أطلق الشاب اليافع عبد الفتاح عبد النبي (19 سنة) العنان لساقيه لمساعدة رفيق الشاب على النجاة من رصاصات قناص تلاحقه أثناء هروبه وفي يده إطار سيارة. التقط عبد النبي، وهو يجري بأقصى سرعة مبتعداً كثيراً عن السياج الحدودي شرق مدينة غزة، الإطار من يد رفيق قبل أن يعاجله جندي إسرائيلي برصاصة أردته شهيداً عصر الجمعة الماضي. كان عبد النبي، وهو واحد من 17 شهيداً سقطوا برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء مشاركتهم في مسيرة العودة الكبرى الجمعة مع مئات آلاف المتظاهرين السلميين، يمارس حقه في التعبير عن رغبته في العودة إلى أرض آبائه وأجداده في قرية «سمسم» المدمرة. لا تبعد قرية عبد النبي، التي هجّرت العصابات الصهيونية أهلها الأصليين الفلسطينيين عام 1948، عن القطاع سوى 15 كيلومتراً فقط. وتداول ناشطون فلسطينيون شريط فيديو قصيراً يُظهر بوضوح عبد النبي ورفاقه يفرون بعيداً عن السياج الحدودي تحت وابل من الرصاص الإسرائيلي، من دون أن يحملوا سلاحاً أو حتى حجارة، ولم يشكلوا خطراً على الجنود المدججين بالسلاح. وسخر ناشطون فلسطينيون عبر شبكات التواصل الاجتماعي من «مهنية» قوات الاحتلال التي «تحترف قتل الفلسطينيين العزل بدم بارد». ويستعد الفلسطينيون لتنظم مسيرة ضخمة جداً في 15 الشهر المقبل لمناسبة الذكرى السبعين لنكبة فلسطين، وطالبت اللجنة القانونية في الهيئة العليا لمسيرة العودة بمحاسبة إسرائيل على جرائمها التي ترقى إلى درجة جرائم الحرب، فيما تستعد جهات أخرى لتوثيق الجرائم ضد عدد من الصحافيين الفلسطينيين، الذين أطلقت قوات الاحتلال النار عليهم الجمعة أثناء ممارستهم عملهم وهم يرتدون شارات صحافية تدل عليهم بوضوح. من جهتها، طالبت اللجنة التنسيقية العليا لمسيرة العودة الكبرى بمحاسبة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على جرائمها في حق المتظاهرين، وبالمثل حضت الفصائل الفلسطينية على تقديم «لوائح اتهام» ضد القادة الإسرائيليين السياسيين والعسكريين إلى المحاكم الدولية. في موازاة ذلك، أقر جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس، ب «احتجاز جثتي فلسطينيين قتلهما، الجمعة الماضية في قطاع غزة، خلال أحداث «مسيرة العودة». وذكرت مصادر فلسطينية أن جثمان الشهيدين هما مصعب السلول (22 سنة)، ومحمد الربايعة (22 سنة)، كانا قتلا قرب السياج الحدودي شرق غزة. وأكدت تل أبيب الرواية الفلسطينية، عندما حذر منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، يوأف مردخاي من أن «إسرائيل لن ترتاح ولن يعرف سكان غزة السلام حتى يعود الإسرائيليون والجنود من القطاع ويحضر جنودنا لدفنهم». وقال: «الجيش يحتجز جثث مصعب السلول، أحد نشطاء حماس ومحمد ربايعة، وهما كانا مسلحين ببنادق وقنبلة وحاولا تنفيذ هجوم في إسرائيل، وجثتيهما تضاف إلى 24 جثة أخرى تحتجزها إسرائيل منذ عملية الجرف الصامد، ونفق الجهاد، الذي تم تفجيره في تشرين الأول (أكتوبر)» الماضي. وزاد: «قيمة مشتركة في اليهودية والإسلام هي دفن الموتى. سكان غزة، حماس أيضاً تحرمك من حق الدعاء لأولادك».