ألقى حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي حجراً في مياه المساعي الرامية إلى إجراء انتخابات اشتراعية قبل أوانها في المغرب، وأبدى تحفظه عن ذلك في حال عدم معاودة النظر في القوائم الانتخابية واستمرار مهمات بعض المحافظين. وطالب الحزب في بيان للأمانة العامة بتفعيل دور اللجنة الوطنية المكلفة الإشراف على الانتخابات. وفيما التزمت فاعليات حزبية الصمت حيال الموعد المقرر لتنظيم انتخابات في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل كي يتم افتتاح السنة الاشتراعية بمجلس نواب جديد، رأت مصادر حزبية أن موقف «العدالة والتنمية» قد يدفع إلى استمرار الحوار بين السلطات والزعامات السياسية بهدف الوصول إلى حلول وفاقية للمؤاخذات المطروحة. غير أن مصادر رسمية أكدت ل «الحياة» أن من غير الوارد إرجاء الانتخابات في حال دخول الدستور الجديد حيّز التنفيذ كونه يحدد صلاحيات المؤسسات من منطلقات جديدة. وأضافت أن ما هو مطروح حالياً على بساط الدرس هو إقرار القوانين التنظيمية ذات الصلة، بخاصة التقطيع الانتخابي والاتفاق على نمط الاقتراع ومعاودة النظر في قوانين الأحزاب للحؤول دون استمرار ظاهرة «الترحال»الحزبي، في إشارة إلى تغيير بعض النواب انتسابهم السياسي بعد حيازة ثقة الناخبين. وأضافت المصادر أن الدستور الجديد منح المؤسسة الاشتراعية صلاحية التقطيع الانتخابي ومنع تغيير الانتساب السياسي خلال الولاية الاشتراعية. بيد أن الأوساط الحزبية عرضت إلى مشاريع قوانين بهذا الشأن سيجري التداول حولها قبل تقديمها إلى البرلمان في اجتماع طارئ يُرجّح أن يعقد الشهر المقبل. وذكرت أن اجتماعات بين وزير الداخلية الطيب الشرقاوي والزعامات الحزبية في الموالاة والمعارضة ستبحث في تسريع الإجراءات التي تكفل تنظيم انتخابات نزيهة، بخاصة وأن الدستور الجديد نص للمرة الأولى على ربط أي استشارة شعبية بالنزاهة والشفافية والحياد. وأفادت المصادر أن قيادات الأحزاب دعت إلى اجتماعات طارئة لدرس التطورات الراهنة، في وقت يسود فيه الاعتقاد أن لا بديل عن تنظيم الانتخابات الاشتراعية في خريف العام الجاري، ما يعني استمرار حكومة رئيس الوزراء عباس الفاسي إلى ما بعد اقتراع تشرين الأول. وعزت المصادر هذا الاختيار إلى ضغوط تطاول إعداد الموازنة المالية للعام المقبل، وكذلك إقرار القوانين التنظيمية التي نص عليها الدستور الجديد في مستويات عدة من قبيل خفض أعضاء مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) وبلورة الإجراءات ذات الصلة بالنظام الجهوي الذي يتعلق بمنح المنتخبين المحليين صلاحيات أوسع على غرار الحكومات المحلية في البلدان الفيديرالية. إلى ذلك، استمرت «حركة 20 فبراير» الاحتجاجية في تنظيم التظاهرات المطالبة بإجراء المزيد من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية. وبدا أن قطاعات عمالية في المناجم دخلت على خط الاحتجاج في بعض المدن المغربية، ما بات يحتّم من وجهة نظر رسمية تسريع وتيرة الإصلاحات، وفي مقدمها تعيين حكومة جديدة تكون منبثقة من نتائج صناديق الاقتراع. لكن المصادر ذاتها دعت إلى الخروج من حال الانتظار، وتحديداً من خلال تفعيل مضمون الدستور الجديد. ويخشى بعض الأوساط أن يقل زخم الحماسة الذي ميّز الاستفتاء الدستوري في حال عدم اتخاذ مبادرات مشجعة على طريق إقامة مؤسسات منتخبة جديدة. لكن الخريطة الحزبية غير مرشحة لتغييرات جذرية إلا في حال أثمرت التحالفات التي بدأت تتشكل أقطاباً حزبية منسجمة قد تعاود خلخلة المشهد الحزبي الراكد.