طوّق الفقر والمرض حياة مسنة في نهاية العقد الخامس من عمرها، وحولها إلى بؤس وجحيم دائمين، وزادت المعاناة بعد وفاة زوجها، فلم تستطع مقاومة الحياة وحدها، ما جعلها تعيش في دوامة وحيرة. وعلاوة على ما سلف، فهذه العجوز ليس لها دخل ثابت، بما في ذلك مساعدة الضمان الاجتماعي، ونتيجة لذلك لم تستطع الإيفاء بإيجار المنزل المتواضع الذي تقطنه، الأمر الذي اضطر صاحب المنزل إلى تهديدها بالطرد في حال عدم دفعها الإيجارات المتأخرة عليها. وتقول أم أحمد: «تكالبت الظروف الصعبة والحياة المعقدة بعد وفاة زوجي قبل عشرة أعوام، فلا معيل لي بعد الله إلا المحسنين، ولكن الصدقة لا تدوم وتتقطع بين الحين والآخر»، مؤكدة أنها مهددة بالخروج من المنزل في أية لحظة. تحاول عبثاً المسنة المعوزة كبح جماح دموعها ولكنها تفشل، «أخاف ولا أستطيع النوم إذا تذكرت أن صاحب المنزل يهدد بطردنا منه، فنحن لم نتحمل حرارة الصيف في داخل المنزل، فكيف إذا طردنا في الشارع؟». تتوقف قليلاً ثم تضيف: «أقسم أنني أفكر في الجلوس على طريق المارة للتسول»، لافتة إلى أنها أُجهدت نفسياً وجسدياً من استمرار الوضع، على رغم أنها حاولت كثيراً وطرقت جميع الأبواب للبحث عن حياة آمنة مستقرة، ولكن جميع محاولاتها باءت بالفشل. وفي خضم الأحزان والآلام التي أثقلت كاهل أم أحمد، يضيف ابنها أحمد المصاب بمرض نفسي عبئاً ثقيلاً، فعلاوة على أنه لا يستطيع تقديم أي عون أو مساعدة لوالدته المكلومة، يحتاج أيضاً إلى رعاية صحية واهتمام مضاعف. ومع مصارعة أم أحمد آلام ابنها، كان ينتظرها جزء آخر من المعاناة، يتمثل في دفع إيجار المنزل، مؤكدة أنها لم تستطع دفع إيجار المنزل، وهو ما اضطر صاحب المنزل بتهديدها بالخروج، وفصل التيار الكهربائي عن المنزل. وتوضح المرأة المغلوبة على أمرها بأن فصل التيار الكهربائي عن منزلها هذه الأيام مع شدة الحر سيوثر على صحتها وصحة ابنها سلباً كونه مريض، مستدركة: «تبرع أحد الجيران بإيصال الكهرباء وسداد الفاتورة أكثر من مرة، ولكن لظروفه المالية الصعبة التي يمر بها، لم يستطع تقديم المزيد من العون». وتناشد أم أحمد فاعلي الخير مساعدتها في تحسين وضعها المادي، وتوفير بيت لها ولابنها، «الحصول على منزل ملك هو أهم الأمور لدي حالياً، فهو سيبعد شبح التشرد الذي يقلقني دائماً».