اختتمت إيران والولايات المتحدة في جنيف أمس، محادثات رسمية ومباشرة تُعتبر سابقة. لكن محاولات الجانبين تذليل خلافات تعرقل إبرام اتفاق نهائي يطوي الملف النووي الإيراني، «تصطدم بحائط» مسألة تخصيب اليورانيوم، إذ أعلنت فرنسا أن طهران تريد تشغيل «مئات الآلاف» من أجهزة الطرد المركزي. وسيُجري الوفد الإيراني محادثات في جنيف اليوم مع فرنسا، ثم مع روسيا في روما غداً، قبل لقائه مبعوثاً ألمانياً في طهران الأحد المقبل، عشية جولة مفاوضات على مستوى وزاري بين إيران والدول الست المعنية بملفها النووي (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) في فيينا بين 16 و20 من الشهر الجاري. ويسعى الجانبان إلى بدء صوغ اتفاق نهائي يطوي الملف، علماً أن اتفاق جنيف الذي أبرمه الطرفان في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حدّد 20 تموز (يوليو) المقبل موعداً لإنجاز ذلك. وأشارت الناطقة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف إلى أن المحادثات بين الوفدين الأميركي والإيراني في فندق الرئيس ويلسون على الضفة الشمالية لبحيرة ليمان، أُبقِيت سرية لمنح المفاوضين «أفضل فرصة للنجاح». وعقد الجانبان جلستين أمس، بعد محادثات استمرت 5 ساعات الإثنين، في حضور هيلغا شميد، مساعدة وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون. وقال عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، إن المفاوضات أمس تمّت في «أجواء إيجابية». لكنه اضاف أن «من المبكّر جداً إصدار حكم» في شأن احتمال حاجة المتفاوضين إلى وقت إضافي لإبرام اتفاق. وأضاف أن «كل الأطراف ملتزمين جدياً هدف» التوصل إلى اتفاق بحلول 20 تموز، مستدركاً: «إذا كنا نستطيع فعل ذلك أو لا، هو أمر آخر». في أنقرة، اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني أن بلاده «أثبتت أنها تنفّذ برنامجاً نووياً لغايات سلمية»، مضيفاً أنها «ستقوم بكل ما في وسعها للتوصل إلى اتفاق نهائي مع الدول الست». وكرر ان «إيران مستعدة للجلوس إلى طاولة المحادثات من أجل التوصل إلى تسوية، واعتمدت هذا الخيار عبر توقيعها اتفاق جنيف» مع الدول الست. أما رئيس مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني علي لاريجاني فأقرّ بوجود «آراء مختلفة في البرلمان» في شأن المفاوضات، لكن «المجلس يدعم عموماً الطريق المتّبع في المحادثات النووية، عبر البقاء في إطار حماية حقوق الإيرانيين والإنجازات السلمية للعلماء». في موازاة ذلك، بدا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس متشائماً إزاء نتيجة المفاوضات، قائلاً: «ما زلنا نصطدم بحائط في شأن نقطة جوهرية جداً، هي عدد أجهزة الطرد المركزي» التي تنوي طهران تشغليها، علماً أنها تملك الآن حوالى 19 ألفاً منها، تشغّل نصفها تقريباً. ولاحظ انه «في إمكان (الإيرانيين) امتلاك مئات من أجهزة الطرد المركزي، لكن موقفهم الآن أنهم يريدون مئات الآلاف منها. لسنا على الخط نفسه إطلاقاً، ولا معنى لرغبتهم في الحصول على مئات الآلاف من تلك الأجهزة، إذا كانوا لا يريدون تطوير قنبلة ذرية». وتابع: «أحرزنا تقدّماً في ما يتعلق بنقاط فنية معينة. يمكن الإيرانيين امتلاك طاقة نووية مدنية، أما القنبلة فلا، إذ للأمر عواقب مأسوية على المنطقة بأسرها. وعلى الإيرانيين أن يقبلوا نبذ السلاح النووي، والمحادثات هدفها اختبارهم». وكانت هارف أشارت إلى «تقدّم ليس كافياً» في مفاوضات جنيف، مضيفة: «لم نشهد مقداراً كافياً من الواقعية» من الإيرانيين. وتابعت: «نعلم أن الوقت المتبقي ليس كبيراً، لذلك أشرنا إلى تكثيف الجهود الديبلوماسية. لا بد من اتخاذ قرارات صعبة، لكننا مركّزون جداً على موعد 20 تموز».