أقام الرئيس إيمانويل ماكرون مساء أمس عشاء عمل خاصاً تكريماً لولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان وذلك في متحف اللوفر العريق، حيث حرص الرئيس الفرنسي على أن يكون عشاء منفرداً حتى من دون حضور المترجمة الرسمية في إشارة إلى الأهمية التي يوليها ماكرون للعلاقة الشخصية مع ولي العهد. وكان الأمير محمد بن سلمان وصل صباح أمس إلى مطار لوبورجي في باريس حيث استقبله وزير الخارجية جان إيف لودريان، وهو وزير دفاع سابق تربطه علاقة صداقة بالأمير محمد، والسفير الفرنسي لدى السعودية فرانسوا غوييت والسفير خالد العنقري ووزراء سعوديون يرافقون وليّ العهد. ويقيم رئيس الحكومة الفرنسية إدوار فيليب اليوم مأدبة غداء على شرف ولي العهد في قصر ماتينيون، على أن يلتقي الأمير محمد بن سلمان بعد الظهر في دار السفارة السعودية مقر إقامة الأمير، وزراء المال برونو لو مير والخارجية لودريان والدفاع فلورانس بارلي ثم يفتتح مساء في معهد العالم العربي واجهة المشربيات. وبعد ظهر غد الثلثاء يلتقي ولي العهد الرئيس ماكرون في قصر الإيليزيه وتلي المحادثات مأدبة عشاء. إلى ذلك وصف السفير غوييت زيارة ولي العهد بأنها مهمة كونها تطلق مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين. وقال ل «الحياة» إنها تتيح أيضاً تعزيز العلاقة بين الرئيس وولي العهد اللذين كانا التقيا في مطار الرياض وأقاما معاً شراكة طويلة الأمد ورؤية مشتركة للدولتين في ضوء رؤية السعودية 2030. والاتفاق لتطوير مدينة العلى، مدائن صالح الذي سيوقع غداً في الإيليزيه في حضور ماكرون وضيفه، هو المشروع الرائد في الشراكة الفرنسية- السعودية على الصعيد الثقافي. وسيوقع المشروع من الجانب السعودي رئيس الهيئة الملكية للعلى الأمير بدر بن فرحان، ومن الجانب الفرنسي لودريان. وعلى هامش الزيارة ستنظم ندوتان اقتصاديتان إحداهما في مؤسسة أرباب العمل والندوة السعودية- الفرنسية التي يرأسها وزير الطاقة السعودي خالد الفالح ولودريان صباح غد. إلى ذلك، قال مصدر فرنسي مأذون له إن المحادثات بين الرئيس الفرنسي والأمير محمد بن سلمان حول الأوضاع الإقليمية ستكون مهمة، خصوصاً أن ولي العهد عائد من الولاياتالمتحدة، وماكرون سيلتقي الرئيس دونالد ترامب بعد بضعة أسابيع. وبين الملفات التي ستناقش اليمن وإيران وسورية ولبنان. وأوضح المصدر الفرنسي أن باريس تشارك السعودية في تقويم سياسة إيران في المنطقة، لكن التباين هو في الاستنتاج لأن الرياض غير مقتنعة بجدوى الاتفاق النووي وتدعو إلى عقوبات على إيران. وتابع أن فرنسا تعتبر أن الخروج من الاتفاق النووي يعطي إيران الحرية لتطوير قنبلة نووية وعندها لن يكون بالإمكان ردعها. وأشار إلى أن هناك عملاً جارياً مع الولاياتالمتحدة حول الصواريخ الباليستية الإيرانية والملفات الإقليمية. وسيتوجه ماكرون إلى الولاياتالمتحدة بعد أيام. وسيتم تناول الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي لمعرفة الموقف السعودي بعد المحادثات مع ترامب، والتطرق إلى الموضوع السوري وتبادل الرأي. وتتوقع باريس أن تحاول القيادة السعودية إقناع الأميركيين بألا ينسحبوا من سورية. ولم تستبعد مصادر فرنسية أن يسعى الرئيس ماكرون إلى لقاء ثلاثي يجمعه وولي العهد السعودي ورئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري بعد مؤتمر «سيدر»، حيث أعلنت السعودية تقديم تمويل ببليون دولار للخطة الاستثمارية اللبنانية. وذكرت المصادر أن السعودية تمنت أن تتبلور الاتفاقات مع فرنسا والتي ستوقّع عندما يزور ماكرون المملكة خلال الربع الثاني من السنة. وقبيل مغادرته الولاياتالمتحدة، بعث ولي العهد السعودي ببرقية شكر إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أشاد فيها بالعلاقات التاريخية والإستراتيجية بين السعودية وأميركا. وأكد، في البرقية التي نشرت نصها وكالة الأنباء السعودية، أن المحادثات التي أجراها خلال الزيارة ستساهم في تعميق العلاقات وتمتينها، وتعزيز أواصر التعاون على النحو الذي يحقق مصلحة البلدين والشعبين الصديقين. وكان الأمير محمد بن سلمان زار، قبل مغادرته هيوستن إلى باريس، أحد المنازل التي تعرضت لإعصار هارفي وأعيد بناؤه، من خلال جهد إغاثي بذله متطوعون سعوديون. والتقى الأمير محمد عمدة هيوستن سيلفستر تيرنر، والمديرة التنفيذية لمنظمة habitat for humanity أليسون هاي، اللذين أعربا عن تقديرهما الدعم المقدم من أبناء السعودية للمدينة بعد وقوع الإعصار. وفي هيوستن، اطّلع وليّ العهد، خلال زيارة مقر شركة «أرامكو» في أميركا، على أجندة أبحاثها، وتفقد مختبراتها والتقى موظفيها، إضافة إلى اطّلاعه على عدد آخر من تقنيات الشركة وبحوثها.