واصل الثوار الليبيون تقدمهم نحو معاقل العقيد معمر القذافي الذي نظّم مناصروه صلاة جمعة حاشدة في الساحة الخضراء في طرابلس لإظهار أنه ما زال يحظى بدعم شعبي على رغم الهجمات المتواصلة لحلف شمال الأطلسي وعلى رغم أن الثوار باتوا على مشارف العاصمة من أكثر من جبهة. ونظّم أئمة ليبييون صلاة حاشدة أمس في الساحة الخضراء بطرابلس معقل النظام، وذلك في إطار التعبئة ضد غارات حلف الأطلسي. وتعاقب أئمة على التلفزيون الحكومي الليبي لدعوة الناس إلى الصلاة «للتضرع إلى الله من أجل حماية ليبيا من الغزاة الصليبيين والخونة». وتلت صلاة الجمعة تظاهرةٌ ردد خلالها المشاركون شعارات تشيد «بقائد الثورة» العقيد القذافي، الذي لم يخطب في الحشود. وقال الإمام في خطبته: «لقد دقت ساعة الجهاد»، ودعا المؤمنين الى «الزحف» الى المدن التي يسيطر عليها المتمردون لتحريرها، وقال إن «القوات الصليبية اجتاحت بلادنا بمساعدة الخونة، فاهجموا عليهم». وأقر الثوار أمس بأنهم فقدوا خمسة قتلى و17 جريحاً من مقاتليهم في معارك مع القوات الموالية للقذافي قرب مدينة زليتن (زليطن). وقال ناطق باسم الثوار في مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) إن المعارك دارت على بعد أربعين كلم غرب مصراتة قرب زليتن التي تحاول قوات المعارضة السيطرة عليها للاقتراب من العاصمة. وأوضح هذا الناطق أن الثوار باتوا الآن على بعد أقل من كيلومترين إثنين من وسط زليتن. ويحارب الثوار الآن على جبهتين في غرب ليبيا، الأولى حول زليتن شرق طرابلس والثانية في جبال نفوسة جنوب غربي العاصمة الليبية. وأفادت مصادر ديبلوماسية الجمعة أن الأممالمتحدة تبحث مع حكومة طرابلس والثوار الليبيين سبل تخفيف العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا خشية حصول نقص في المعدات واللوازم الطبية خصوصاً. وأعلن مسؤولون في الأممالمتحدة أن ممثلين عن المجلس الوطني الانتقالي، الهيئة السياسية للثوار الليبيين، وعن نظام العقيد القذافي أجروا محادثات الأسبوع الماضي مع منظمة الصحة العالمية بهدف وضع لائحة بالمجالات التي يمكن استثناؤها من العقوبات. وفي الأممالمتحدة، قال بيان أصدره مكتب الناطق باسم الأمين العام بان كي مون إن أمين المنظمة الدولية ناقش في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الليبي البغدادي المحمودي يوم الخميس الحاجة الى إنهاء القتال الحالي في ليبيا وكيفية «تخفيف الوضع الإنساني المروع والتوصل إلى مرحلة انتقالية قد تجلب السلام الى جميع الليبيين». وقال البيان إن رئيس الوزراء الليبي وافق على أن المبعوث الخاص للأمين العام الى ليبيا عبدالإله الخطيب يمكنه الحضور الى طرابلس قريباً لإجراء مشاورات عاجلة. وفي جنيف، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة نقل مئات المهاجرين الأفارقة من جنوب ليبيا الخاضع لسيطرة الحكومة جواً الى عاصمة تشاد في أول عملية إجلاء جوي تقوم بها المنظمة منذ بدء الصراع في ليبيا. وقالت المنظمة أمس إن نحو 370 مهاجراً معظمهم من تشاد تم إجلاؤهم من سبها في جنوب ليبيا على متن ثلاث طائرات استأجرتها المنظمة منذ يوم الأربعاء. وقال جومبي عمري جومبي الناطق باسم المنظمة في بيان صحافي إنه من المقرر استئناف الرحلات الجوية في مطلع الأسبوع المقبل. وكان يتم في السابق إجلاء المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل بالسفن والحافلات. وقالت المنظمة إنه لا يزال هناك ما يصل إلى ألفي مهاجر من تشاد ودول افريقية أخرى في سبها والقطرون وهي بلدة إلى الجنوب منها وإنهم قضوا اسابيع في العراء من دون أن يتوافر لهم ما يكفي من الطعام والماء والخدمات الصحية. وكان معظم المهاجرين يعملون في جنوب ليبيا لسنوات طويلة. وقالت المنظمة إنها صرفت مبالغ نقدية صغيرة لمساعدة المهاجرين في تغطية نفقاتهم الأولية. وحذرت منظمة «هانديكاب انترناشونال» وصندوق الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف) أمس الجمعة من أن الأطفال الليبيين معرضون لخطر أن يلحق بهم أذى من جراء كميات متزايدة من الألغام وبقايا المتفجرات في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. وقال ماريكسي ميركادو الناطق باسم يونيسيف في بيان صحافي في جنيف: «نشعر بأن التلوث في مصراتة واجدابيا وجبل نفوسة وبعض المناطق خارج بنغازي - وإن كان اقل الآن - يمثل خطراً كبيراً على الأطفال». وتأمل المنظمة توعية أكثر من نصف مليون شخص في شرق ليبيا وغربها بمخاطر الأسلحة بخاصة الأسلحة الصغيرة من خلال بث إعلانات تلفزيونية وإذاعية حتى تشرين الثاني (نوفمبر). وفي اسطنبول (رويترز)، نقلت صحيفة «ستار» التركية عن مسؤولين في وزارتي الخارجية والاقتصاد قولهم إن أنقرة جمدت ما قيمته بليون دولار من احتياطات البنك المركزي الليبي لدى البنوك التركية. وأوضحت أن الخطوة تأتي في إطار عقوبات الأممالمتحدة على حكومة القذافي. وأضافت أن المجلس الوطني الانتقالي حض تركيا على الافراج عن الاحتياطيات خلال زيارة قام بها أحد زعمائه هذا الأسبوع. ويملك المصرف الليبي الخارجي 62.37 في المئة في البنك العربي التركي وهو مصرف إسلامي بلغت قيمة أصوله 1.14 بليون ليرة (703 ملايين دولار) في 2011. ورفض المسؤولون في الهيئة المنظمة لعمل البنوك التركية التعقيب. وفي واشنطن (أ ف ب)، اعتمد مجلس النواب الأميركي الخميس قراراً يرفض وقف تمويل العمليات العسكرية التي يقودها حلف الاطلسي في ليبيا لكنه يمنع «البنتاغون» من تزويد الثوار الليبيين بمعدات وتجهيزات عسكرية أو حتى تقديم استشارات لهم. وأقر النواب بغالبية 225 صوتاً مقابل 201 تعديل على مشروع الموازنة السنوية قلص بموجبه قدرة الادارة على مساعدة الثوار الليبيين. وكان من المتوقع أن يصوت المجلس على مشروع القانون الجمعة، إلا أن النص المتعلق بالثوار الليبيين يمكن ان يواجه معارضة قوية في مجلس الشيوخ الذي عليه أن يقر التشريع قبل أن يرفعه إلى الرئيس الأميركي باراك اوباما. واقترح النص النائب الجمهوري توم كول من اوكلاهوما في وقت اعرب فيه العديد من النواب الأميركيين عن استيائهم من طريقة تعامل الحكومة مع النزاع الذي لا يحظى بشعبية ازاء الرأي العام. ويحظر هذا التعديل على البنتاغون «تقديم معدات تدريب عسكرية أو نصائح أو أي شكل من أشكال الدعم المتعلق بالانشطة العسكرية، سواء إلى مجموعة أو إلى فرد، سواء كان عنصراً أو لا في قوات مسلحة لبلد ما، بهدف مساعدة هذه المجموعة او هذا الفرد على القيام بأعمال عسكرية ضد ليبيا او فيها». وصرح كول اثر التصويت بأن «المجلس أتاح للرئيس الاميركي تجاوز صلاحياته ازاء النزاع في ليبيا»، مندداً بدور الولاياتالمتحدة في العمليات التي تتم بقيادة الحلف الاطلسي في ليبيا على انها «مغامرة غير حكيمة». الا ان السناتور الجمهوري جون ماكين المؤيد للثوار ندد بعملية التصويت على انها «مثيرة للقلق» لأنها «توجه الرسالة الخاطئة الى القذافي وللذين يقاتلون من أجل الحرية والديموقراطية في ليبيا - خصوصاً أن نظام القذافي بات ينهار بوضوح». وفي تصويت آخر منفصل، رفض مجلس النواب تعديلاً قدمه النائب دنيس كوسينيتش ينص على انه «لا يمكن استعمال اية اموال ينص عليها هذا القانون لأغراض عسكرية ضد ليبيا». كما رفض المجلس نصوصاً أخرى تنص على وقف دعم الحملة بقيادة الاطلسي، الا انه اقر تعديلاً رمزياً إلى حد كبير يشكك في طريقة تعامل اوباما مع النزاع. وبموجب التعديل الذي اقر بتأييد 316 صوتاً في مقابل 111، لا يمكن استعمال اي اموال ينص عليها هذا القانون لمخالفة قرار سلطات الحرب الذي يحتم على الرئيس الاميركي الحصول على موافقة الكونغرس لإبقاء القوات الاميركية في أي نزاع في الخارج. إلا أن الإدارة الأميركية اعتبرت أن النص لا ينطبق على العمليات الجارية في ليبيا. وفي غابورون (بوتسوانا)، نقلت «فرانس برس» عن مساعدة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا الخميس ان المحكمة لا تنوي سحب مذكرة التوقيف التي اصدرتها ضد معمر القذافي اياً تكن المفاوضات التي ستجرى للتوصل الى تنحي الزعيم الليبي، واصفة هذه الفرضية بأنها «ابتزاز». وقرر الاتحاد الافريقي الجمعة الماضية تجاهل المذكرة الدولية التي اصدرتها المحكمة الجنائية ضد القذافي، معتبراً أنها «تعقد كثيراً الجهود الرامية الى ايجاد حل سياسي تفاوضي للأزمة في ليبيا». ولمحت بنسودا بذلك إلى اقتراح قدمته طرابلس التي يُزعم أنها تتفاوض على تنحي القذافي في مقابل تخلي المحكمة الجنائية الدولية عن ملاحقته.