صعَّد المعتصمون في ميدان التحرير في القاهرة من احتجاجهم ضد الجيش وتظاهروا للمرة الأولى أمام مقر وزارة الدفاع في ضاحية كوبري القبة بعدما نجحت مجموعات منهم في الوصول إلى مقر الوزارة بعد محاولات عدة بدأت ليل أول من أمس وتصدى لها الجيش عبر إطلاق أعيرة نارية في الهواء لتفريقهم. وافادت وكالة «رويترز» ان 12 شخصا على الأقل اصيبوا خلال مسيرة شارك فيها آلاف المتظاهرين قرب مقر المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وأطلقت الشرطة العسكرية عيارات نارية في الهواء بينما تعرض النشطاء للرشق بالحجارة. ونقلت الوكالة عن شاهد عيان إن مجهولين رشقوا المتظاهرين بالحجارة بينما منعتهم قوات الجيش من التقدم إلى مقر المجلس. وأضاف الشاهد: «أرى الدماء تسيل من جباههم. وزملاؤهم يحاولون إسعافهم... المحتجون يهتفون بلطجية بلطجية»، في إشارة إلى مهاجميهم. وقال الشاهد إن سيارة إسهاف نقلت مصابين تبدو خالاتهم خطيرة، بينهم امرأتان. وأضاف أن طائرة هليكوبتر تبدو تابعة للجيش تصور تحوم فوق ميدان العباسية الذي تدرو فيه الأحداث. وكان المشاركون في المسيرة التي قطعت عدة كيلومترات هتفوا «عيش... حرية... عدالة اجتماعية» و»هنفكه (سنفكه) هنحله.. حنشيل المجلس كله»، في إشارة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة. كما هتفوا «يسقط يسقط حكم العسكر... احنا الشعب الخط الأحمر» و»طامة واحدة وغيرها مفيش السياسة مش للجيش» و»يسقط يسقط المشير» في إشارة إلى المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة و»يجيب حقهم يا نموت زيهم» في إشارة إلى أكثر من 840 متظاهرا قتلوا خلال الانتفاضة الشعبية التي أسقطت الرئيس السابق حسني مبارك في شباط (فبراير) الماضي. وكان طنطاوي وجه رسائل إلى مختلف القوى السياسية تعهد فيها ببناء «دولة مدنية ديموقراطية»، في محاولة واضحة لطمأنة القوى المتخوفة من تحوّل البلاد إلى دولة دينية على خلفية الصعود اللافت للإسلاميين. وشدد طنطاوي، في كلمة ألقاها أمس لمناسبة ذكرى «ثورة 23 يوليو»، على ضرورة «تماسك الجبهة الداخلية» للبلاد، وذلك بعد انشقاقات وخلافات بين الثوار أنفسهم من جهة وبين قطاع منهم والجيش من جهة أخرى. وأطرى طنطاوي كثيراً على شباب «ثورة 25 يناير» التي أطاحت نظام مبارك، مشدداً على مساندة الجيش لها. وقال إن تماسك الجبهة الداخلية وصلابتها «ضرورة وطنية»، مشدداً على الالتفاف حول هدف واحد وهو أن «مصر أولاً»، في رد منه على الخلاف بين قوى الثورة على «الدستور أولاً» أم «الانتخابات أولاً». وأكد العزم في المضي قدماً في بناء مصر «دولة مدنية حديثة». وكانت مصر عاشت مساء أول من أمس ليلا متوترة على خلفية اشتباكات متفرقة بين شباب غاضبين وقوات في الجيش في محافظات مختلفة، إذ توجه متظاهرون إلى المناطق العسكرية في محافظتي الاسكندرية والسويس وسعوا إلى الوصول إلى مقر وزارة الدفاع في القاهرة من أجل الاعتصام أمامها لكن الجيش منعهم واتهم حركة شباب «6 أبريل» بمحاولة الوقيعة بين الشعب والجيش، وهو ما نفته الحركة وردت بتنظيم مسيرة حاشدة أمس إلى مقر الوزارة، غير أن الأهالي في منطقة العباسية القريبة من الوزارة شكلوا حاجزاً بين المتظاهرين وقوات الجيش التي كانت متمركزة بالقرب من مقر الوزارة. وجاء ذلك في وقت خيّمت حال من التوتر بين الإسلاميين من جهة والليبراليين من جهة أخرى، وتصاعدت مخاوف من حصول اشتباكات بين الطرفين في حال أصر الإسلاميون على التظاهر يوم الجمعة في ميدان التحرير حيث يعتصم مناصرو الطرف الآخر. وأُفيد بأن اتصالات تجري بين الطرفين من أجل تجنب نقل الخلافات إلى الشارع ومحاولة السيطرة عليها. وأعلنت جماعة «الإخوان المسلمين»، أمس، مشاركتها فى تظاهرات الجمعة المقبلة لإعلان رفضها «المبادئ فوق الدستورية» التي تطالب بها قوى ليبرالية والتي أعلن المجلس العسكري اعتزامه تبنيها في إعلان دستوري جديد. وطالبت الجماعة المجلس العسكري بأن يحدد موقفه من هذه القضية وأن يعلنه على الملأ. وقالت الجماعة في بيان: «إن إعلان المجلس العسكري رفض مسلك هذه الفئة وامتثاله لإرادة الشعب واحترام الدستور من شأنه أن يهدئ النفوس ويطمئن الناس ويزيل اللبس والاحتقان، وفى هذه الحالة فإن الإخوان سينزلون إلى الميادين لدعم هذا التوجه، والدعوة إلى الاستقرار، وإتاحة الفرصة للوزارة لتلبية المطالب الشعبية». واستنكرت جماعة الإخوان «المحاولات المشبوهة للوقيعة بين الجيش والشعب ومحاولة الاعتداء على مقرات الجيش والصدام معه من قلة لا ندري بواعثهم». وقال منظِّر «الجماعة الإسلامية» عضو مجلس الشورى الدكتور ناجح إبراهيم ل «الحياة»: «إن استهداف بعض المتظاهرين للمؤسسة العسكرية في ثكناتها شيء عجيب ومخطط... المناطق العسكرية لا علاقة لها بالسياسة وبالتالي التظاهر أمامها محاولة لجرِّ الجيش إلى صدام مع المتظاهرين كبداية لإسقاط المؤسسة العسكرية وتدمير البلد». وأضاف: «ننسق لتنظيم مليونية للحركات الإسلامية، لكن حتى الآن لا نعلم كيف ستسير الأمور، هل سيتركون 0الطرف الآخر) الميدان، ولو لم يتركوه هل سيحدث صدام وهل سيتطور إلى أشياء أخرى الله أعلم بمداها... نتمنى أن يغادروا الميدان قبل يوم الجمعة».