تذكرني كلمة الشيخ الذي يقول إننا نمنع النساء من الحلال لكي لا يقع الرجال في الحرام، بجملة ذلك الطبيب المصري الذي يظهر دائماً في المسلسلات المصرية بعد كل عملية فاشلة، ويقول: «كان لازم نضحي بالجنين عشان الأم تعيش». ليس لدينا القدرة طبعاً كمشاهدين أن نعرف إذا ما كان من الضروري أن يموت أحد ليعيش الآخر، وهل هي أزمة أخلاقية، بل ربما جريمة، أن نضحي بإنسان ليعيش آخر. ولماذا لا يكون حق العيش متساوياً لكليهما طالما أنهما من نفس الطينة والعجينة والروح؟ وكيف تصبح المعادلة لو كان المُضَحَّى به في وقت ما هو المرأة «عشان الشباب تعيش»؟ سأترككم مع رسالة امرأة استأذنتها بنشر رسالتها، تواجه أسئلة كبيرة لا يحلها مشهد مصري يضحي بأحد لكي يعيش آخر. هذه السيدة تقول لي: نحن هنا في أميركا محط تساؤل الكثير من الأميركيين عن حياتنا وعن المرأة خصوصاً، فكم من مرة سئلت ودافعت وأنا أعلم في داخلي أن المرأة السعودية تلاقي الكثير من الظلم، نعم فهي لا تستطيع التحرك إلا بالرجل حتى ولو كان عديم المسؤولية. ولكنني لم أشأ أن أبين لأحد حال المرأة حتى لو كانت وسائل الإعلام تنقل لهم ولو جزءاً من الحقيقة. أذكر أنه يوماً تناقشنا في الصف، وأراد الأستاذ أن يعرف وضع المرأة السعودية، فطبعاً كالعادة أجبته بأنها محظوظة لأنها مخدومة من أبيها وأخيها وزوجها وولدها، نعم هذا صحيح ولكن نادراً، وأن هناك حالات كثيرة يرثى لها بالنسبة إلى المرأة ووضعها الصعب، فأجابني الأستاذ بأن المرأة لا تستطيع اتخاذ قرارها، وأن عليها الاعتماد على الرجل لتدبير أمورها، يعني ذلك أنها مستعبدة. لم أعرف وقتها ماذا أقول، لأن كلماته ألجمتني، وجعلتني أفكر كيف كانت حياتي قبل مجيئي إلى أميركا. نعم ليس لدينا الحرية في تصريف أمورنا إلا بمحرم إن كانت معاملات تجارية، إذ كان لديّ مشروع صغير، وقد تعبت كثيراً في إخراج السجل التجاري، وكان زوجي بحكم عمله دائم السفر، فكم من المرات تأجلت مواضيعي حتى يعود من سفره. لم يكن لديّ سائق، وإن اضطررت لشراء شيء أو الذهاب لمكان، أرى زوجي هل يسمح وقته وإن كان مسافراً اطلب بكل رجاء إخوتي أو والدي، علماً بأنني أعيش هنا في أميركا مستقلة، فمذ أن جئت إلى هنا وأنا شريكة لزوجي في حسابه البنكي، لديّ بطاقة صراف مستقلة، وكذلك السكن فمن الشروط أن يكون باسمنا نحن الاثنين، أوقع معه على الأوراق المهمة الرسمية كشريكة لها كيان، وليست تابعة له أينما رحل سحبني خلفه. عندما سجلت ابني في المدرسة لم يطلبوا منا سوى 3 أوراق: شهادة الميلاد وسجل التطعيم وجواز السفر. وفي اليوم نفسه التحق بالمدرسة. تسهيلات للأمور وبساطة خالية من التعقيد. لأي مكان أذهب الكل مبتسم ومتفهم، مع العلم أن لغتي لم تكن آنذاك جيدة، ولكن تسهيل الأمور والمعاملات يجعل الإنسان يحس بالألفة والراحة. عندما احتاج لشيء استخدم المواصلات العامة. وتعلمت أن اعتمد على نفسي وأحسست بأن لي قيمة، لأنني لا احتاج لأحد في تصريف أموري. يؤسفني كثيراً وضع المرأة السعودية، وأنها محط الأنظار في الغرب وبكل شغف يتابعون أخبارها، ولكن من واجبي أن أدافع عنها، حتى ولو لم يكن صحيحاً لأجمّل الصورة على الأقل، حتى لا يقال إننا مستعبدات. [email protected]