قال ناشطون وشهود إن قوات الامن السورية شنت مداهمات واسعة في العديد من احياء مدينة حمص، ثالث اكبر المدن في البلاد، في اطار اليوم الرابع من عملية امنية ادت الى مقتل ما لا يقل عن 50 شخصاً حتى الآن. وفيما تحدث الناشطون عن عمليات قتل واعتقالات عشوائية، تحدثت السلطات عن «مسلحين» وعن مصادرة «كميات كبيرة من الاسلحة» في المدينة. في موازاة ذلك شنت قوات الامن السورية المزيد من العمليات في ريف دمشق، حيث اعتقلت العشرات وداهمت احياء بعد قطع الكهرباء والانترنت والتلفونات. وارتفع عدد ضحايا المواجهات المحتدمة في حمص إلى 50 شخصاً على الاقل خلال اربعة ايام من المواجهات الدامية. واتهم ناشطون النظام السوري بالتحريض على العنف الطائفي. إلا ان السلطات تحمل المسؤولية ل «جماعات مسلحة» تنشط في المدينة. وقال شهود وناشطون إن حالة من الهدوء الحذر سادت المدينة التي تحاصرها دبابات الجيش، فيما تشن قوى الامن داخلها عمليات موسعة، خصوصاً خلال ساعات الليل. وأفاد شهود ان الشوارع الرئيسية في المدينة كانت خاوية امس، بسبب تخوف الناس من الخروج، والاضراب العام الذي تشهده حمص. وذكر ناشطون إن عدة احياء شهدت جنازات لمن قتلوا خلال الايام الماضية. وأول من امس قتل سبعة اشخاص في المدينة برصاص ميليشيات موالية للنظام اطلقت النار على مشاركين في مراسم تشييع، لترتفع حصيلة القتلى في هذه المدينة منذ الاثنين إلى 20، وفق ما افاد ناشطون. إضافة الى 30 قتلوا يومي السبت والاحد. وأكدت «لجان تنسيق الثورة» السورية على موقعها الالكتروني ان «سبعة شهداء سقطوا وأصيب اكثر من اربعين شخصاً في حي الخالدية في حمص خلال مراسم تشييع امام مسجد خالد بن الوليد». وأضافت اللجان ان «الميليشيات الموالية للنظام نزلت من سيارتي اسعاف امام المسجد وبدأت بإطلاق النار على الجمع». وتعذر تأكيد هذه الحصيلة لدى ناشطين حقوقيين آخرين. وكتب ناشطون على صفحة «الثورة السورية 2011» على موقع «فايسبوك» ان اطلاق النار يتواصل في اكثر من حي في حمص. وأضافوا ان الاجواء متوترة والميليشيات الموالية للنظام تدخل الاحياء وتطلق النار من دون تمييز لارهاب السكان. وأدت مواجهات غير مسبوقة بين معارضين للنظام ومؤدين له الى سقوط ثلاثين قتيلاً في الساعات ال48 الاخيرة في المدينة التي تضم سنة وشيعة ومسيحيين، كما قال المرصد السوري لحقوق الانسان. واندلعت هذه المواجهات بعد مقتل ثلاثة من مناصري النظام تلقت عائلاتهم السبت جثثهم مقطعة. وقال احد سكان حمص رافضاً كشف هويته ان «مناصرين للنظام هاجموا احياء يقيم فيها معارضون وقاموا بتخريب ونهب متاجر»، متهماً احزاباً ب «زرع بذور الطائفية لحرف الثورة عن هدفها» الديموقراطي. وأكدت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من النظام امس ان الجيش السوري صادر «اسلحة بكميات كبيرة» واوقف مسلحين في المدينة. وقالت الصحيفة إن «هدوءاً حذراً يسود المدينة منذ ظهر امس (الثلثاء) بعد معلومات عن قيام الجيش بعمليات نوعية تمكن خلالها من إلقاء القبض على عدد من المسلحين ومصادرة اسلحة بكميات كبيرة». وأضافت الصحيفة ان «الجيش دخل فجر امس الى عدة مناطق وخاض معارك عنيفة مع المسلحين استمرت حتى الظهر تقريباً اصيب خلالها عدد من الجنود وضابط واحد وفق المعلومات الأولية». وأعلنت الصحيفة من جهة اخرى «استئناف المبادرة والحوار الذي يقوده وجهاء ومشايخ المدينة لنبذ الفتنة وإعادة اللحمة والطمأنينة الى هذه المدينة المعروفة بتسامحها ومحبة أهاليها بعضهم لبعض». وكتب عمار قربي رئيس المنظمة الوطنية لحقوق الانسان ان «سكان حمص نددوا بالشائعات التي اطلقتها احزاب قريبة من النظام عن وقوع مواجهات طائفية. الواقع ان الاجهزة الامنية وعناصر الجيش بلباس مدني هم الذين يهاجمون المدنيين». فيما قال رامي عبدالرحمن، رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان لوكالة فرانس برس ان «السلطات السورية بعد ان فشلت في خلق فتنة طائفية في حمص بسبب وعي الاهالي من كافة الطوائف، نفذت عملياتها العسكرية والامنية». وأضاف: «اكد قيادي معارض وسجين سياسي سابق للمرصد وجود اسماء 30 شخصاً قتلوا السبت والاحد من مختلف الطوائف في حمص وان المرصد يعلن تضامنه مع اهالي حمص في محنتهم». وأوضح ان «هذا الشيء سيفشل مثلما فشل مخطط زرع الفتنة في اللاذقية وجبلة وبانياس في شهر نيسان الماضي عندما اطلق الرصاص على مسجد ابو بكر الصديق»، مضيفاً ان هذا المخطط «فشل الآن فشلاً ذريعاً في حمص». إلى ذلك، اعتقلت السلطات السورية المعارض البارز جورج صبرا ومحامياً من منزليهما كما ذكرت الرابطة السورية لحقوق الإنسان. وقال رئيس الرابطة عبد الكريم الريحاوي «في الساعة الثانية صباحاً اقتحمت قوات الأمن منزل زعيم حزب الشعب الديموقراطي جورج صبرا في بلدة قطنا (قرب دمشق) واعتقلته». وأضاف: «لقد اقتيد إلى جهة غير معلومة». وكان صبرا قد اعتقل قبل ذلك في العاشر من نيسان (أبريل) الماضي مدة شهر خلال الحركة الاحتجاجية على النظام السوري. وفي حلب، ثاني مدن سورية، اعتقل المحامي جمال الطحان من منزله فجر أمس أيضاً. والطحان معارض معروف في مدينته وفق هذه المنظمة غير الحكومية.