تستعد الحكومة المصرية لإعلان اكتمال تنفيذ المشروع القومي للطرق، والذي يستهدف التيسير على المصريين الذين يقضون أكثر من ثلث يومهم في زحمة الطرق، وتهدر كثيراً من أوقاتهم. ويُجهّز لافتتاح مشاريع طرق، خصوصاً تلك الجديدة التي تربط الدلتا شمالاً بالصعيد جنوباً، وسيناء شرقاً بالعلمين في الشمال الغربي. ويهدف المشروع إلى توفير الكثير من الوقت المهدور في الانتقال من قلب العاصمة المكتظة بالسكان إلى المحافظات، ودعم المشاريع الاستثمارية. وانتهت وزارة النقل من تنفيذ سبعة مخططات في المشروع القومي للطرق في إطار المرحلتين الأولى والثانية، ويتبقى خمسة مشاريع في المرحلة الثالثة. وأعلن وزير النقل هشام عرفات أخيراً، أن مصر «بدأت أعمال تنفيذ المرحلة الثالثة من المشروع القومي للطرق، بعد إصدار أوامر الإسناد لشركات المقاولات التي ستنفّذه وفقاً لقائمة الأسعار الموحدة. ووفق الوزير فإن شركات المقاولات الصادر لها أوامر الإسناد، «بدأت أعمال المسح وتجهيزات مسارات الطرق الجديدة ونقلت معداتها إلى المواقع المختلفة». وأشار عرفات إلى أن هذه المرحلة من المشروع «تشتمل على 6 طرق بكلفة 11 بليون جنيه». وكانت مصر بدأت مشروعها القومي للطرق عام 2014 ، مع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي مقاليد السلطة، إذ ركز على مشاريع تدخل في إطار البنى التحتية، من شق قناة سويس موازية تتيح ازدواج القناة القديمة، وإنشاء شبكة طرق داخلية ضخمة، واستصلاح أراضٍ جديدة تصل إلى مليون ونصف المليون فدان، وإنشاء مزارع سمكية. وتدخل أيضاً في إطار توفير فرص عمل. وقالت وزيرة التخطيط هالة السعيد، إن «معدل البطالة بلغ 11.7 في المئة في الربع الأول من العام المالي الحالي (الفترة من حزيران - يونيو حتى نهاية أيلول - سبتمبر 2017). وربما لاحظ السيسي أن هذه المشاريع التي تستخدم يداً عاملة كثيفة وإن وفرت فرص عمل، إلا أنها لا تقضي على البطالة طيلة الوقت. وقال في مؤتمر أخير (منتدى شباب العالم في شرم الشيخ)، «لما عملنا حجماً ضخماً من المشاريع القومية مش أقل من 3 ملايين شاب وأكثر يعملون فيها، وبالتالي هذا يوفر حجماً من التشغيل حتى لو كان موقتاً، لكنه حل موقت وسنستمر في هذه المشاريع». نفذت شبكة الطرق الجديدة في مصر القوات المسلحة ووزارة النقل المختصة بالأصل بمشاريع الطرق، وفي الأعوام الثلاثة الماضية وتحديداً في المرحلتين الأولى والثانية من المشروع، أُضيفت 5 آلاف كيلومتر إلى الطرق في مصر بعد سنوات طويلة من التوقف عن الإضافة، أو تنفيذ إضافات لا تتناسب مع حجم الطلب على الطرق لأغراض السفر والتجارة والتنمية، معظمها في المحاور المتقاطعة مع القاهرة شمالاً وجنوباً، واستهدفت فك الاختناقات المرورية الحادة. وقال رئيس هيئة الطرق والكباري والنقل البري اللواء عادل ترك، إن ما «نفّذته مصر من 5 آلاف كيلومتر من الطرق الجديدة والحرة إعجاز بكل المقاييس، إضافة إلى تطوير 3 آلاف من الشبكة القديمة، وعلى رغم ذلك، لم نحقق سوى 20 في المئة من خطتنا». وأكد «تنفيذ بقية خطة التطوير والإنشاء لشبكة الطرق الحديثة في الأعوام المقبلة، التي تضاهي الموجود في العالم». وأوضح ترك أن الشبكة الجديدة من الطرق «تضاهي مثيلاتها في العالم باعتراف الاتحاد الدولي للطرق، أما الحوادث فهي مسؤولية الجميع». وأمل بأن «يساهم قانون المرور الجديد في تقليص معدلات الحوادث، والتي يحدث أكثر من 70 في المئة منها على طرق المحليات». وأعلن الناطق الرسمي للاتحاد الدولي للطرق ماجد العبيد، أن مصر «تبذل جهوداً عظيمة في مجالات تحسين شبكة الطرق من خلال تحديث شبكتها وإنشاء طرق سريعة، ويقدم الاتحاد كل الدعم الفني لها من خلال خبراء الاتحاد، لكن ما يقلقنا هو زيادة معدلات حوادث الطرق على مستوى العالم، وأيضاً غياب الأرقام الصحيحة للوفيات والإصابات»، لذا قال «لا بد أن تهتم مصر بمكافحة هذه الظاهرة ونحن معها ونقدم كل الدعم». وطبقاً لبيانات وزارة النقل، سيبدأ العمل بالمشاريع الثلاثة في إطار المرحلة الثالثة من المشروع، وهي طريق جنوب الفيوم- الواحات بطول 132 كيلومتراً وبتكلفة 575 مليون جنيه، والطريق الإقليمية من بلبيس حتى الإسكندرية بطول 92 كيلومتراً بتكلفة 9 بلايين جنيه. كما انضمت الطريق الصحراوية الغربية من القاهرة- أسيوط، بطول 400 كيلومتر. وتظل الطرق في الدلتا (شمال البلاد) بطيئة التلقي في المشروع القومي للطرق، بسبب الاعتداءات العشوائية والبناء في كل مكان، ما يجعل عملية شق طرق جديدة أرضية أو علوية في الدلتا أمراً صعباً جداً. وفي الدلتا وتشقها طريق مصر الإسكندرية الزراعية 12 منطقة تطلق عليها وزارة النقل اسم «النقاط السوداء»، بسبب ضغط السير والازدحام والحوادث القاتلة. وتبدو وزارة النقل في حيرة شديدة أمام تقديم حلول ناجزة على هذه الطريق، وبدأت دراسة بناء مجموعة من الجسور للسيارات وليس للمشاة، لتحقيق السيولة والتخفيف من الحوادث. أما بالنسبة إلى الصعيد (جنوب البلاد)، الطرق التي تشملها المرحلة هي تنفيذ طريق «القاهرة- أسيوط» وتطويرها (6 حارات: 3 حارات للركاب، و3 حارات للنقل)، بطول 400 كيلومتر وبتكلفة 6.700 بليون جنيه. ومشروع ازدواج وصلتي ربط طريق «الصعيد- البحر الأحمر» في سوهاجوأسيوط، بطول 180 كيلومتراً وبتكلفة 1.250 بليون جنيه، ومشروع ازدواج طريق «ساحل البحر الأحمر- سفاجا - مرسى علم» (3 حارات- اتجاه)، بطول 213 كيلومتراً وبتكلفة 1.065 بليون جنيه، ومشروع ربط طريق السويس بنفق الشهيد أحمد حمدي (4 حارات- اتجاه)+ 2 كوبري، بطول 24 كيلومتراً وبتكلفة 550 مليون جنيه، ومشروع ازدواج طريق 6 أكتوبر- الواحات (3 حارات- اتجاه) بطول 325 كيلومتراً وبتكلفة 750 مليون جنيه، ومشروع استكمال طريق الخدمة بطريق «القاهرة- السويس»، وذلك من الطريق الدائرية الإقليمية إلى الطريق الدائرية القائمة، حيث ستُنشأ طريقي خدمة ذهاب وعودة، بطول 37 كيلومتراً وبتكلفة 500 مليون جنيه. ولاحظ خبراء أن الطرق «تشكل شرايين حيوية لأي بلد، تهالكت في مصر عبر الإهمال ولسنوات طويلة، وبوسعها بعد اكتمال المشروع تحقيق الاستغلال الأمثل لثروات مصر القومية ممثلة في المناطق التعدينية والسياحية والصناعية، والمساهمة في خدمة مناطق التنمية الزراعية، خصوصاً مشروع استصلاح 5.1 مليون فدان، وتقصير أوقات الرحلات وتكاليف التشغيل والتأثير البيئي، إضافة إلى خفض استهلاك الوقود. ورأى خبير القانون الدولي المستشار حسن أحمد عمر، أن المشروع القومي للطرق والجسور «طموح ومهم بالنسبة إلى مصر». وقال «كان يمكن المشروع أن يحقق طفرة استثمارية ضخمة، ممثلة بالقيمة المضافة له، ولكن ارتفاع سعر الفائدة في البنوك المصرية حال دون مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ مشاريع إنتاجية كوجه آخر لمشروع الطرق والكباري». وأكدت وزارة النقل أن «العائد الاقتصادي والاجتماعي ومردوده على المواطن، هو تحقيق تنمية تجارية وزراعية وعمرانية واقتصادية، والحد من حوادث الطرق وإضافة عشرات الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة». ولدعم الطرق الجديدة، وضعت وزارة النقل مشروع إنشاء الكباري الذي يشمل 33 مشروعاً فرعياً بهدف ربط شرق النيل بغربه، ما يخفف العبء والتكدس المروري وتشجيع الحركة التجارية والصناعية والزراعية، وحل مشاكل الاختناقات المرورية ورفع مستويات السلامة والأمان. وحددت الهدف من المشروع في خدمة المدن الجديدة على جانبي الطريق الدائرية. والموقف التنفيذي حتى الآن، هو الانتهاء من 70 في المئة من عملية كبيرة تشمل إنشاء 3 محاور على النيل وعدد 16 (كوبري علوي) بتكلفة 2.3 بليون جنيه، ويغطي المشروع المقرر انتهاؤه عام 2019: أسوان- الأقصر- قنا- سوهاج- أسيوط- المنيا- بني سويف- القليوبية- الشرقية- البحيرة- المنوفية- كفر الشيخ – الدقهلية- الجيزة- الإسكندرية- مطروح، مع سقف تكلفة استثمارية في حدود 7.7 بليون جنيه مصري. أما مشروع إنشاء الطرق وازدواجها وتطويرها في المحافظات، فيستهدف تخفيف الكثافة المرورية على الطريقين الزراعية والساحلية، وزيادة معدلات التنمية التجارية والسياحية والصناعية والحد من الحوادث، وتسهيل حركة نقل الركاب والبضائع. وينتهي المشروع عام 2020، ونُفذ حتى الآن إنشاء وازدواج طرق بأطول 500 كيلو متر وتكلفة 3 بلايين جنيه. كما رُفعت كفاءة 1200 كيلومتر من الطرق بتكلفة بليوني جنيه. أما التكلفة الاستثمارية الكلية حتى انتهاء المشروع، فتصل إلى 15.3 بليون جنيه. لقد منح مؤشر جودة الطرق مصر 3.9 نقطة ووضع ترتبيها في المكانة ال75 على مستوى العالم، ومؤشر جودة الطرق. وهو من مكونات مؤشر التنافسية العالمية الذي ينشره سنوياً المنتدى الاقتصادي العالمي. وهو يقوّم نوعية الطرق في دول العالم، استناداً إلى بيانات استطلاع الرأي الذي يجريه المنتدى الاقتصادي العالمي. ويسأل المنتدى أكثر من 14 ألفاً من قادة الأعمال في 144 بلداً، سؤالاً واحداً فقط، عن تقويم الطرق في بلد عملهم، على مقياس من (1) إلى (7) درجات، أي من (متخلفة إلى واسعة وفعالة)، وأعطى التقويم الأخير مصر نقاطاً أكثر من النصف. واهتم خبراء النقل في مصر بالتقويم، وأكدوا أن المؤشر سيرتفع في العامين المقبلين بعد اكتمال المشروع القومي للطرق.