادت وكالة انباء «فارس» أن القضاء منع فايزة ابنة رفسنجاني وابنه مهدي هاشمي من مغادرة الأراضي الإيرانية. ونقلت الوكالة عن مصدر قوله: «ثَبُت دورهما في التحريض وتنظيم التظاهرات غير القانونية والتوتر وأعمال التدمير الأخيرة». وكانت فايزة ألقت كلمة امام انصار موسوي الذين تجمعوا قرب مبنى التلفزيون في طهران الثلثاء الماضي. وأوضحت الوكالة أن حوالى 300 شخص تظاهروا امام مكتب المدعي العام لطهران امس، داعين الى القاء القبض على فايزة ومهدي. وطالب «تجمع الاتحاد الطالبي» المتشدد القريب من الرئيس محمود أحمدي نجاد، باعتقالهما لتورطهما في «اعمال العنف الأخيرة». جاء ذلك في وقت انضم حزب «كاركزاران سازندكي» المقرب من رفسنجاني، الى الأصوات الداعية الى تشكيل لجنة تقصٍ للحقائق للنظر في العملية الانتخابية. وشارك المرشح الرئاسي مير حسين موسوي امس في تظاهرة حاشدة لانصاره في طهران حداداً على سبعة اشخاص قتلوا خلال الاحتجاجات، وطلبت «جمعية رجال الدين المناضلين» الإصلاحية تصريحاً من الشرطة لتنظيم مسيرة غداً، يشارك فيها الرئيس السابق محمد خاتمي ويلقي موسوي خطاباً خلالها. ووجه الرجلان رسالة الى رئيس السلطة القضائية محمود هاشمي شهرودي، طالبا فيها بوقف «أعمال العنف الاستفزازية» وإطلاق المعتقلين. وخطب موسوي في الحشد، وكان يرتدي قميصاً اسود، على غرار المحتجين الذين رفعوا صوراً للضحايا تغطي الدماء وجوه بعضهم، ويبدو انها التقطت بعد وفاتهم. وحمل المتظاهرون يافطات تدعو الى البقاء في المنازل اليوم، عندما يؤم مرشد الجمهورية الاسلامية علي خامنئي المصلين في جامعة طهران، على ان يتجمعوا مجدداً في العاصمة الايرانية غداً. وكانت قوات متطوعي «الحرس الثوري» (الباسيج)، دعت اعضاءها الى المشاركة في الصلاة. ونقلت وكالة «اسوشيتدبرس» عن محللين قولهم انه طالما اقتصرت الاحتجاجات على نتائج الانتخابات فان السلطات لن تلجأ الى استخدام القوة المفرطة، لكن في حال بدأت التظاهرات تطرح تساؤلات عن شرعية النظام نفسه، عندها لن يتردد خامنئي في اللجوء الى الحرس الثوري والميليشيات الموازية له. في غضون ذلك، دعا مجلس صيانة الدستور المرشحين الخاسرين الثلاثة مير حسين موسوي ومهدي كروبي ومحسن رضائي الى اجتماع غداً لمناقشة 646 مخالفة سجلوها خلال الاقتراع. وعشية خطبة خامنئي، أعلنت وزارة الاستخبارات اكتشاف مجموعات إرهابية عدة مرتبطة بأعداء ايران، وبينهم اسرائيل. وأوضحت الوزارة في بيان أوردته هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية: «كان أعضاء احدى الشبكات التي اكتُشفت، يخططون لزرع قنابل يوم الانتخابات في مواقع مزدحمة مختلفة في طهران، بينها مسجدا ارشد والنبي»، في اشارة الى مسجدين بارزين في العاصمة. وأضافت ان المخطط اكتشف يوم الانتخابات، وان المتورطين اعترفوا بأنهم لهم اتصالات بالأميركيين في العراق. في جنيف، دعت المحامية الإيرانية شيرين عبادي الحائزة على جائزة نوبل للسلام العام 2003، الى اعتبار نتائج الانتخابات «لاغية»، وإعادة الاقتراع. وأصدرت السفارة الإيرانية في بروكسيل بياناً امس، اعتبرت فيه ان «الدعم الأجنبي لمثيري الاضطرابات وللفوضويين تحت ستار دعم الديموقراطيين وأصوات الشعب الإيراني، يطرح اسئلة ولا يمكن تبريرها». جاء ذلك في وقت نفت واشنطن اتهام طهران لها ب «التدخل» في شؤونها الداخلية، مؤكدة عزمها مواصلة «إبداء القلق» حيال ما يجري في ايران.