توجه آلاف الفلسطينيين أمس، إلى المخيمات الخمسة المُقامة على بُعد مئات الأمتار من الحدود الشرقية لقطاع غزة مع إسرائيل، ليشاركوا في الجمعة الثالثة من «مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار»، في يوم أطلق عليه شعار: «رفع علم فلسطين وحرق علم إسرائيل» تزامن مع تشديد على الحفاظ على الطابع السلمي والابتعاد من مظاهر العنف. وتماهياً مع هذا الشعار، فُرشت مداخل المخيمات بأعلام إسرائيلية كبيرة ليدوسها المشاركون، وحمل شبان في مخيم شرق مدينة غزة على أكتافهم نعشاً ملفوفاً بعلم الدولة العبرية كُتب عليه: «نهاية إسرائيل»، وأحرق آخرون أعلامها وسط هتافات «راجعين يا بلادي». في المقابل، رُفعت أعلام فلسطينية ضخمة على ساريات بارتفاع 20 إلى 30 متراً. وقال الناطق باسم حركة «حماس» فوزي برهوم إن «رفع العلم الفلسطيني ووقوف كل فئات الشعب صفاً واحداً في مواجهة الاحتلال، تأكيد أن الثوابت الوطنية توحّدنا، وكل محاولات تركيع الشعب الفلسطيني فشلت». وكتب برهوم على حسابه في «تويتر»، إن حرق العلم الإسرائيلي رسالة إلى العالم أجمع أن «كائناً من كان لن يستطيع منح شرعية للاحتلال على أرض فلسطين، وأن الشعب الفلسطيني هو صاحب الأرض والقرار». وتجمّع مئات على بُعد عشرات الأمتار من الحدود وأشعلوا إطارات السيارات لحجب الرؤية عن الجنود المتمركزين خلف سواتر رملية، فيما رشقهم عدد آخر بالحجارة، قبل أن تدور مواجهات أسفرت عن استشهاد الشاب إسلام رشدي حرز الله (28 سنة) وإصابة 968 من بينهم 30 برصاص قناصة الاحتلال، يضافون إلى 33 شهيداً وأكثر من ألفي جريح سقطوا خلال الأسابيع الثلاثة المنصرمة، في حصيلة أثارت تنديداً دولياً واسعاً وأطلقت دعوات إلى فتح تحقيق مستقل، ما ترفضه إسرائيل. وتتهم الدولة العبرية «حماس» باستخدام التظاهرات لارتكاب أعمال عنف، غير أن الحركة تؤكد أن هدف المسيرات المستمرة حتى منتصف الشهر المقبل، هو «عودة اللاجئين إلى أراضيهم التي هجّرتهم منها العصابات الصهيونية عام 1948». وقال القيادي في الحركة إسماعيل رضوان في تصريح إلى «فرانس برس» إن «المشاركة الجماهيرية الواسعة تقول للجميع إن شعبنا مصمّم على العودة إلى أرضه وبلاده». وعشية «رفع العلم»، استشهد الفلسطيني عبدالله محمد الشحري (28 سنة) نتيجة إصابته برصاصة في الصدر أطلقها جنود الاحتلال خلال مواجهات شرق بلدة خزاعة شرق خان يونس، وفق ما أعلنت مصادر طبية في القطاع. وفي الضفة الغربية، اندلعت مواجهات في مناطق عدة أطلق خلالها الجنود الإسرائيليون الرصاص المطاط وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع بكثافة، ما أدى إلى وقوع إصابات عدة. كما قمعت قوات الاحتلال مسيرات مناهضة للاستيطان ولقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل». إلى ذلك، دعت السفيرة الفلسطينية لدى هولندا روان سليمان المحكمة الجنائية الدولية إلى «فتح تحقيق في جرائم الاحتلال»، لافتة إلى أن الأحداث الأخيرة في غزة «يمكن أن تعطي صورة واضحة عن معاناة الشعب الفلسطيني وفشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار حيال جرائم القتل التي ارتكبتها قوات الاحتلال أثناء التظاهرات السلمية في غزة». وخلال اجتماعها برئيس المحكمة الجنائية الدولية الجديد القاضي أوسوجي، في مقر المحكمة في مدينة لاهاي الهولندية، حيث قدمت له رسالة تهنئة نيابة عن وزير الخارجية رياض المالكي، أكدت سليمان أن «انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية أتى لتحقيق العدالة وليس الانتقام». وأكد أوسوجي تفهمه الكامل للقضية الفلسطينية، وقال إن المحكمة «ستتخذ القرارات اللازمة بناء على دراسة مكتب المدعي العام لمجمل حيثيات القضايا المطروحة، ووفقاً للإجراءات القانونية المتبعة، وإن طال أمدها».