تلعب الورقة الإيرانية دوراً محورياً في حسابات وموقف الإدارة الأميركية مما يجري في سورية، وهي كانت أحد أسباب ابتعادها أكثر عن نظام الرئيس بشار الأسد وإعلانها أخيراً أنه «فقد شرعيته بنظر شعبه». إذ يؤكد مسؤولون أميركيون ل «الحياة» «استمرار الدعم اللوجيستي والمادي والتقني» من إيران للنظام السوري لقمع التظاهرات وهو ما يزيد من اعتبار النظام عبئاً استراتيجياً على الولاياتالمتحدة. ومنذ انطلاق التظاهرات في آذار (مارس) الفائت، ارتأت الإدارة الأميركية وفي بيانات الرئيس باراك أوباما ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التنويه بالدور السلبي الذي تلعبه إيران في سورية، والضرر الذي تلحقه العلاقة على الطموحات الديموقراطية والإصلاحية للشعب السوري. وكان إدراج عناصر من فيلق القدس الى جانب شخصيات أمنية إيرانية في العقوبات ضد سورية منذ بداية الاحتجاجات، هو لتوجيه رسالة واضحة للنظام بضرورة الابتعاد عن طهران وعدم تكرار تجربتها القمعية. ويقول مسؤول أميركي ل «الحياة» إن النظام الإيراني يوفر دعماً «تقنياً ومادياً ولوجيستياً» للنظام السوري في محاولته قمع التظاهرات، وهو ما تستكمل واشنطن في رصده وساهم الى حد كبير بابتعادها أكثر عن نظام الأسد، وخصوصاً أنها ترى في المقاربة نفسها بصمات إيران إصرار الحكومة السورية على الحل الأمني ونكث الأسد وعوداً أعطاها للسفير الأميركي روبرت فورد ولتركيا حول الإصلاح. وجاء تقرير مجلة «ليزيكو» الفرنسية عن استعداد إيران لمنح ما قيمته 5.8 بليون دولار من مساعدات اقتصادية للنظام السوري، ليعزز الاتجاه الأميركي بأن النظام السوري التصق في شكل أكبر مع حليفته إيران بعد الأزمة، وما يجعله في شكل أو آخر عبئاً استراتيجياً أكبر للولايات المتحدة والتي لطالما رأت في هذا التحالف عائقاً أمام تحسين علاقتها بدمشق. ويقول مسؤول أميركي ل «الحياة» من دون أن ينفي أو يوكد صحة التقرير الفرنسي أن «إيران تثني على جميع التحركات الشعبية في المنطقة ما عدا ما في طهران وعند حليفتها سورية»، ويضيف: «إننا قلنا سابقاً إن إيران تدعم الاضطرابات في سورية ويبدو أن هذا الدعم مستمر». وينوه المسؤول بقلق إيران الكبير مما يواجهه النظام السوري، والذي يبقى البوابة الأقرب لإيران الى المتوسط وتحديداً لمنظمة حزب الله. ويشير المسؤول الى أنه «من الواضح أن إيران تحاول استغلال الاضطرابات للدفع بأجندتها في الدول المجاورة ولتحجيم السلام والاستقرار في المنطقة وتحديداً في سورية... وشعوب المنطقة تدرك نوايا حكومة إيران لزعزعة استقرار المنطقة، وتحديداً لأنها تفضل دولاً ضعيفة في المنطقة لا تتحدى أجندتها الإقليمية». وفي حين لا تمتلك واشنطن التأثير الكبير في سورية والذي ينحصر بسفيرها فورد وبعصا العقوبات، فهي تراهن على أن المخرج من الأزمة هو بالتخلي عن الورقة الأمنية والتي يهيمن عليها التأثير الإيراني اليوم. وتتطلع واشنطن الى مرحلة انتقالية نحو الإصلاح والديموقراطية في سورية، يكون من أبرز نتائجها الانفتاح والتعددية الحزبية داخلياً، و «دور أكثر إيجابية وبناء» خارجياً وإقليمياً لسورية يحتم الابتعاد عن المحور الإيراني.