دمشق، عمان، نيقوسيا - «الحياة» أ ف ب، أ ب ، رويترز - في تصعيد للعمليات الأمنية في ريف دمشق، قال ناشطون وشهود إن نحو 2000 من قوات الجيش السوري اقتحمت مدينة الزبداني في ريف دمشق القريبة من الحدود اللبنانية، وباشرت حملة اعتقالات واسعة، وذلك بعدما قطعت الكهرباء والانترنت وخطوط التليفون، بحسب ما ذكر «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية». وبالتوازي مع التصعيد في مدينة الزبداني، قال مسؤلون سوريون إن «الوضع متفجر» في منطقة البوكمال على الحدود العراقية. وفيما عزت مصادر رسمية سورية سبب «الوضع المتفجر» إلى قيام «مجموعات ارهابية مسلحة» بإشعال الاضطرابات في هذه المنطقة، قال ناشطون وشهود إن العشرات من جنود الجيش السوري انشقوا عن الجيش في البوكمال وانضموا إلى المتظاهرين. وأظهر العديد من مواقع المعارضة السورية، لقطات بالفيديو لسكان في المنطقة فوق دبابتين وحاملة جند، كما أظهرت لقطات بالفيديو طائرات هليكوبتر تحوم في سماء البوكمال استعداداً على ما يبدو لعملية للجيش هناك. وتوازى ذلك مع دخول الجيش حمص، وعمليات في درعا وجبل الزاوية في إدلب. وعن الوضع الميداني في ريف دمشق، قال ناشط حقوقي إن الجيش دخل مدينة الزبداني، التي شهدت تظاهرات كبيرة مناهضة للنظام والواقعة على بعد 50 كلم شمال غرب دمشق، حيث باشر حملة اعتقالات. وقال رئيس الرابطة السورية لحقوق الانسان عبد الكريم ريحاوي، إن «قوات الامن والجيش دخلت الزبداني. لقد فتشت المنازل واعتقلت اكثر من خمسين شخصاً» في هذه المدينة القريبة من الحدود اللبنانية. وأضاف المصدر نفسه أن الجيش دخل ايضاً مدينة حمص (وسط، 150 كلم شمال دمشق)، لافتاً الى ان «أربع دبابات وناقلة جند تمركزت في دوار الخالدية، وقد نظم السكان تظاهرة كبيرة تعبيراً عن رفضهم دخول الجيش». وأظهرت لقطات بالفيديو بثتها مواقع معارضة سورية، مثل «شام نيوز» و «اوغاريت»، عناصر أمن تحمل مدافع «آر بي جي» على الكتف ودبابات وناقلات جند تجوب دوار الخالدية وسط حمص. وأفاد المرصد السوري لحقوق الانسان، ان مواجهات اندلعت بين مناصرين للنظام السوري ومعارضين له في احد احياء حمص بعد مقتل ثلاثة من مؤيدي النظام كانوا خطفوا الاسبوع الفائت بيد مجهولين وتلقت عائلاتهم اول من امس جثثهم مشوهة. وأضاف المرصد ان «السكان أُصيبوا بالذعر بعدما قام مناصرون للنظام بتخريب متاجر عدة في حي الحضارة في حمص»، لافتاً الى ان الأمر حصل على مرأى من قوات الامن التي لم تتدخل. كما قال ناشطون وشهود إن الأمن دخل أيضاً منطقة جاسم في درعا، وإن هناك اطلاقاً عشوائياً للنار واعتقالات، وتحدث ناشطون كذلك عن استمرار اعتصام المحامين في حلب، للمطالبة بإطلاق سراح المسجونين. من ناحية أخرى، قالت مصادر سورية قريبة من النظام، إن الجيش السوري يستعد لاقتحام مدينة البوكمال شرق سورية، التي تشهد وضعاً «متفجراً»، بسبب قيام «مجموعات ارهابية مسلحة» بإشعال الاضطرابات في هذه المنطقة على الحدود مع العراق. غير ان معارضين وشهوداً قالوا إن قوات الفرقة الرابعة تستعد لدخول البوكمال بعد ان انشق العشرات من قوات الجيش وتركوا أسلحتهم ومعداتهم وانضموا للمتظاهرين. وقال الناشط الحقوقي مصطفى أوسو لوكالة «أسوشيتد برس»، إن انشقاق جنود من الجيش هو وراء الحملة التي تعدّها السلطات لاقتحام المدينة. وأوضح شهود ان سكان من مناطق الميادين والشحيل وشباب الدير والقورية، إضافة الى ابناء البوكمال، تعهدوا الدفاع عن المدينة امام قوات الجيش. وكتبت صحيفة «الوطن» الخاصة القريبة من السلطات، نقلاً عن مصادر، أن «الوضع الأمني تفجَّر في مدينة البوكمال، بينما يبدو ان الجيش يستعد للتدخل إلى حدود سورية الشرقية مع العراق». وأضافت نقلاً عن «مراقبين»، أن «ردّ السلطات السورية كان حاسماً بإرسال الجيش الى بؤر التوتر الحدودية، لأنها تخشى من ان تنشأ حركة تمرد مسلحة في احدى المناطق الحدودية حيث تستطيع ان تحصل على خطوط تموين لوجستي ودعم سياسي». وأفاد «المرصد السوري لحقوق الانسان»، أن مدنياً قتل وأصيب أربعة آخرون ليل اول من امس في منطقة البوكمال، حين اطلقت قوات الامن النار لتفريق تجمع مناهض للنظام. وأضاف أن «دبابات الجيش حاصرت المنطقة بعد ذلك وتستعد لدخولها». وتحدثت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) عن مقتل عنصرين في قوات الامن اول من امس «بعد مهاجمة المجموعات المسلحة لمبنى قيادة منطقة البوكمال واستيلائها على الأسلحة فيه، بينما انتشر بعض المسلحين على أسطح الأبنية». وأضافت الوكالة أن ثلاثة عناصر من قوات حفظ النظام قتلوا وخطف اثنان آخران. في المقابل، أكدت «الوطن» أن الوضع عاد الى طبيعته في مدينة حماة شمال البلاد، التي شهدت في الاسابيع الاخيرة تظاهرات ضخمة ضد النظام السوري، آخرها كان في يوم «جمعة أسرى الحرية». وكتبت الصحيفة: «أثمرت الجهود المكثفة والحثيثة التي بذلها محافظ حماة الجديد انس عبد الرزاق الناعم مع مشايخ المدينة يوم الخميس الماضي، إنهاءً لحالة العصيان المدني التي دامت 13 يوماً». وأضافت: «منذ يوم الجمعة، تركت المجموعات الحواجز، وبعضها قام برفعها وإزالة أنقاضها وبقاياها لتبدأ شركات القطاع العام ومؤسسات الدولة بالتعاون مع الأهالي منذ صباح امس (السبت) بحملة واسعة النطاق لإزالة الحواجز ومخلفاتها من الشوارع الرئيسية». وكان سكان حماة اقاموا حواجز لمنع قيام الجيش بعملية عسكرية. وقتل ما لا يقل عن 25 مدنياً منذ 5 تموز (يوليو) في هذه المدينة التي ارسلت اليها دمشق دباباتها رداً على تظاهرة ضخمة للمعارضين شارك فيها نحو 500 ألف شخص بحسب منظمات حقوقية. وعلى رغم الاحتجاجات، كان من المقرر إقامة مهرجان موسيقي ليلة امس عند ساحة الأمويين في دمشق لمناسبة الذكرى السنوية ال11 لأداء الرئيس السوري بشار الأسد القسم الرئاسي في 17 تموز 2000. وعلى صعيد متصل، وفيما قالت الرابطة السورية لحقوق الإنسان إن «السلطات السورية أفرجت السبت عن جميع المثقفين والفنانين السوريين الذين كانت اعتقلتهم الأربعاء لتنظيمهم تظاهرة مناهضة للنظام»، أعلن ابن الكاتب السوري البارز علي العبد الله، أن القوات السورية اعتقلت والده امس. وكان العبد الله انتقد بشدة لجوء السلطات للعنف في قمع الانتفاضة المندلعة منذ أربعة شهور والمطالِبة بالديموقراطية. وقال محمد، ابن علي العبد الله، لرويترز في حديث هاتفي من واشنطن، إن عشرة جنود دخلوا منزل والده حوالى الساعة التاسعة صباحاً بالتوقيت المحلي في حي قطنا بدمشق واعتقلوه، مضيفاً أن والده خضع لجراحة في القلب قبل ثلاثة أسابيع. وأفادت الرابطة السورية لحقوق الانسان أنه تم الأحد اعتقال العبدالله في اطار حملة اعتقالات في مدينة قطنة التي تبعد 25 كلم جنوبدمشق. والعبدالله واحد من 12 معارضاً سورياً وقعوا إعلان دمشق الذي دعا الى تغيير ديموقراطي في سورية. وقد حكمت محكمة الجنايات في دمشق في تشرين الاول (اكتوبر) 2008 على جميع هؤلاء بالسجن لسنتين ونصف سنة بتهمتي «إضعاف الشعور القومي»، و «نقل أنباء كاذبة من شأنها ان توهن نفسية الأمة».