يبدو أن أثر تناول مادة حشيشة الكيف لا يتوقف على الإدمان، بل يتعداه الى تسريع وهن الدماغ وذوائه وتناقص قدراته، خصوصاً ذاكرته. لكن مساحات تستهدفها الحشيشة بإمكانها أن تُعزّز ذاكرة الدماغ، بل تعمل على حمايته من التدهور. ولذا، يأمل العلماء بالتوصّل الى طريقة لتفعيل الإشارات المتصلة بتلك المساحات (واسمها «سي بي-1» CB-1)، التي تُضرّ بها الحشيشة وتوقف قدرتها على حماية الدماغ. في التفاصيل أن فريقاً مشتركاً بين جامعتي بون ومينز الألمانيتين، أجرى تجارب مستفيضة على الفئران، تركّزت على قدرتها الذهنية. ودرس العلماء قدرة هذه الفئران في العثور على طعام مُخبّأ، وسلوك متاهة متشابكة للوصول الى أمكنة نومها، وشدّ عتلات لإمدادها بالماء، ودرجة تعاونها مع نظيراتها لإنجاز أعمال مُحدّدة وغيرها. وركّز العلماء أعينهم على نشاط منطقة في الدماغ تسمى «هايبوكامبس» Hippocampus (تسمى منطقة الحصين بالعربية)، المعروفة بعلاقتها الوطيدة مع الذاكرة. واستولدوا مجموعة من الفئران جرى التلاعب بجيناتها بطريقة تؤدي إلى عدم امتلاكها مساحات «سي بي-1». وقارنوا هذه المجموعة مع مجموعة من الفئران الطبيعية، إذ درّبوا كلا المجموعتين على إداء سلسلة مترابطة من المهمات التي تعتمد على مضاء الذهن وحدّة الذاكرة. ووجدوا أن الفئران التي لا تملك «سي بي-1»، أظهرت تدهوراً سريعاً في إدائها الذهني، بحيث وصلت بسرعة الى حال يشبه الخرف عند الإنسان. ولم يحدث هذا الأمر عند المجموعة الاخرى. كما لاحظ فريق البحث أن حجم منطقة ال «هايبوكامبس» عند الفئران التي تلاعبوا بجيناتها، كانت أصغر وأكثر إنكماشاً من نظيراتها الطبيعية. وذكّر الفريق بأن دراسات كثيرة وموثوقة، بيّنت وجود تناظر في عملية الخرف بين أدمغة البشر والفئران. وبقول آخر، يتأثر دماغ الإنسان إيضاً في حال تآكل مساحات «سي بي-1» في منطقة «هايبوكامبس» فيه. المعلوم ان تعاطي حشيشة الكيف يضرب مساحات «سي بي-1» في دماغ الإنسان، ما يعني أنها تساهم في سرعة تدهوره ووصوله الى حال الخرف. يحتوي الموقع الإلكتروني لجامعة بون «يوني- بونن. دي إي» uni-bonn.de على تفاصيل ثريّة عن هذه التجربة.