اتهم نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» الدكتور موسى أبو مرزوق الرئيس محمود عباس بأنه يضع المصالحة الفلسطينية في «كفة» ومرشحه لرئاسة حكومة التكنوقراط التوافقية سلام فياض في «كفة» اخرى، و «كأن المصالحة هي بين الشعب الفلسطيني وفياض، وهذا أمر غير معقول». وجاء كلام أبو مرزوق في تصريحات نشرها الموقع الالكتروني لصحيفة «فلسطين» المقربة من «حماس» في عددها الصادر أمس إن رداً على ما كشفته «الحياة» أول من أمس من أن عباس قال لعدد من الشخصيات قبل أيام إنه «لن تكون هناك مصالحة ما لم يكن فياض رئيساً للحكومة المقبلة». وعزا عباس اصراره على التمسك بترشيح فياض الى أنه مقبول أميركياً وأوروبياً ولديه القدره على تجنيد الأموال للسطلة الفلسطينية. ودعا أبو مرزوق عباس إلى «التفكير جدياً في مستقبل المصالحة»، وحمّله المسؤولية في حال فشل المصالحة. وحذر من أن «عباس يريد الآن أن يفرض فياض، أو أن يعيد الوضع الفلسطيني إلى ما قبل المصالحة». اعتبر موقف الرئيس الفلسطيني «غير مقبول وغير معقول»، وتساءل: «لماذا يربط المصالحة وإنهاء الانقسام بشخص واحد؟». وعبر ابو مرزوق عن رفضه الأسباب التي ساقها عباس لتمسكه بفياض. وقال: «إذا تحدث عن قدرته على إنهاء الأزمة المالية، فإن فياض هو الذي راكم الديون المالية على الخزينة، وأرهقها بديون داخلية تصل إلى بليوني دولار، وديون خارجية تتجاوز بليوناً وربع بليون دولار، فضلاً عن عجز شهري يصل إلى نحو ثلاثين مليوناً». واعتبر أن «فياض لم يكتفِ بما أقدم عليه في الضفة الغربية، بل تصدى لكل محاولات إنعاش الوضع المالي في قطاع غزة بالتعاون مع الإدارة الأميركية، في محاولة لإنهاء النظام البنكي برمته». ودعا أبو مرزوق فياض، الذي يشغل رئاسة الحكومة في الضفة الغربية، إلى «النأي بنفسه عن التجاذبات الحاصلة، والابتعاد عن أن يكون شرطاً لإبقاء الانقسام الفلسطيني الداخلي». وحض عباس على «التفكير جدياً في مستقبل المصالحة»، معرباً عن اعتقاده بأن عباس عندما ذهب إلى المصالحة «لم تكن الدوافع الداخلية هي التي دفعته لذلك، بل كان يراهن على أن حماس لن توقع (ورقة) المصالحة (المصرية) وورقة التفاهمات» الفلسطينية. وأشار الى أن «فياض لم يكن مرفوضاً في البداية من حماس فقط، بل كان مرفوضاً من فتح أيضاً». وكشف أبو مرزوق أنه «في الجلسة الأولى للحوار لم يكن اسم فياض مطروحاً، وطرحه عضو من فتح في نهاية الجلسة، وقال له الأعضاء الآخرون إنه مرشحك أنت فقط» لافتاً الى أن «وفد فتح كان يدفع في اتجاه رفض فياض القاطع». في غضون ذلك، علمت «الحياة» أن رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل يصل إلى القاهرة الأسبوع المقبل على رأس وفد من الحركة بدعوة من كبار المسؤولين المصريين، وذلك بعد أيام من الزيارة المرتقبة غداً (الجمعة) للرئيس محمود عباس إلى القاهرة. وذكرت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن ملف المصالحة سيكون على رأس المحادثات، ولفتت الى ان مصر تبذل مساع لإيجاد حل لملف حكومة التوافق العالق وحذرت من أن استمرار هذا الجمود في المصالحة والذي بذلت مصر جهوداً من أجل إنجازه ينعكس سلباً على الساحة الفلسطينية ويخلق أجواءً سلبية غير مشجعة. بدوره، عبر فياض عن رضاه عما وصفه «الإنجاز الرئيسي الذي حققناه المتمثل في تعزيز ثقة المواطن بقدرته على النجاح والإنجاز». ورأى أن «التشكيك والتشويه إزاء الأزمة المالية يستهدف المس بهذه الثقة وتقويض الإنجازات». وتقول السلطة الفلسطينية إنها تعاني أزمة مالية خانقة، قد لا تمكنها من دفع رواتب موظفيها الشهر المقبل. وقال فياض خلال حديثه الإذاعي الأسبوعي إنه «لا يمكن النظر إلى ما يجري من تشكيك، وتشويه في إطار التأويل اللامنطقي والمجحف في شأن الأزمة المالية الراهنة، إلا على أنه يمس بصورة جوهرية بهذه الثقة، تماماً كما يؤدي إلى تقويض ما تحقق من إنجازات أخرى في إطار عملية استكمال بناء مؤسسات دولة فلسطين وبنيتها التحتية، التي بات العالم أجمع يقر بها، ومن حق شعبنا أن يتساءل لمصلحة من يجري كل ذلك». واعتبر أن «الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الوطنية اليوم تمثل صعوبة حقيقية ينبغي علينا جميعاً مضاعفة الجهود، وكل من موقعه، لتجاوزها». وأقر بمسؤوليته الكاملة عن هذه الأزمة، وقال: «نحن لم نحاول أن نتهرب، أو نصدّر هذه المسؤولية، وحاولنا تجنيب الموظفين التأثير السلبي الناجم عن الأزمة، والوفاء باستحقاقات رواتبهم كاملة، إلا أن الضرورة، وبعد استنفاد كل الوسائل الأخرى المتاحة، اقتضت دفع نصف فاتورة الرواتب فقط (للشهر الجاري)، مع الحرص على عدم المساس بمخصصات ذات حساسية خاصة، كمخصصات أسر الشهداء».