أعلن «مختبر لوس ألاموس الوطني» في مدينة نيومكسيكو الأميركية التي شهدت تطوير القنبلة الذرية، وفاة العالِم «الأسطوري» نرسيس كريكوريان عن 97 سنة. وُلد كريكوريان على قارعة طريق في تركيا عام 1921، يوم فرّ والداه من مجزرة الأرمن التي ارتكبها العثمانيون قبل قرن، وأمضت عائلته التي لم تكن تملك سوى الملابس التي حملتها معها، 4 سنوات قبل وصولها إلى الولاياتالمتحدة. لم يكن كريكوريان يجيد الإنكليزية آنذاك، لكنه تخرّج برتبة شرف في كلية الكيمياء، ما أتاح له وظيفة في مختبر تخصيب اليورانيوم بالمدينة، ولم يعرف إلا متأخراً أن عمله كان جزءاً من مشروع «مانهاتن» الشديد السرية، وهو الاسم الرمزي للمشروع الأميركي لتطوير أول سلاح نووي وإنتاجه، خلال الحرب العالمية الثانية. عمِل كريكوريان، المعروف ب «كريك»، في «مختبر لوس ألاموس الوطني» لأكثر من أربعة عقود، فاشتغل في مجال اليورانيوم، ولاحقاً في «مشروع روفر»، في خمسينات القرن العشرين، والهادف إلى تطوير صاروخ نووي حراري. ولديه 6 براءات اختراع، كما نشر دراسات، قبل أن يصبح رئيس الأمن في وحدة استخبارات تابعة للمعهد، وحاز أيضاً أوسمة تقديراً لعمله. ووصف مدير المختبر تيري والاس «كريك» بأنه «عملاق» في علوم الأمن القومي، كما في «لوس ألاموس»، لافتاً إلى أنه «ساهم في شكل كبير في أعمال ومهمات المختبر الذي بات مكاناً أفضل، بفضله». وأضاف أن «قلّة من الناس أثروا في تاريخنا كما فعل كريك، إذ ترك إرثاً سيستمر في المستقبل». وأوردت صحيفة محلية أن كريكوريان ساهم أيضاً في وضع الميثاق الأصلي لمقاطعة لوس ألاموس، وفي تأسيس كنيستها، وإنشاء لجنة تخليد العالِم «ج. روبرت أوبنهايمر»، المعروف ب «أبو القنبلة الذرية». كما نوّهت بتفانيه في تحويل ما كان مجرد موقع لمختبر سري، إلى مجتمع حقيقي وفاعل. وفي حوار أجرته معه قبل سنة، قال «كريك» أنه «حقق أموراً تفوق ما تخيّله»، وأردف أنه دائم التفكير في والديه، متسائلاً: «كيف فعلا ذلك؟»، في إشارة إلى ولادته على قارعة طريق في تركيا، وإصرارهما على بلوغ الولاياتالمتحدة. وأشاد بهما لأنهما «غرسا في نفسي أهمية فعل الأمر الصواب، ومشاركة الإنسان، وآمل بأنني فعلت ذلك». ورأت ديب كريكوريان، ابنة «كريك»، أن تفاني والدها كان نتيجة طبيعية لبحثه الدائم عن المعرفة، ونظرته البراغماتية إلى الحياة، مؤكدةً أن «الفضول» كان دافعه ومحفزه على المعرفة، إذ «كان يشعر بالفضول تجاه كل شيء، وكان يحب القراءة فقط، وحين لم يكن قادراً على ذلك، كان يستمع إلى قراءة صوتية للكتب».