أكد المتحدث باسم الحكومة البريطانية مارتن داي، أن بلاده تدعم ثورات الشعوب العربية المطالبة بالحرية والديموقراطية وحفظ الكرامة، لكنها لا ترغب في التدخل في الشؤون الداخلية للدول. ولفت في لقاء مع «الحياة» خلال زيارته الرياض إلى أن بريطانيا أسست صندوقاً جديداً لدعم التنمية في دول مثل مصر وتونس، وأنها تدعم دول المنطقة العربية لجهة حصول الشعوب العربية على الحقوق والحريات. وأكد داي حق الشعب البحريني في التظاهر السلمي، مشيراً إلى أن بلاده نصحت ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد بالحوار مع المتظاهرين، وتنقية الأجواء، ومد جسور بين الشيعة والسنة. وحول دخول قوات درع الجزيرة إلى البحرين قال: «هذه القوات ذهبت بناء على طلب حكومة البحرين، وليس لها دور في الشارع البحريني»، مشيراً إلى أن دور هذه القوات اقتصر على حماية المنشآت، داعياً جميع الدول إلى الاستماع إلى مطالب الشعب. وأوضح داي أن السعودية حققت عدداً من الإنجازات في السنوات الخمس الأخيرة، خصوصاً في مجالي التعليم والاقتصاد، لافتاً إلى العلاقات الراسخة والقوية بين الرياضولندن. وأكد أن بلاده ستتعاطى في لبنان مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بحسب سياستها وقال: «من السابق لأوانه أن نشعر بقلق تجاه الحكومة الجديدة، نحن نقول إنه يجب احترام القانون، والشعب اللبناني يريد حكومة تحكم من أجل المصالح اللبنانية». ولفت إلى أن بريطانيا تعمل مع أعضاء الاتحاد الأوروبي على زيادة الضغط على النظام السوري، وفرض المزيد من العقوبات، من أجل إقناع الرئيس بشار الأسد بضرورة تغيير مساره لجهة احترام مطالب الشعب السوري، وقال: «على الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن ألا يقفا مكتوفي الأيدي»، ولفت إلى إمكان تغيير الموقف الروسي تجاه إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بخصوص سورية. وهنا نص اللقاء: كيف تنظر الحكومة البريطانية إلى الوضع العربي الراهن؟ - الدولة البريطانية تريد تقوية العلاقات مع الدول العربية وكذا دول الخليج، لذلك أطلقت الحكومة الجديدة مبادرات من أجل تعاون بناء بين دول الخليج والمملكة المتحدة، كما أن بريطانيا ستدعم حقوق الشعوب العربية التي تبحث عن الحرية والديموقراطية وحفظ الكرامة، في تونس ومصر وغيرهما من الدول العربية التي ثارت على أنظمتها. الحكومة البريطانية تدعم مثل هذه الحقوق، على رغم أنها لا تريد التدخل في الشؤون الداخلية، وقلنا في بداية الثورات: كل حكومة لها احترامها، وليس من حقنا أن نقول من يحكم في مصر ومن يحكم في تونس ومن يحكم في سورية، فنحن مع الإصلاح وضد التدخل، والإصلاحات تجعل هذه المنطقة أكثر استقراراً. والشعوب والدول تستفيد من هذا الاستقرار، وتؤدي إلى مزيد من الديموقراطية والحرية، ونحن كدولة ديموقراطية نساند وندعم أي حركة للإصلاح معنوياً وليس مادياً. هل تقصد أنكم تدعمون المنطقة باتجاه الحصول على الحرية والديموقراطية؟ - ندعم المنطقة بأي اتجاه للحصول على الحقوق والحرية، وقد تم إنشاء صندوق بريطاني جديد من أجل دعم التنمية البشرية والاقتصادية والاجتماعية في دول مثل مصر وتونس، بعد أن تلقينا دعوات لذلك، فمنذ أسابيع زارنا وفد مصري للإفادة من التجربة البريطانية في إجراء الانتخابات. مصر كما تعلم مقبلة على انتخابات، وقدمنا له خلاصة تجربتنا. كيف تقوّم الوضع العراقي في الوقت الحالي بعد خبرتكم الطويلة في العراق؟ - لا أستطيع القول إن كل شيء على ما يرام، فهناك تحديات ومشكلات كبيرة، فلم يتم تشكيل الحكومة في شكل نهائي هناك، وبعض المناصب المهمة لا يزال شاغراً وحوله نزاع، ولا ننسى مشكلات الأمن. وعلى رغم كل ذلك نقول إن الجيش ورجال الأمن العراقي يمكنهم توفير الأمن في دولتهم إلى حد بعيد، من دون مساعدة من الخارج، لذلك انسحبت القوات البريطانية من العراق قبل أكثر من سنتين، كما أن الوضع الأمني في جنوب العراق مستقر إلى حد بعيد. أطالب الدولة العراقية حكومة وشعباً بأن المفترض أن يكون العراق دولة آمنة مستقرة، وتقوم بدور رائع في المنطقة، فالعراق دولة كبيرة لديها من الموارد الطبيعية الكثير، وشعبها متعلم، والحكومة البريطانية تدعم بناء عراق جديد من طريق التعاون في مجالات، مثل التعليم والاستثمار، والحل الآن بعد انسحاب القوات البريطانية بيد الشعب العراقي والأحزاب العراقية، والحكومة البريطانية تعتبر الدولة العراقية دولة صديقة. ألا تعتقد بأن أسباب تأخير استقرار الحكومة العراقية يعود للتدخل الإيراني في الشأن العراقي؟ - لديّ علم بالتدخل الإيراني في الشؤون العراقية من زملائي في السفارة البريطانية في بغداد وقنصليتنا في البصرة. هناك نفوذ إيراني، ولكن، في رأيي الشخصي، أن هناك مبالغة في الحديث عن هذا النفوذ، فإيران لا تقود الشؤون العراقية. هي دولة كبيرة، لها مكانتها بالمنطقة، ولها الحق في لعب دورها، ولكن، يجب أن يكون الدور لمصلحة المنطقة وشعوبها ومن أجل تعزيز الاستقرار، وهي لا تفعل ذلك، فتدخلها في شكل دائم يزعزع الأمن في المنطقة، والحكومة البريطانية تريد أن تكون العلاقة مع إيران طبيعية، ولكن يجب أن يكون هناك تغيير جذري في سياسة إيران تجاه العراق والمنطقة بكاملها، وكذا في الملف النووي. كيف ترى دخول إيران على الخط في المسألة البحرينية؟ وأنتم أصدقاء للبحرين؟ - قلنا بوضوح إن من حق الشعب البحريني أن يتظاهر في شكل سلمي، وعلى الحكومة البحرينية احترام حقوق شعبها، وأن الحوار الوطني هو الأسلوب الأفضل للاستجابة لمطالب الشعب، ولكن يجب أن تكون هناك تنقية للأجواء ومد جسور بين الشيعة والسنة وحل كل الخلافات في البحرين قبل البدء في الحوار. وأشار داي إلى أن الحكومة البريطانية تحض الأحزاب والحكومة على ضرورة إطلاق هذا الحوار، «أما في الشأن الإيراني في البحرين فعلمنا كثيراً بهذا الكلام ولكن لا توجد أدلة على أن إيران لها يد في الاضطرابات الأخيرة في البحرين». هل قدمت الدولة البريطانية مقترحاً لدولة البحرين في شأن الحوار الوطني؟ - تحدثنا مع ولي عهد البحرين (الأمير سلمان بن حمد) عند زيارته لندن قبل أسبوعين تقريباً وتمت مناقشته في كل الأمور. كيف ترون تدخل قوات درع الجزيرة؟ هل جاءت في وقت مناسب؟ وهل جاءت في شكل سليم؟ وما موقف بريطانيا من هذا التدخل؟ - هذا التدخل جاء بناء على طلب من البحرين ووفقاً للاتفاقات بين دول مجلس التعاون الخليجي. نحن لا نتدخل في هذا الشأن، ولكن، يجب أن يكون هناك احترام للشؤون البحرينية، ووفق معلوماتنا فإن درع الجزيرة قامت بحماية المنشآت ولم تشارك مباشرة في الشارع البحريني. كيف تقوّم العلاقات البريطانية - السعودية؟ - نعتبر المملكة العربية السعودية شريكاً استراتيجياً، في الشأن الاقتصادي والتجاري، ونقدر دورها في كثير من الملفات الساخنة في المنطقة، ونحن نعتبر المبادرة الخليجية في اليمن ونقل السلطة من الرئيس الحالي (علي عبدالله صالح) الى رئيس جديد، مبادرة طيبة، كما نقدر المبادرة العربية للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. علاقتنا بالمملكة من الناحية الاقتصادية قوية جداً، فبيننا استثمارات متبادلة، كما أن التبادل التجاري في نمو مستمر. كيف تنظر إلى الوضع الداخلي في السعودية، في ما يخص الإصلاحات والحراك المدني المتواصل، منذ أن تولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله مقاليد الحكم؟ - تم تحقيق إنجازات في السنوات الخمس الماضية في مجال التعليم والاقتصاد، كما قلت من قبل، نحن ندعو أي دولة في الاستماع لمطالب الشعب، وإيجاد الأسلوب المناسب لمعالجة هذه المطالب. كيف ترى الوضع الحالي في لبنان في ما يتعلق بانقلاب الموازين بين المعارضة والموالاة، ف «حزب الله» وهو على قائمة الإرهاب ويعتبر عدواً للغرب، وأصبح الآن هو من يشكل الحكومة؟ هل أنتم قلقون من ذلك؟ - في نهاية المطاف هو شأن لبناني وليس من حقنا بصفتنا حكومةً أجنبية أن نحدد من يحكم لبنان، وسنتعامل مع الحكومة الجديدة وفق سياستها، ومن السابق لأوانه أن نشعر بقلق تجاه الحكومة الجديدة. نقول إنه يجب احترام القانون والنظام وتطبيقه على أكمل وجه، والشعب اللبناني يريد حكومة تحكم من أجل المصالح اللبنانية. وما رؤيتكم للوضع في الجانب السوري؟ - الوضع داخل سورية يثير قلقاً عميقاً، وندين استخدام القوة داخل سورية ضد المطالبين بالحرية والاستقلال، ونطالب الرئيس بشار الأسد بأن يعمل على الإصلاح أو التنحي، إلا أن الحقائق تشير إلى إصرار الرئيس السوري على استخدام القمع وأسلوب العنف مع مواطنيه. هذا يعني أنه لم يصغ للنصائح البريطانية؟ - نعم، ونحن في الوقت الحالي نتناقش مع أعضاء الاتحاد الأوروبي في كيفية ممارسة الضغط وفرض المزيد من العقوبات على النظام السوري من أجل إقناعه بضرورة تغيير مساره واحترام مطالب الشعب السوري، وتقدمت بريطانيا وفرنسا بإدانة استخدام العنف والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وعلى الاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن ألاّ يقفا مكتوفي الأيدي. عليهما تحمل مسؤوليتهما تجاه الشعب السوري. هل لديكم قناعة بأن روسيا والصين ستغيران موقفيهما في النهاية؟ - نعمل على هذا، والموقف الروسي تغير كثيراً في ما يخص ليبيا، ونعمل على إقناع الحكومة الروسية بتغيير موقفها في الشأن السوري، إذ كيف يمكن لمجلس الأمن ألا يدين استخدام القوة ضد المتظاهرين، والجرائم ضد الإنسانية. في نهاية المطاف الحكومة البريطانية ستصوت ضد هذا النظام وتعمل على إقناع الآخرين. لماذا لا تساعد الدولة البريطانية الشعب السوري في شكل مباشر مثل تقديم خدمات للاجئين في تركيا وكذا للعالقين على الحدود؟ - سنقدم المساعدات في شكل مباشر إذا لزم الأمر وإذا طلب الصليب الأحمر المساعدة سنساعده. نحن على اتصال مباشر مع الصليب الأحمر والحكومة التركية لمعرفة الأوضاع والاطمئنان على اللاجئين، ونحن الآن نقدم المساعدات في ليبيا. الحكومة البريطانية – كما تعلم - ساهمت في شكل كبير في إجلاء النازحين من الحدود التونسية. كيف ترى نهاية الوضع الحالي في ليبيا؟ - سألخصه في كلمتين فقط هما: «رحيل الرئيس» الحالي معمر القذافي. وهل ستتوقع أنه سيرحل؟ - ليس هناك بديل عن هذا، فالشعب الليبي لا يريده ويريد التغيير، وليس هناك أي مستقبل لهذا النظام، وهو يشن هجمات ضد المدنين، والقذافي نفسه كان يهدد بأن يقتل كل من في البيوت في خطابه المشهور «بيت بيت زنقة زنقة»، وكان يهدد بالهجوم على مدينة بنغازي، إلا أن الجهود الدولية أنقذت مدينة بنغازي، وسننتظر، لأن هذا النظام يتعرض من الداخل إلى انشقاقات بين الضباط والسفراء وغيرهم. حتى المقربون منه لا يثقون بإمكان بقائه في السلطة، وأضاف: «أنا لا أستطيع القول متى يرحل وإلى أين لكنه سوف يرحل. هناك تقارير أميركية من الداخل صدرت وهناك كتاب واحد على الأقل يتحدث عن وجود تواصل إيراني - أميركي، ولكن من تحت «الطاولة»... فما تعليقكم؟ - ليس لديّ أي معلومة عن هذا الشأن. في نهاية المطاف العلاقات الإيرانية - الأميركية شيء ضروري، ولكن، ليس لدي معلومات عن هذه التقارير.