يمثل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كامرون امام البرلمان اليوم بعد يوم من اعلانه التصميم على «تطهير الاعلام» اثر فضيحة تنصت صحيفة «نيوز اوف ذي وورلد» التي يملكها قطب الاعلام روبرت مردوك على مكالمات هاتفية ودفع رشاوى للشرطة. وتتحول الفضيحة تباعاً الى مسلسل بوليسي، خصوصاً ان تفاصيل اضافية تُكشف يومياً عنها وما جرى خلالها على مدى عقد، ووصفتها الاعلامية البريطانية آن دايموند بانها تشبه «فضيحة بروفيومو» وكريستين كيلر في العام 1963 التي كشفتها صحيفة «نيوز اوف ذي وورلد» واطاحت رئيس الوزراء المحافظ هارولد ماكميلان. وشهدت جلسة استماع امام لجنة الثقافة والاعلام والرياضة في البرلمان امس، مثل امامها مردوك ونجله جيمس ومعاونتهما ريبيكا بروكس التي تستجوبهم، انه «لم يشعر يوماً بأنه في موقع ضعيف الى هذا الحد» وقال انه يشعر بالعار، معترفاً بأن موظفين يثق بهم ضلّلوه. وشهدت الجلسة دخول متظاهر القاعة ومحاولته القاء مادة لزجة بيضاء على وجه مردوك تبين انها معجون حلاقة ابيض، لكن زوجته وندي دنغ وعضوة في الفريق القانوني لمجموعة «نيوز انتناشيونال» ورجال شرطة تصدوا له. واستؤنفت الجلسة بعد دقائق قليلة. وسبق الجلسة مواجهة مردوك اشاعة روّجتها مجموعة «لولزسك» لقراصنة المعلوماتية عن العثور عليه ميتاً في حديقته، بعد اختراق موقع صحيفة «ذي صن» البريطانية التي تملكها مجموعته. وكتبت «لولزسك» على الصفحة الرئيسية لموقع «ذي صن»: «اكتشاف جثة قطب الاعلام»، مدعية انه قضى انتحاراً بعدما ابتلع كمية كبيرة من معدن «بالاديوم» الذي يستخدم في سبائك الأسنان. ودفع ذلك المؤسسات الصحافية التابعة لمجموعة «نيوز كورب» الى مطالبة موظفيها بتغيير كلمات السر الخاصة بهم في حواسيبهم، وزيادة «الاحتياطات الأمنية». واللافت عثور الشرطة على الصحافي شون هور ميتاً في منزله شمال لندن. وكان أبلغ صحيفة «نيويورك تايمز» انه تنصت على هواتف بأمر من رئيس التحرير السابق ل «نيوز اوف ذي وورلد»، اندي كولسون الذي عيِن لاحقاً رئيساً للمكتب الاعلامي لرئاسة الوزراء البريطانية. لكن الشرطة اعلنت انها لا تتعامل مع وفات هور باعتبارها مثيرة للريبة، خصوصاً انه كان اقيل من منصبه محرراً للشؤون الفنية في «نيوز اوف ذي وورلد» بسبب مشاكل تتعلق بتناول الخمر وتعاطي المخدرات. وفيما تستهدف الفضيحة كامرون مباشرة، لعلاقته بكولسون وعقده 26 لقاءً مع مسؤولين في «نيوز كورب» حضر بعضهم عيد ميلاده، وايضاً لاحتفاله بعيد الميلاد الماضي في بيت بروكس، اختصر جولته في جنوب افريقيا ونيجيريا كي يستطيع الرد على اسئلة البرلمان في شأن الفضيحة. وقال كامرون خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس النيجيري جودلاك جوناثان في لاغوس: «اطمئن الناس في بلدنا. فضيحة التنصت مشكلة كبيرة لكننا دولة كبرى، وسنعالج الأمر». وخلال جلسة عقدها البرلمان البريطاني للاستماع الى افادات المتهمين بالفضيحة، وبثتها قنوات التلفزيون مباشرة، أكد مردوك (80 سنة) انه يواجه «الاذلال الأكبر في حياته»، معلناً استعداده الكامل للإجابة عن اسئلة لجنة الثقافة والاعلام والرياضة والتي لخصتها بعنوان: «من عرف بالفضيحة، وماذا عرف ومنذ متى»؟ وقال مردوك الذي جلس الى جانب نجله جيمس: «لم أعلم بأن التنصت كان أكثر انتشاراً مما روّج سابقاً، واعترف بأن بعض الموظفين ضللّوني في شأنه». واشار الى أن صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» التي اوقف صدورها قبل اسبوعين بسبب الفضيحة، تمثل واحداً في المئة من استثماراته الاعلامية في العالم، وزاد: «انني واثق من توظيفي أشخاصاً مناسبين لإدارة هذه الأعمال». واعتذر جيمس مردوك رئيس مجلس ادارة «نيوزكورب» عما سببته قرصنة الهواتف للضحايا وبينهم اسر اعتداءات 11 ايلول (سبتمبر) 2001، معترفاً بأن الشركة فشلت في الارتقاء إلى مستوى المعايير التي تطمح إليها، «لكنني مصمم على وضع الأمور في نصابها، والتأكد من عدم تكرار الفضيحة». كذلك، استمعت لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الى قائد الشرطة السير بول ستيفنسون ونائبه رئيس جهاز مكافحة الارهاب جون ييتس اللذين استقالا بعد فضح توظيفهما نيل واليس المسؤول السابق في هيئة تحرير «نيوز اوف ذي وورلد» مستشاراً لدى الشرطة. وأكد المسؤولان البارزان في الشرطة عدم ارتكابهما اخطاء، مع تشديد ستيفنسون على ان واليس لم تطله الفضيحة الاولى ل»نيوز اوف ذي وورلد» التي اثيرت عام 2005، خلافاً لكولسون الذي رأس المكتب الاعلامي لكامرون حتى كانون الثاني (يناير) الماضي.