أنجز الممثل السوري نضال سيجري، كمخرج هذه المرة، فيلماً تلفزيونياً بعنوان «طعم الليمون» عن فكرة للمخرج حاتم علي، وسيناريو رافي وهبي. الفكرة أساساً تحاكي زيارة النجمة الأميركية أنجيلينا جولي في وقت سابق لسورية للاطلاع على أوضاع اللاجئين العراقيين فيها، وقد غادروا بلادهم لأسباب مختلفة متعلقة بالحرب الأميركية على العراق. لكن سيجري لا يجعل الزيارة «هدفاً» درامياً، بل يجعل منها خلفية للحديث عن لاجئين آخرين، بعضهم من فلسطين، وبعضهم من الجولان السوري المحتل... وبالتأكيد، اللاجئون الأحدث في مسيرات النفي الاختياري والاضطراري عن الأوطان، ويمثلهم هنا خير تمثيل، اللاجئون العراقيون. إن جرى الحديث هنا عن فكرة الفيلم، فسيكون هذا حديثاً نافلاً، لا يمكن مجاراته نقدياً بمصطلحات تساق من هنا وهناك لتغطيه، وتعطيه حقه، سلباً أو إيجاباً، باعتبار أن سيجري ينتقل، ربما لأسباب خاصة به، إلى خلف الكاميرا ليصور أفلامه كمخرج، بعدما برع كممثل، وترك بصمة واضحة، بخاصة في أعماله الدرامية الأخيرة، قبل أن ينال الداء الفتاك من صوته، ويجعله بلا صوت، وإن ظل نضال مبتسماً وقادراً على الضحكة وإطلاق الدعابات، حتى تلك التي لا تحتاج إلى كلمات. ويقيناً أن واحداً مثله لن يبخل بتلوين حياة من يحب، فها هو يستحضر في فيلمه «طعم الليمون» كل مقومات القصة التي بدأت مع احتلال فلسطين وتشتيت أهلها، ليحتفظ بعضهم بمفتاح صدئ لبيته، أو ليحتفظ أحدهم بسكاكر الليمون ليتبادلها الأحفاد الجدد، وينقلون عن الأجداد ذكرياتهم عن ليمون يافا، وإن هذه السكاكر الصفر كناية مستحيلة عنها. هذا متروك بالطبع لقراءة نقدية في الفيلم، ليس هنا مكانها، لكن اللافت في «طعم الليمون»، أنه من إنتاج الهيئة العامة في التلفزيون السوري، وأن القائمين عليه، تعاطوا مع مسألة عرضه عبر صالات سينمائية، كفيلم سينمائي، على رغم إصرار مخرجه على أنه فيلم تلفزيوني، ولم يرفع في كل حواراته سقف المطالبة بضمه إلى الأفلام السينمائية السورية القليلة التي يجري تصويرها بين الفينة والأخرى، بل ظل محافظاً على تسميته هذه من دون أدنى شعور بأن هذا يقلل من حضوره بين المتلقين... وإن عرضه سينمائياً، قد لا يعني أن المخرج يبحث عن تلك الدلالة التي طالما نادى بها مخرجون لم يرتقوا بأفلامهم إلى أن تكون أكثر من مجرد دعابات تلفزيونية، من دون أن يتنازلوا للحظة عن لقب المخرج السينمائي حتى في ظل الإنتاج الشحيح. ما يفعله سيجري، يؤكد اليوم، أن بإمكان المخرج السينمائي أن يتنازل طائعاً عن كرسيه، من دون أن يلوح في الأفق ما يفيد بأنه يتنازل عن مكانته. فالكاميرا الآن، وبعد دخولها الاستراتيجي في نفق التقنيات الرقمية، لم يعد بوسعها التفريق بين الكرسيين. وبالطبع تظل اللغة هي الخصم والحكم في آن.