تتعرّض رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لضغط وتُتهم بإثارة كراهية عنصرية خلال توليها حقيبة الداخلية. ففي عهدها، أتلفت الوزارة الأوراق الثبوتية لآلاف المهاجرين من المستعمرات الذين نُقلوا إلى المملكة المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، للمساهمة في إعمارها، وهم مهددون الآن بالطرد ولا يعرفون إلى أين، لأنهم لم يزوروا البلدان التي جُلبوا منها، ويُعرفون باسم «ويندراش»، نسبة إلى اسم السفينة التي نقلتهم، خصوصاً من جزر الكاريبي. وتزامن كشف الفضيحة مع استضافة لندن قمة الكومنولث، التي وافق قادتها على أن يخلف الأمير تشارلز والدته الملكة اليزابيث الثانية في رئاسة الرابطة، كما أوردت وسائل إعلام بريطانية. وكانت الملكة افتتحت القمة التي يشارك فيها 53 رئيساً أفريقياً، واختارت الأمير تشارلز رئيساً للتجمّع الذي تأمل لندن بأن يكون بديلاً تجارياً للاتحاد الأوروبي بعد انسحاب المملكة المتحدة منه (بريكزيت). واضطرت ماي للاعتذار إلى المهاجرين عن «خطأ» ارتكبه موظفو وزارة الداخلية، متذرعةً بأنها كانت في إجازة عندما أقدموا على «فعلتهم» قبل 4 سنوات، ومتعهدةً ألا يهجّر أي من هؤلاء الذين مضى على وجودهم في المملكة المتحدة أكثر من نصف قرن. وتُتهم ماي أيضاً بأنها تجاهلت تحذيرات كثيرة من استفحال التمييز العنصري، عندما كانت وزيرة للداخلية، وبأنها صرفت النظر عن ممارسات الموظفين وأثارت «كراهية» ضد السود ومهاجري «ويندراش». فعام 2015 أعدّت الوزارة قانوناً جديداً للهجرة يحرم هؤلاء من الحصول على منازل من السلطات المحلية أو إجازات قيادة سيارات أو الإطلاع على حساباتهم المصرفية أو المعالجة الصحية المجانية، باعتبار أن إقاماتهم ليست قانونية. كما تُشكل هذه الفضيحة ضغطاً كبيراً على وزيرة الداخلية الحالية أمبر راد لكي تستقيل من منصبها. وقالت إن بعضاً ممّن لم يولدوا في المملكة المتحدة «يجد صعوبة في إيجاد أوراقه الثبوتية، وبعضهم أُتلفت وثائقه. أما الذين يملكون هذه الوثائق فيواجهون صعوبة في البقاء في البلاد، بسبب القانون الجديد للهجرة». واعتبرت وزيرة الظل (حزب العمال) دايانا أبوت أن «هذه الفضيحة تؤكد مرة أخرى سياسة التمييز العنصري التي تنتهجها الحكومة». ونقلت صحيفة «ذي إندبندت» عنها قولها إن «وزارة الداخلية في عهد المحافظين تجاهلت تحذيرات كثيرة، فأثارت مناخاً من الكراهية وسط المهاجرين». وبدأ الذين جُلبوا إلى بريطانياٌ أطفالاً مع أهاليهم قبل أكثر من 50 سنة، يتلقون إنذارات بترحيلهم في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ما أثار غضباً عارماً في أوساطهم. واعتذرت راد عن المعاملة السيئة التي يتعرّضون لها، متعهدةً وقف ترحيلهم، والمساعدة في تثبيت وضعهم بوصفهم مهاجرين. لكن الحكومة اعترضت خطواتها وقررت إتلاف المستندات التي حملوها معهم. وطالبها رئيس نقابة الموظفين العموميين ديف بينمان بمراجعة «سياسة الحكومة خلال السنوات الماضية، بدل تحميلها موظفين مسؤولية الفضيحة والجوّ العدائي الذي أثارته هذه السياسة». وتأمل المملكة المتحدة بأن تكون مستعمراتها السابقة بديلاً تجارياً لأوروبا، بعد «بريكزيت». لكن مجلة «ذي إيكونوميست» رأت أن رابطة الكومنولث «لن تنقذ بريطانيا من بريكزيت»، محذرة من «وهم» القول إن التجارة مع الكومنولث يمكن أن تحلّ مكان التجارة مع الاتحاد. وتفيد أرقام تبادل السلع والخدمات عام 2016 إلى أن حجم تجارة المملكة المتحدة مع 15 دولة، 9 منها في الاتحاد الأوروبي، يفوق حجم تجارتها مع أبرز شريكين لها في المستعمرات السابقة، كندا والهند.