استمرت الأزمة الحكومية في مصر تراوح مكانها أمس، وسط مؤشرات إلى أنها لن تشهد انفراجة في وقت قريب، فبينما تؤكد مصادر حكومية أن تعديلات ستجرى على الحكومة المعدلة التي كان أعلن تشكيلها قبل يومين رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف، تستعد قوى شبابية إلى تنظيم تظاهرات بعد غد تحت مسمى «جمعة عزل الحكومة»، وهو ما رفضته قوى التيار الإسلامي، وفي مقدمها جماعة «الإخوان المسلمين»، التي أكدت أن منظمي التظاهرات لا يمثلون الشعب المصري، وبالتالي لا يحق لهم طرح الثقة في حكومة شرف. ورأى القيادي البارز في جماعة «الإخوان» نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الدكتور عصام العريان، أن المخرج من الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد هو التعجيل بإجراء الانتخابات، «فحينها سيكون لدينا برلمان منتخب وحكومة ممثلة للشعب»، معتبراً في تصريحات إلى «الحياة»، أن بعض منظمي الاعتصامات في ميدان التحرير «أصحاب مصالح شخصية، حيث وجدنا في الأيام الماضية عودة إلى الشعارات المطالبة بمجلس رئاسي وأخرى لتأجيل الانتخابات وثالثة لوضع الدستور أولاً، وهناك البعض يطالب برحيل المشير حسين طنطاوي (رئيس المجلس العسكري)». وأكد وزير الصحة والسكان الدكتور أشرف حاتم أمس، أن صحة الرئيس السابق حسني مبارك مستقرة، على رغم أنه يعاني عدم انتظام في ضربات القلب ودخل في حالة من فقدان الوعي وعدم التركيز للحظات، مشيراً إلى أن ذلك لا يعني أنه مصاب بغيبوبة، موضحاً أنه مازال يتلقى العلاج في غرفته (بمستشفى شرم الشيخ). ويُتوقع أن تستأنف المفاوضات لتشكيل الحكومة المصرية بعد تعديلات واسعة جديدة أجريت عليها. وكان رئيس الوزراء عصام شرف أُدخل لفترة وجيزة إلى المستشفى ليلة أول من أمس بسبب شعوره ب «الإجهاد». وأوضح الناطق باسم الحكومة السفير محمد حجازي، أن حالة شرف مستقرة ومطمئنة، وأنه عاد إلى منزله عقب الانتهاء من إجراء الفحوصات الطبية اللازمة. وقال إن رئيس الحكومة سيَخْلُد لبعض الراحة عقب خروجه من المستشفى. وساد الغموض أمس أروقة مجلس الوزراء بسبب غياب شرف عن الحضور، وسط معلومات عن احتمال تقديمه استقالته، غير أن الهدوء عاد مرة أخرى، بعدما سارعت الحكومة إلى نفي ذلك. وأصدر شرف تعليمات بعودة جميع الوزراء في التشكيلة التي سبقت إجراء التعديلات إلى مكاتبهم وممارسة أعمالهم إلى حين استكمال مشاورات التعديل الوزاري. وقدم أمس المرشح لتولي حقيبة التجارة والصناعة أحمد فكري، اعتذارَه إلى شرف ليكون ثانيَ مرشح يُطاح به قبل توليه منصبه. وكان شرف استبعد أول من أمس وزير الدولة لشؤون الآثار الدكتور عبدالفتاح البنا. وأكدت مصادر حكومية، أن تعديلات ستجرى على بعض الحقائب في تشكيلة الحكومة المعدلة وسط غموض يكتنف موعد أداء الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمام المشير طنطاوي. ويأتي ذلك فيما يستعد نشطاء لتنظيم تظاهرات بعد غد تحت مسمى «جمعة العزل»، ينضم إليها مئات المعتصمين في ميادين التحرير والسويس والإسكندرية. وأعلنت قوى شبابية لعبت دوراً في الثورة التي أطاحت النظام السابق، رفضها التام للتعديلات الوزارية الأخيرة، ووصفتها ب «الترقيعات». وقال الناطق باسم «الجبهة الحرة للتغيير السلمي» عصام الشريف، إن الدكتور شرف «فَقَدَ رصيده السياسي بالكامل من ثوار مصر، بعدما أثبت فشله في إدارة الفترة الانتقالية، وهو غير مؤهل لهذا المنصب»، مشيراً إلى أن الجبهة لن تعلّق الاعتصام و «تنادي بالاستمرار به إلى حين إقالة وزير الداخلية منصور العيسوي، وكذلك فايزة أبو النجا وماجد جورج (وهم وزراء محسوبون على النظام السابق)». كذلك أكد المنسّق العام لحركة «شباب 6 ابريل» أحمد ماهر، أن حركته مستمرة في الاعتصام إلى الجمعة المقبلة، داعياً كل التيارات السياسية إلى الاحتشاد للضغط باتجاه الإصلاح. وأوضح ماهر ل «الحياة»: «نطالب بتصحيح التعديلات التي أجراها شرف على حكومته ونرفض أي وجود لوزراء الحزب الوطني». لكن ماهر رفض دعوات إطاحة شرف، وكشف أن حركته تقدمت باقتراحات تتعلق بحركة تغيير المحافظين التي وعد رئيس الحكومة بتنفيذها. في المقابل، هاجم نائب رئيس حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان) الدكتور عصام العريان، الداعين إلى إطاحة حكومة شرف، ورأى أنهم «لا يمثلون الشعب المصري»، مشيراً إلى أن تظاهرات الجمعة الماضي لم تشهد حضوراً واسعاً، مؤكداً أن نزول عشرة آلاف إلى الشارع لا يمثل رغبة الشارع، معتبراً أن بعض الداعين إلى التظاهرات والاعتصامات «أصحاب مصالح شخصية، إذ رأينا عودة إلى شعارات تأجيل الانتخابات ووضع الدستور أولاً، والإطاحة بالجيش من الحكم». وقال في تصريحات إلى «الحياة»: «أصبحنا أمام مشهد مرتبك جداً، ورأى أن حل الأزمة الحالية يكمن في الإسراع في إجراء الانتخابات، ففي حينها سيكون لدينا برلمان منتخب وحكومة ممثلة للشعب». ودعا العريان الدكتور شرف إلى «أن يحزم أمره ويعلن حكومته، وأن يحدد مهمات عمل حكومته، وفي مقدمها استعادة الأمن في الشارع والتحضير للاستحقاق النيابي». وأوضح: «إننا نمر بإرهاصات ما قبل الديموقراطية، ولا يمكن أن تدخل البلاد على المسار الصحيح من دون بعض القلاقل». في غضون ذلك، صرح مصدر أمنى مسؤول، بأن السيد منصور عيسوي وزير الداخلية، أصدر قراراً بنقل جميع الضباط المحالين للمحاكمات الجنائية في اتهامات بقتل متظاهرين من أماكن عملهم التي يعملون بها حالياً أو التي نُقلوا إليها، لديوان عام الوزارة اعتباراً من تاريخ اليوم. على صعيد آخر، التقى المشير طنطاوي الفريق أول جيمس ماتيس قائد القيادة المركزية الأميركية والوفد المرافق له، الذي يزور مصر حالياً، حيث تناول اللقاء تطورات الأوضاع في المنطقة والمتغيرات على الساحتين الإقليمية والدولية خلال المرحلة الراهنة ومناقشة عدد من المواضيع والقضايا ذات الاهتمام المشترك في ضوء التعاون والعلاقات العسكرية المتميزة التي تربط البلدين، كما التقى رئيس أركان الجيش، نائب رئيس المجلس العسكري الفريق سامي عنان الفريق أول جيمس ماتيس.