أرشح دانا رورباكر للقب أوقح إنسان في العالم، أو أجهل إنسان أو أغبى إنسان. عضو مجلس النواب الأميركي هذا ذهب إلى العراق ضمن وفد ضم ستة نواب قابلوا رئيس الوزراء نوري المالكي، وهو اقترح عليه أن يدفع العراق عندما يصبح قادراً ما تكبدت الولاياتالمتحدة من نفقات على الحرب. وقال رورباكر للصحافيين في السفارة الأميركية بعد المقابلة «نأمل بأن يكون هناك بعض النظر في تسديد بعض الميغادولارات (المبالغ الهائلة) التي أنفقناها في السنوات الثماني الأخيرة». رورباكر يطلب من القتيل أن يدفع أجر الجلاد. إدارة جورج بوش الابن زورت أسباب الحرب على العراق عمداً، ودماء مليون شهيد عراقي على أيدي عصابة الحرب وكل عضو في مجلسي الكونغرس أيد هذه الحرب، وجميع الليكوديين حول الإدارة الذين خدعوا المواطنين الأميركيين بتصوير خطر غير موجود. إدارة بوش، بمساعدة الكونغرس وأعداء السلام من لوبي إسرائيل والليكوديين في الإدارة وحولها أقاموا في العراق نظام حكم طائفياً، وأعطوا الإرهاب عذراً ليعصف بالبلد، وكادوا أن يطلقوا حرباً طائفية، وهم في النهاية سلموا العراق لإيران، فتتلقى حكومته الأوامر من قم. الروح البشرية هي الأهم، وأنا أتحدث هنا عن نصف مليون طفل عراقي ماتوا من المرض أو سوء التغذية خلال الحصار المجرم بعد تحرير الكويت، ومليون عراقي وخمسة آلاف أميركي في غزو العراق لأسباب نفطية وإسرائيلية، ثم يأتي نائب أميركي متخلف إنسانياً، إن لم يكن عقلياً، ويطالب الضحية بدفع ثمن الجريمة. إذا تركنا أرواح البشر لتتحدث الفلوس، فالاحتلال نهب العراق بشهادة مدققي حسابات أميركيين رسميين، ولا سر في هذا إطلاقاً فالموضوع موثَّق، ولا أفعل هنا سوى تذكير القارئ بما نشر، ولم يكن هناك نزاع عليه، فعندما وصل المندوب السامي الأميركي بول بريمر إلى العراق كان هناك ستة بلايين دولار باقية من برنامج النفط مقابل الغذاء، وعشرة بلايين مجمدة بعد استئناف تصدير النفط العراقي، كما أن الكونغرس الأميركي أقر 18.4 بليون دولار لإعادة تعمير العراق. أين هذه الأموال؟ هي اختفت والمحققون الأميركيون بحثوا في أوراق مئة شركة أميركية وبدأوا 69 تحقيقاً جنائياً في سرقة الأموال. وتبين أن سلطة الاحتلال الأميركي احتفظت ب 600 مليون دولار «كاش» وكانت تدفع منها من دون إيصالات. كم مرة يريد رورباكر أن يقتل العراقيون، وكم مرة يريد أن يسرقوا؟ السرقات مسجلة في تقارير رسمية تعود إلى سنوات بريمر في العراق، خصوصاً 2004 و2005، والقتل مستمر، وكذلك سرقة الدخل من نفط العراق، وربما ما كنت عدت إلى كلام رورباكر لولا أن أعضاء الكونغرس الآخرين ينافسونه في الوقاحة. كنت أعتقد أن مرشحي دانا رورباكر أحمق عضو في الكونغرس غير أن الدكتور جيم زغبي، وهو من أنشط المدافعين عن القضايا العربية في الولاياتالمتحدة، قدم مرشحاً آخر هذا الشهر هو السناتور مارك كيرك الذي اقترح أن تستعمل أميركا قوتها العسكرية لمساندة إسرائيل في منع دعاة السلام من كسر حصار غزة. وقال جيم إن السناتور نسي أن بين دعاة السلام أميركيين كثيرين، وأقول أنا إن أمثال كيرك هم الذين جعلوا الولاياتالمتحدة أكثر بلد مكروه في العالم بعد أن كانت قدوة لنا جميعاً، ورائدة في حقوق الإنسان. الواقع أن مجلس الشيوخ كله يستحق جائزة في الحمق، لأن الأعضاء إن لم يكونوا حمقى فهم عملاء لإسرائيل ضد بلادهم ومصالحهم، ويصبح اتهامهم بالغباء مخرجاً لهم. مجلس الشيوخ صوّت بالإجماع هذا الشهر على طلب أن تقاوم الإدارة إعلان الفلسطينيين دولتهم المستقلة بكل الوسائل، مع تهديد السلطة الوطنية بوقف المساعدات. المساعدات للفلسطينيين نقطة في بحر السرقة الدائمة والهائلة لأموال دافعي الضرائب الأميركيين التي تمارسها إسرائيل بدعم أعضاء الكونغرس. والموقف الأميركي الذي يطلبه الأعضاء يعني انتفاضة ثالثة ورابعة وعاشرة حتى تقوم الدولة الفلسطينية. الكونغرس أيضاً عارض المصالحة بين حماس وفتح، وأقول إن حماس أفضل ألف مرة من العنصريين أعضاء حكومة إسرائيل، أو ليكود وشاس وإسرائيل بيتنا، فهؤلاء عصابات جريمة وليسوا أحزاباً سياسية. وكان هناك بيان من بضعة عشر عضواً في مجلس الشيوخ وحوالى 60 نائباً يعلن تأييداً كاملاً لإسرائيل ضد أسطول السلام، أي تأييد دولة إرهاب عنصرية ضد دعاة سلام، أقول مرة أخرى إن بينهم أميركيين، وهذا بعد أن كان المجلسان أديا فروض الطاعة لمؤتمر لوبي إسرائيل (إيباك). النواب الأميركيون ضحوا بألوف من شباب أميركا في حروب إسرائيل، والتضحية بعشرين أميركياً آخر هيّنة بالمقارنة. هم والجيش الإسرائيلي والمستوطنون أعداء السلام. [email protected]