"الثالثة ثابتة" بالنسبة لمدينة بيونغ تشانغ الكورية الجنوبية التي اختيرت لتنظيم دورة الألعاب الأولمبية الشتوية عام 2018، حاسمة السباق لنيل شرف الإستضافة من الدور الأول متفوقة على مدينتي ميونيخ الألمانية وآنيسي الفرنسية. ففازت عن جدارة هذه المرة ومن الجولة الأولى لعملية التصويت، وبعدما خسرت السباق مرتين أمام فانكوفر الكندية عام 2010، وسوتشي الروسية التي ستنظم ألعاب عام 2014. ونالت بيونغ تشانغ 63 صوتاً من أصل 95، في مقابل 25 صوتاً لميونيخ و7 أصوات فقط لآنيسي. وهي المرة الأولى التي يُحسم فيها إختيار إحدى المدن لاستضافة دورة أومبية من الدور الأول للتصويت منذ عام 1995 عندما فازت سولت لايك سيتي الأميركية بتنظيم الأولمبياد الشتوي عام 2002. وستكون المرة الثالثة التي تقام فيها هذه الألعاب الشتوية في آسيا، والأولى خارج اليابان التي استضافتها مرتين في سابورو عام 1972 وناغانو عام 1998. علماً أنه سبق للعاصمة الكورية سيول أن نظمت الألعاب الصيفية عام 1988. وكان الرئيس الكوري الجنوبي لي ميونغ باك توجّه السبت الماضي إلى مدينة دوربان الجنوب أفريقية التي شهدت الإجتماع الرقم 123 للجمعية العمومية للجنة الاولمبية الدولية للتصويت على المدينة التي ستستضيف الألعاب. وإنتقل لي ميونغ-باك إلى دوربان بطائرة رئاسية زينها شعار بيونغ تشانغ. وأكد أن هدفه كان "جلب الألعاب الى آسيا". وقال عقب إعلان النتيجة "لقد عملنا بجهد كبير وسنجعل الجميع فخوراً بنا، فالحلم تحول الآن إلى حقيقة". وزاد: "كنت عضواً في الاتحاد الدولي للسباحة ورياضياً سابقاً ولذلك أقدّر أكثر من أي شخص آخر أن اللجنة الأولمبية الدولية والحركة الأولمبية ككل منحت الإستضافة إلى كوريا، والآن جاء دورنا لمبادلتهم العطاء". وإستثمرت كوريا الجنوبية 1.5 بليون دولار لبناء منشآت حول المدينة الواقعة على بعد 180 كلم شرق سيول، كما وعدت الحكومة بتأمين 1.53 بليون دولار إضافية لتأهيل السكك الحديد وبنى تحتية أخرى. وكانت المؤشرات كلها تنبئ بحصول بيونغ تشانغ على شرف الإستضافة في ضوء تقارير عدة تؤكد غنى الملف الكوري الجنوبي لتحقيق حلم "الآفاق الجديدة" المنشود في إطار برنامج يهدف إلى تعزيز سوق التزلج في قارة آسيا. وإستخدمت اللجنة الكورية في حملتها أغنية "لدي حلم" لفرقة آبا الشهيرة، وأنشدها متطوعون ضمن احتفالات الترويج. وأكدت 39 شركة عاملة في نطاق بيونغ تشانغ تنتج وتسوّق 123 ماركة تجارية مؤازرتها ودعمها لهذا الترشيح "المستحق"، والمتزامن مع البرنامج السياحي "أفضل ما في كوريا"، وهو بادرة "تكميلية" كي تزخر الألعاب فضلاً عن البرنامج الرياضي المتكامل والناجح، بأفضل فقرات الترفيه والثقافة وسط طبيعة خلابة. وعموماً، بدت أسهم بيونغ تشانغ مرتفعة في ضوء إنطباعات لجنة تقويم الملفات المنبثقة من اللجنة الأولمبية الدولية، التي زار أعضاؤها المدينة الكورية مرات كما تفقدات منشآت ميونيخ وآنيسي، واستناداً إلى التطور الملحوظ المسجّل على حدّ تعبير رئيسة اللجنة غولينا لايندبرغ. خصوصاً أن هذا الملف يسجّل خطوات تقدّم مضطردة منذ الترشّح الأول عام 2001، باعتبار أن أعمال التطوير والبنى التحتية لم تتوقف أو تتعثر، فضلاً عن تنظيم بطولات عالمية عدة ومنتديات للشباب. وخاطب الرئيس الكوري لي ميونغ باك لجنة التقويم لافتاً إلى أن الألعاب تحظى بدعم شعبي يفوق ال95.8 في المئة، "وهي ليست طموحاً لأبناء مقاطعة غوانغ وون حيث تقع بيونغ تشانغ، بل ل50 مليون كوري". من جهته، أكدّ رئيس لجنة الملف شو يانغ (رئيس شركة الطيران الكورية) هو ل"دارالحياة" في آذار (مارس) الماضي خلال زيارة لمواقع في المدينة المرشحة، أن الألعاب ستفعّل سوق التزلج "هذه السياحة الناشطة في كوريا حيث توجد 21 محطة لرياضاتها، لتتماشى مع النهضة الإقتصادية الكبيرة. كما أنه لا يجوز أن تبقى الرياضات الشتوية تميزاً لبلدان الغرب ومحصورة بها". وصممت مرافق بيونغ تشانغ الأولمبية ضمن مساحة لا تتطلب أكثر من 30 دقيقة لبلوغ أبعدها، وبإمكان الوصول إليها من سيول في أقل من ساعة واحدة بواسطة قطار كهربائي سريع. وتجمع محطة "ألبنزا" على إرتفاع نحو 1500م عن سطح البحر، مرافق وساحات ومدارج عدة لمختلف أنواع التزلج وإختصاصاته، إضافة إلى برج القفز ومضاميره وساحة الوصول المحاطة بالمدرجات والبارك المائي، والمقرر أن تكون مسرح إفتتاح الألعاب وإختتامها. وتتوافر في المكان سلسلة فنادق وشاليهات عصرية، كما جهّزت 5 آلاف غرفة عصرية للإعلاميين. ويشيّد مركز للمؤتمرات كي تستخدمه اللجنة الأولمبية الدولية. وإفتتح العام الماضي فندق أنتركونتيننتال (274 غرفة)، وبجواره ستشاد القرية الأولمبية والمركز الإعلامي الذي سيتحوّل بعد الألعاب إلى أكاديمية لتقنيات التلفزة والبث. وأوليت عناية كبيرة بالجانب البيئي، لا سيما أن الطاقة الشمسية هي المزود الأساس في هذه المرافق. وبيونغ تشانغ التي وفت بوعودها على رغم "إخفاقين سابقين"، وفّرت من خلال "البرنامج الحلم" وعلى مدى سنوات لحوالى ألف ولد من مختلف أنحاء العالم لم يسبق لهم أن عاينوا الثلج على الطبيعة، زيارة هذه المدينة وفرصة الإختلاط والتعارف والتشارك وتعلّم رياضات شتوية. وستخصص اللجنة المنظمة 13 مليون يورو لمرافق المسابقات البارالمبية (الخاصة بالمعوقين) التي ستلي الألعاب العادية، لتضاف إلى الموازنة التنظيمية التي تستثمر في بناء المنشآت ومرافق المدينة الرابضة بجانب الساحل والملاصقة للجبل. وعرفت كوريا الجنوبية رياضات التزلج منذ عام 1894، وشهدت أولى المنافسات والعروض عام 1925، والبطولات الرسمية عام 1929. وشارك رياضيوها في الألعاب الأولمبية للمرة الأولى في دورة سان موريتس عام 1948. وسارت بعثتا والجنوب والشمال معاً في إفتتاح دورة تورينو عام 2006. وحلت كوريا خامسة في ترتيب جدول الميداليات في دورة فانكوفر عام 2010، حيث تميزّ رياضيوها في مسابقات التزحلق السريع والتزحلق الفني.