بدا أمس أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الخارجي (موساد) ضرب مجدداً، لكن هذه المرة في كوالالمبور الماليزية، حيث اغتال مسلحون فجر أمس الأكاديمي والمحاضر الجامعي الفلسطيني فادي محمد البطش (35 عاماً)، من بلدة جباليا شمال قطاع غزة، في عملية ذكّرت باغتيال محمد الزواري في تونس، وقبله محمود المبحوح في دبي. وعزز فرضية تورط «موساد» في الهجوم، إعلان القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أن البطش خبير في تصنيع طائرات من دون طيار (درون) وتدرب في ماليزيا. وفيما وجهت عائلة البطش أصابع الاتهام إلى «موساد»، اعتبرت حركة «حماس» أن «يد الغدر» اغتالت البطش، واتهمت على لسان رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية «موساد» باغتياله. وقُتل البطش أثناء توجهه لأداء صلاة الفجر في المسجد القريب من منزله في مدينة جومباك شمال كوالالمبور. وأظهر شريط فيديو قصير تداوله ناشطون فلسطينيون على شبكات التواصل الاجتماعي، البطش ملقى على الأرض والدماء تسيل من رأسه، فيما تجمهر حوله حشدٌ من الناس، قبل نقله في سيارة إسعاف إلى المستشفى. وقال قائد الشرطة في مدينة مازلان لازيم إن «شخصين يستقلان دراجة نارية أطلقا أكثر من 14 رصاصة على البطش في تمام الساعة السادسة صباحاً، وإحدى الرصاصات أصابت رأسه في شكل مباشر، فيما أصيب جسده بوابل من النيران، ما أدى إلى وفاته فوراً». وأضاف أن «الشرطة هرعت إلى مكان الجريمة فور وقوعها، وباشرت التحقيق لمعرفة تفاصيلها والوصول إلى الجناة». وكشف السفير الفلسطيني في ماليزيا أنور الآغا أن «التحقيقات الأولية أظهرت أن البطش تعرض لإطلاق نار على يد شخصين بملامح أوروبية شقراء، بواسطة مسدسات مزودة كواتم للصوت من مسافة قريبة». ورفض توجيه الاتهام إلى أي جهة، مفضلاً «انتظار نتائج التحقيق الرسمية». وأشار إلى أن السفارة تجري اتصالات مع نظيرتها في مصر من أجل «ترتيب تسهيل نقل جثمان البطش إلى مسقط رأسه في قطاع غزة». وبثت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أن البطش «مهندس كهربائي وخبير في تصنيع طائرات من دون طيار». وأشارت إلى أن إسرائيل اتهمت العام الماضي «ماليزيا بتدريب ناشطين من حماس على استخدام الطائرات الشراعية لتنفيذ عمليات داخل إسرائيل». ولفتت إلى كشف الخلية بعد اعتقال قائدها خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة صيف عام 2014. وجاءت عملية اغتيال البطش مشابهة إلى حدٍ بعيد لعملية اغتيال مهندس الطيران التونسي محمد الزواري نهاية عام 2016 في مدينة صفاقسجنوب شرقي تونس، بإطلاق 20 رصاصة على جسده، علماً أن الزواري ساعد «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، في تصنيع طائرات من دون طيار (درون) أطلقت عليها اسم «أبابيل»، وكان أنهى رسالة دكتوراه حول الغواصات المسيرة من بعد. كما تشبه العملية اغتيال القيادي في «حماس» محمود المبحوح في دبي عام 2010. ويعمل البطش، وهو داعية إسلامي، وباحث في علوم الطاقة والهندسة الكهربائية، محاضراً في جامعة ماليزية خاصة، وإماماً لأحد المساجد، ويتعاون مع جمعية «مايكير» الخيرية الماليزية، التي تتفرع منها جمعيات خيرية وإنسانية عدة، بينها «جمعية الأقصى الشريف»، و «جمعية آي 4 سيريا الخيرية». ونعت فصائل فلسطينية «العالم الفلسطيني»، وحمّلت «موساد» المسؤولية الكاملة عن «هذه الجريمة النكراء». وطالبت في بيانات منفصلة السلطات الماليزية ب «إجراء تحقيق عاجل لكشف مرتكبي الجريمة وتقديمهم إلى العدالة ومحاكمتهم». كما نعت «حماس» في بيان «ابناً من أبنائها البررة، وفارساً من فرسانها، وعالماً من علماء فلسطين الشباب، وحافظاً لكتاب الله، ابن جباليا المجاهدة... الذي اغتالته يد الغدر». واتهمت عائلة البطش «موساد» باغتياله، نظراً لمساهماته الكبيرة في مجال التطور الإلكتروني الكهربائي، «ما أغاظ الاحتلال الإسرائيلي ودفعه إلى ارتكاب هذه العملية الجبانة». وقالت إنه كان مقرراً أن يغادر ابنها ماليزيا اليوم إلى تركيا «كي يترأس مؤتمراً علمياً دولياً في مجال الطاقة». وطالبت السلطات الماليزية ب «إجراء تحقيق عاجل لكشف المتورطين بالاغتيال قبل تمكنهم من الفرار». كما طالبت بمساعدة العائلة على تسهيل إعادة جثمانه وزوجته وأطفاله الثلاثة، إلى مسقط رأسه في بلدة جباليا، ليوارى الثرى على أرض فلسطين.