اختار عدد كبير من السعوديين قضاء إجازتهم الصيف الحالي داخل البلاد نظراً إلى الأحداث والاضطرابات التي تعيشها دول عربية تمثل متنفساً لعائلات عدة في المملكة. وتشكل «الثورات» في تونس ومصر وسورية واليمن، فضلاً عن حالة عدم الاستقرار في لبنان، عائقاً كبيراً أمام عدد من السياح السعوديين الراغبين في السفر إليها، في حين ألغى عدد كبير حجوزاتهم إلى أوروبا بعد تفشي بكتيريا «اي كولاي» وتجدد مخاطر تصاعد الرماد البركاني في ايسلندا خلال الفترة الماضية. وقال رئيس اللجنة السياحية في جدة الأمير عبدالله بن سعود: «سيكون الطلب هذا الصيف كبيراً جداً، خصوصاً مع قصر فترة الإجازة التي لا تتجاوز 40 يوماً قبل شهر رمضان الذي يتفرغ فيه الناس للعبادة والروحانيات». وأضاف: «هناك أكثر من 100 فعالية رئيسية في مهرجان جدة يتفرع عنها كذلك نحو 100 فعالية ثانوية في المهرجان الذي يستمر 70 يوماً حتى بعد عيد الفطر». وتابع الأمير: «توقعاتنا تشير إلى أن مدينة جدة ستتأثر بأكبر نسبة تشغيل هذا الصيف، تليها الطائفومكةالمكرمة التي ستنشط فيها الزيارة الدينية بشكل كبير، إلى جانب المنطقة الجنوبية ومدينة أبها تحديداً التي يقصدها السياح الخليجيون». من جهته، قال محمد الفلاح (35 عاماً) الذي يعمل محاسباً إنه ألغى خطط السفر لعائلته بسبب الأوضاع غير المستقرة في المنطقة: «كنا في السابق نتوجه إلى القاهرة لقربها وملاءمة أسعارها لمدخولنا، لكن قررت مع عائلتي أن نقضي الإجازة داخل الوطن، خصوصاً أن فترة ما قبل رمضان قصيرة جداً». بدوره، قال عبدالله العجمي (49 عاماً) الذي يعمل مدرساً إنه قرر في اللحظات الأخيرة إلغاء الحجز المؤكد إلى فرنسا «وبعد أن استبعدنا الدول العربية لقضاء إجازة العام، اخترنا أوروبا، لكن فجأة ظهرت بكتيريا اي كولاي وأثارت الذعر، لذلك فضلنا المكوث في جدة والاستمتاع بالمهرجانات المحلية». ويقدر حجم صناعة السياحة في السعودية بحوالى 57 بليون ريال العام الماضي. لكن الأمير عبدالله أكد أن أكبر عائق سيواجه التدفق السياحي الداخلي هو محدودية الرحلات الجوية. وأوضح في هذا السياق أن «المملكة مترامية الأطراف، والتنقل عبر الطرق مستبعد لدى السعوديين نظراً إلى سوء الخدمات وعدم جاهزيتها أي أن الطرق البرية لا تزال غير ممتعة للسائح، ما يضطره إلى اختيار النقل الجوي». وتوقَّع رئيس اللجنة السياحية في جدة أن يصل حجم الإنفاق السياحي في المدينة إلى أربعة بلايين ريال. إلى ذلك، قال رئيس جهاز السياحة في مكةالمكرمة محمد العمري ل «فرانس برس»: «إن معدلات الإشغال سترتفع بين 15 و 20 في المئة العام الحالي، لأن بدء العمل بالتصنيف الجديد للفنادق والشقق المفروشة الذي أقرته هيئة السياحة إلى جانب تحديد الحد الأعلى للأسعار يخلق نوعاً من المنافسة الشرسة في السوق». واستبعد العمري أن يكون للأحداث الجارية في الدول العربية أثر كبير في زيادة الإشغال محلياً «ففي العام الماضي لم تكن هناك أي اضطرابات ومع ذلك ازدادت نسبة الطلب داخلياً 15 في المئة مقارنة مع العام 2009». من جانبه، توقَّع مركز المعلومات السياحية السعودي نمواً بنسبة 27,5 في المئة في عدد الرحلات السياحية المحلية خلال الصيف الحالي، وارتفاع إجمالي ما ينفقه السياح في الحركة المحلية بنسبة 31 في المئة طوال فترة الموسم. ومن المتوقع كذلك أن تزداد عائدات الحركة المحلية الصيف الحالي إلى 10,4 بليون ريال (2,8 بليون دولار) في مقابل دخل بلغ ثمانية بلايين ريال العام الماضي، أي بزيادة نسبتها 30 في المئة. ووفقاً للمركز، فإن أعداد المسافرين للخارج خلال إجازات الأعياد العام 2010 بلغت ما لا يقل عن 3,4 مليون في مقابل ثلاثة ملايين العام 2009، أي بزيادة 13 في المئة. في غضون ذلك، قال مدير قطاع السفر في إحدى وكالات السياحة محمد عزوز ل «فرانس برس»: «إن الحجوزات الى مصر صيف هذا العام شهدت تراجعاً كبيراً، فيما كان هناك إلغاء تام للسفر إلى سورية وتونس والمغرب». وأضاف: «تصدرت حجوزات العام دول أوروبا وجنوب أفريقيا وتركيا، كما أن هناك طلباً جديداً على إيطاليا وإسبانيا، ونتوقع أن يكون هناك طلب على أوروبا الشرقية خلال الفترة المقبلة».