دعا إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم المسلمين إلى التكاتف والتعاضد والجماعة، مؤكداً أن ما من مجتمع متألق ومتكاتف ومتآلف إلا كان لصفاء قلوب ذويه وحسن نواياهم القدح المعلى لرقيه وتألقه. وقال في خطبة (الجمعة) أمس إنه مهما بلغت الشعوب من التقدم المادي في العلم والصناعة والتجارة والحضارة، فإنها ستكون صفراً بلا أخلاق، وعجلة تدور ولا تلوي على شيء، وكل مجتمع لم يزل على فطرته التي فطر اللهُ الناس عليها من خلق كريم وسجايا فاضلة، فهو بخير ما لم يجتثه ما يكدر صفوه وينغص هناءه ويثلم لحمته ويفرق مجتمعَه، وهو لم يزل بخير ما لم يبل بالمشوشين المهوشين سود القلوب حداد الألسن من جعلوا شعارهم القالة بين الناس، والاتزار بالتجييش والتحريش. وأضاف: «إن التحريش الذي ما دخل في مجتمع إلا فرقه ولا أسرة إلا مزقها ولا صحبة إلا قلبها عداوة وبغضاء، إنه التحريش الذي يوغر الصدور ويذكي نيران التنابز والتدابر والتصارع، التحريش الذي لا رابح فيه من جميع أطرافه، التحريش الذي تغتال به بيوت ورفاق ورجالات ونساء، التحريش الذي يضر ولا ينفع ويفتق ولا يرقع وينكأ ولا يضمد، إنه التحريش الذي هو إذكاء الخصام، وإغراء العداوة والبغضاء بتأليب بعض النفوس على بعض، التحريش كلمة لا تحمل إلا معنى الشر فهي لا خير فيها، إذ لم يحمد التحريش لا في شرع ولا عقل ولا فطرة، فالتحريش شر كله وداء كله وسوء مغبة كله، يفرق ولا يجمع، يفسد ولا يصلح، يباعد ولا يقرب، يحزن ولا يفرح، يبكي ولا يضحك، يميت ولا يحيي». وقال إن على المستمع ألا يثق في القيل قبل التبصر بصحته، وألا يحكم عليه قبل إدراك حقيقته، فإن من الاغترار تلقي الركبان، ومن الغفلة اعتماد القيل لأول وهلة.