دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى ضرورة تعزيز التكامل الاقتصادي العربي والنهوض بالعمل العربي المُشترك. وقال أمس أمام الجلسة الوزارية الافتتاحية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي تحضيراً للقمة العربية العادية ال29 برئاسة السعودية، إن الأزمات الخطيرة المتوالية التي ضربت المنطقة العربية منذ 2011، تزيد الأوضاع الاقتصادية صعوبة في عدد من الدول العربية، وتؤثر في التجارة البينية وفي مُعدلات التوظيف والتشغيل، وغيرها من أوجه النشاط الاقتصادي التي تأذت بشدة في ظل تصاعد التهديدات الإرهابية واستمرار حال انعدام الاستقرار في بعضِ الدول العربية. وقال أبو الغيط إن الدول العربية مطالبة في ظل الأوضاع الراهنة، بخوض معركتين في آن، وبالدرجة ذاتها من التصميم والعزم، الأولى القضاء على الإرهاب، والثانية التنمية والتحديث على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، موضحاً أنهما معركتان متكاملتان لا يمكن لشعوبنا العبور إلى المستقبل سوى بالانتصار فيهما معاً. وأشار إلى أن الطريق ما زال طويلاً لكي نطمئن إلى أن هذا البلاء (داعش) لن يعود ليضرب مجتمعاتنا من جديد. وأشاد أبو الغيط بجهود الكثير من الدول العربية في إقامة مشاريع اقتصادية كبرى، من شأنها تعبيد الطريق أمام ولوجها إلى عصر الثورة الصناعية الرابعة، معرباً عن أمله بأن تصب هذه الجهود في سد الفجوة الخطيرة في مجال التوظيف. وقال إن البطالة بلغت في العالم العربي، خصوصاً بين الشباب، معدلات مرتفعة تصل إلى 30 في المئة من قوة العمل، وأن النمو المنشود هو الذي يأخذ بيد كل شرائح المجتمع، ويُساهم في تخفيف حِدة الفقر، ويقود إلى زيادة الإنتاجية والاستثمار، ومن ثم توفير مزيد من فرص العمل. وشدد أبو الغيط على ضرورة تعزيز مشروع التكامل الاقتصادي الذي آن الأوان لانتقاله إلى حيز الفعل والتنفيذ. ولفت إلى جهود كبيرة خلال السنوات الماضية على صعيد استكمال الأركان القانونية والمؤسسية لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، والاتحاد الجمركي العربي، وتحرير التجارة العربية في مجال الخدمات. وقال أن الانطلاقة الكبرى نحو تحقيق هذه التطلعات ما زالت تنتظر الإرادة السياسية من أجل تحويل الحلم إلى واقع، على رغم ما تحقق على صعيد التكامل الاقتصادي العربي. واكد وزير المال السعودي محمد بن عبد الله الجدعان أهمية تعزيز الجهود العربية للنهوض بالاستثمار والتجارة البينية وبما يحقق التكامل الاقتصادي العربي، وأهمية الوصول إلى مرحلة اطلاق الاتحاد الجمركي العربي، داعياً الجامعة العربية لتسريع الخطى ودعوة الدول العربية لاستكمال التوقيع على اتفاق التعاون الجمركي. وعرض في افتتاح الاجتماع الوزاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي التحضيري للقمة العربية، والذي تسلم رئاسته من الأردن، إنجازات المجلس الاقتصادي والاجتماعي خلال خمسين سنة عقد خلالها الكثير من الاتفاقات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والعمل على تطبيق اتفاق تيسير وتنمية التبادل التجاري، من خلال الاتفاق على برنامج تنفيذي لها وقيام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، داعياً إلى مزيد من الجهود للوصول إلى المنطقة المتكاملة. ومن جهة الاستثمار، تم تعديل الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية. كما أشاد باتفاق تجارة الخدمات التي انضم إليها حتى الآن عشر دول عربية ووقعت عليها السعودية وانضمت إليها اليوم الأردن ومصر، داعياً في هذا الصدد بقية الدول بالإسراع في الانضمام كي تكتمل حلقة التجارة العربية البينية بفرعيها، السلع والخدمات. وقال إن ما تحقق لا يلبي التطلعات، على رغم الإنجازات في مسيرة العمل الاقتصادي والاجتماعي العربي ، فلا تزال التجارة البينية تعاني بعض العوائق، وظهرت بوادر عدم التزام من البعض في تطبيق الإعفاء الكامل للسلع المتبادلة ووجود بعض القيود الجمركية لدى بعض آخر، وتبني آخرين سياسات تجارية حمائية. وأكد الجدعان أهمية المواضيع المطروحة على المجلس والتي تستدعي النظر في إمكان رفعها ضمن الملف الاقتصادي والاجتماعي للقمة، ومن بينها الوثيقة العربية لحماية البيئة وتنميتها والاستراتيجية العربية للصحة والبيئة ومكافحة آفة الإرهاب. وتم وضع خطة عمل لتنفيذ «الإعلان العربي لدعم العمل العربي للقضاء على الإرهاب»، والذي أقره قادة الدول العربية في قمتهم ال28 التي عقدت العام الماضي في البحر الميت في الأردن، وكذلك أهمية تفعيل توصيات المؤتمر الدولي حول معاناة الطفل الفلسطيني في ظل انتهاك الاحتلال الإسرائيلي لاتفاقية حقوق الإنسان. وطالبت وزيرة الاقتصاد الوطني الفلسطيني عبير عودة، بضرورة دعم الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام، ودعم الوجود الفلسطيني في مدينة القدس، معتبرة ان توفير أسباب صموده أولوية قصوى، كرد واضح وصريح وقوي على السياسات القمعية التي تمارسها دولة الاحتلال. وقالت إن «رسالتنا إلى الوزراء هي رسالة الأخ الأصغر إلى إخوته الكبار الذين نعول عليهم كثيراً، لأن الوضع يزداد سوءاً، إذ إن الأمور السياسية أخذت منحى خطيراً جداً، خصوصاً بعد قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب القاضية بالإعتراف بمدينة القدس الشريف كعاصمة لدولة الاحتلال، في محاولة لتقرير مصيرها وإغلاق ملفها، ومحاولته أيضاً، شطب ملف اللاجئين من خلال وقف تمويل الأونروا»، والذي سيؤثر في تقديم الخدمات الأساسية لأكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني موزعين على أصقاع الأرض.