يعتبر نيسان (أبريل) شهراً استثنائياً بالنسبة للاستثمار في البنية التحتية في منطقة الخليج، حيث شهد كثير من دول مجلس التعاون الخليجي الإعلان عن إطلاق مجموعة جديدة من المشاريع الاستثمارية الرئيسية في البنية التحتية لقطاع النقل. وفي وقت دخلت الاستثمارات السابقة في قطاعات الموانئ والسكك الحديد والخدمات اللوجيستية حيز التنفيذ، أثيرت مخاوف كبيرة حول الارتفاع السريع في تكاليف البناء والتباطؤ المحتمل في الإنفاق العام. ورصدت «الهلال للمشاريع» هذه التطورات المتعلقة بهذه الاستثمارات من خلال نظرة على أسواق دول مجلس التعاون الخليجي في تقرير شهري. ولفت التقرير إلى أن قيمة مشاريع البنية التحتية التي تنفذ في منطقة الشرق الأوسط تبلغ 2.5 تريليون دولار، في حين تصل حصة دول الخليج من هذه المشاريع إلى حوالى 90 في المئة، وفقاً لتقرير «سيتي للبحوث» الصادر في نيسان، إلا أن التقرير الذي أصدرته وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني العالمية أخيراً، عمل على خفض مستوى التوقعات الاستثمارية، إذ توقع أن تتواصل معدلات الإنفاق على البنية التحتية في دول مجلس التعاون الخليجي بنسب معتدلة في العام الحالي. كما توقعت «موديز» أن تعطي حكومات أولوية للإنفاق والاستحقاقات الحالية بدلاً من الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، مستندة في ذلك إلى الإجراءات التي قامت بها المملكة العربية السعودية التي رفعت موازنتها بنسبة 4 في المئة هذه السنة، مقارنة ب19 في المئة للعامين السابقين. كما تشير تقارير صادرة هذا الشهر إلى أن ارتفاع المشاريع التي تنفذ في دول مجلس التعاون الخليجي، تؤدي بدورها إلى ارتفاع تكاليف المواد واليد العاملة والمعدات والوقود، إلا أن الدور الذي تؤديه الضغوط التنافسية سيكون بمثابة القضية الأساسية للصناعات المرتبطة بقطاع البنية التحتية على مدى الأشهر المقبلة. استحوذ قطاع السكك الحديد السعودي، على اهتمام أخبار النقل الرئيسية في نيسان، لا سيما مع الإعلان عن بدء تنفيذ مشروع أول شبكة مترو في الرياض، والذي سيتألف من ستة مسارات، ويمتد لمسافة 176 كيلومتراً، بكلفة إجمالية تبلغ 22.5 بليون دولار. كما حقق مشروع شبكة مترو مكةالمكرمة المزمع تنفيذه، قفزة نوعية مع الإعلان عن القائمة النهائية التي ضمت عشر شركات وطنية ودولية سيتم الاختيار بينها لتنفيذ المشروع الذي تصل كلفته الإجمالية إلى 16 بليون دولار. من جانب آخر، استقطب مشروع بناء مدينة صناعية جديدة في منطقة جازان، اهتمام المستثمرين هذا الشهر عبر تقديم قروض ميسرة بقيمة 75 في المئة من كلفة المشروع الإجمالية، وفق الموقع الإخباري «زاوية». وصرّحت «جامون غروب»، الجهة المطورة للمشروع البالغة كلفته 75 بليون ريال (20 بليون دولار)، بأن المدينة الجديدة ستساهم باستحداث حوالى 100 ألف وظيفة جديدة في المملكة. وشهدت منطقة الجوف الإعلان عن مشاريع الرعاية الصحية بقيمة بليون ريال، وتشمل بناء مستشفى الملك عبدالعزيز التخصصي ومستشفى الأمير متعب بطاقة استيعابية تصل إلى 300 سرير، إضافة إلى بناء مستشفى مختص بطب الأسنان في سكاكا، ومركز لتنظيم مرض السكري وعلاجه. حققت رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة ببناء شبكة نقل متكاملة، قفزة نوعية في نيسان، مع الإعلان عن وصول المحادثات الجارية بين شركة «الاتحاد للقطارات» والهيئات المشرفة على المطارات إلى مراحل متقدمة، لا سيما في ما يتعلق ببناء مرافق لوجيستية خاصة بالسكك الحديد في مطار أبو ظبي الدولي و «دبي وورلد سنترال». كما أشارت التقارير إلى أن المدرج الجديد في مطار الشارقة الدولي، والذي سيمكن إلى حد كبير المطار من استقبال الطائرات ذات الجسم العريض من دون قيود، شارف على الانتهاء بنسبة إنجاز بلغت 80 في المئة من حجم العمل. وإضافة إلى ما تقدم، توقعت التقارير أن يسجل اثنان من الموانئ الرئيسية في دول مجلس التعاون زيادة في حركة المرور. ويتوقع لميناء خليفة في أبو ظبي أن يسجل زيادة بحوالى 22 في المئة هذه السنة، لا سيما مع دخول الاستثمارات في البنية التحتية التي أعلن عنها أخيراً، حيز التنفيذ. وتوقعت مؤسسة «بزنس مونيتور إنترناشونال» في تقرير في عنوان «الشحن في عُمان 2014»، أن تسجل حركة الحاويات 8 في المئة نمواً في بعض الموانئ على المدى المتوسط، مدعومة بالموقع الاستراتيجي للسلطنة ومشروع ميناء الدقم ومحطات الشحن الجديدة في كل من صلالة وصحار. شهدت قطر استثمارات ضخمة في مشاريع البنية التحتية في نيسان، حيث أشارت «ميد» في أحد تقاريرها إلى أن هيئة الأشغال العامة منحت عقود تصميم وبناء الطرق بقيمة إجمالية بلغت 2.86 بليون دولار. وتعتبر هذه المشاريع جزءاً من برنامج الطرق السريعة، والتي ستوفر وسائل نقل حيوية في كل أنحاء قطر وتربط المدن الرئيسية بالبلدات والقرى. وعلى رغم أن مشاريع تطوير النقل لم تكن شائعة، إلا أن قطاع البنية التحتية في الكويت سجل حضوراً لافتاً مع منح عقد ب494 مليون دولار لبناء محطة للطاقة الشمسية المركزة بقدرة إنتاجية تبلغ 50 ميغاواط لمصلحة «معهد الكويت للبحوث العلمية». إلى جانب دورها في تسهيل حركة النقل سواء بغرض العمل، أو الترفيه في كل أنحاء المنطقة، يتوقع للطفرة الكبيرة في الإنفاق على مشاريع البنية التحتية والنقل في دول مجلس التعاون أن تؤثر أكثر في مجتمعاتنا. وتشير التقديرات إلى أن توسيع شبكة السكك الحديد في دول مجلس التعاون وحدها ستساهم في استحداث 80 ألف وظيفة دائمة، وبالتالي تعزيز البيانات المرتبطة بالبنية التحتية الاجتماعية لهذه المشاريع.