ما إن هدأ جدل الشارع السعودي الأخير حول قيادة المرأة للسيارة، حتى عاد الجدل مجدداً لكن من بوابة الرياضة هذه المرة، وانطلقت شرارته الأولى من إحدى جامعات البنات السعودية، بعد إقرارها أخيراً حصة رسمية لممارسة الفتيات للرياضة فيها. وانتقلت شرارة الجدل إلى المجالس وإلى المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي واشتدت حدة في موقع «تويتر» بعد أن أبدى أحد علماء الدين السعوديين احتجاجه الشديد على إقرار الجامعة لحصة رياضة الفتيات رسمياً. وقال عالم الدين، وهو عضو في رابطة العلماء المسلمين، (تحتفظ «الحياة» باسمه) «إن إلزام مديرة الجامعة الطالبات المستجدات بحصة رياضه فيه مفاسد، ولذا أوصي بالإبراق إلى المسؤولين بإلغاء القرار». وتحولت صفحة عالم الدين الخاصة إلى حلقة نقاش مكثفة وحادة لا تخلو من الهجوم أحياناً، بعد دخول ناشطين وإعلاميين ومهتمين بقضايا المرأة، مبدين اعتراضهم على الحجج التي ساقها لدعم احتجاجه، ورافضين ما وصفوه «أسلوب وصاية يشدد الخناق على المرأة في السعودية». ولا يزال الجدل حول موضوع الحصة الرياضية واعتراض عضو الرابطة متواصلاً في المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن يتحول إلى توجهات عملية من طرفي الجدال لرفع خطابات للجهات المختصة. واستنكرت إحدى المهتمات برياضة المرأة هيام أبو راشد بقولها: «إن هذا تشدد مبالغ في التضييق على المرأة، فمنذ الصغر والنساء يمارسن الرياضة من دون اعتراض في المدارس الخاصة ولها من الفوائد أكثر مما وصف بالمفاسد، وتلتزم الفتيات عند ممارسة الرياضة بالحجاب الشرعي». واتفق معها المهتم بالشأن الاجتماعي مساعد الرشيدي، متسائلاً: «لماذا تحرم المرأة من أبسط حقوقها فقط لمجرد أعذار غيبية ومستقبلية قد لا تحدث في ظل ضوابط نسير عليها في هذا البلد». فيما قالت خريجة من مدرسة أهلية في مدينة جدة (فضلت عدم ذكر اسمها): «أنا إحدى خريجات مدرسه أهليه، وكانت الرياضة البدنية إحدى الحصص المدرسية المقررة على جميع الطالبات من دون استثناء، وكنا نعتبرها المتنفس الوحيد لنا للترويح عن أنفسنا ضمن الجدول الدراسي اليومي الدسم». وأوضحت أن الطالبات كن يمارسن جميع أنواع الرياضة البدنية، ومنها كرة السلة والطائرة، إلى جانب التمارين الرياضية العادية، مرتديات زياً رياضياً موحداً قررته إدارة المدرسة. وعلق أستاذ السياسة الشرعية والمقارنة في جامعة الملك عبدالعزيز وعضو مجمع الفقه الإسلامي المحكم القضائي المعتمد من وزارة العدل الدكتور حسن سفر: «إن الحصص الرياضية هي نوع من الترفيه وقطع الملل لدى الكثير من الطالبات فالاستمرار في الدراسة لساعات طوال من دون أي مفاصل للمرح واللهو البريء أمر يؤدي إلى السأم، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإنها إذا كلت ملت». وأضاف: «في المدارس تكون في أماكن مغلقة لا يراهن رجال ويشرف عليهن مدربات من النساء الثقات الأمينات فلا أرى في ذلك أي مفسدة وهاهي النوادي الرياضية تعج في كل مكان كيف أعطيت تصاريح لإقامتها»، مشيراً إلى أن هذه الأمور كلها تعود لهيئة كبار العلماء.