ويسوق الدكتور عادل باناعمة استفهامات حول الفوضى التي تتهم بها المخيمات، «أهي في الحصول على تصاريح من الإمارة طوال السنوات الماضية؟ أم في المخاطبات المبكرة؟ أم في الحصول على موافقات وزارة الشؤون الإسلامية؟ أم في التنسيقات الرفيعة مع الدفاع المدني والشرطة والمرور؟ أم هي في الجداول المعلنة قبل المخيم بأسابيع؟ أم هي في الخيام المبنية على أحدث طراز وبأفخم حلّة؟ أم هي في التخطيط الهندسي الجميل لمواقع المخيمات؟ أم هي في التنوّع والثراء الذي يحظى به البرنامج؟ أين هي الفوضى بالضبط؟». ويرد على ذلك بأن التنظيم للمخيمات يبدأ قبل موعد الافتتاح بعشرة أشهر على الأقل، «هناك 20 لجنةً تقريباً في المخيم منها ما هو للإعلام والضيافة والبرنامج الثقافي والترفيهي، وأخرى للنساء، وكل لجنةٍ تمارس عملها وفق خطة محددة، وتكتب تقاريرها، وتتم متابعتُها»، جازماً بأن أي مهرجانٍ غنائي أو بلدي لا يحظى بنصف التنظيم الذي كانت تحظى به المخيمات الدعوية المعروفة. ويرى أن الصور كافيةٌ في إثبات حضارية هذه المخيمات، «لديك مساحة أرض فضاء خالية تم تسويرها وتقسيمها وتخطيطها وإضاءتها وبناء الخيام الفاخرة فيها، وتجهيزها مقسمةً بحسب الاحتياج، هناك رجال مرور ينظمون السيارات، ورجال شرطة يحمون المنطقة، وموظفون مختصون يراقبون المداخل والمخارج. هناك تنسيق مع الدفاع المدني وسائر الجهات الخدمية. وشهادات كل هذه الجهات موجودة وموثقة على هيئة كلمات لمسؤوليها أو على هيئة شهادات ممنوحة منهم». فيما يرى رئيس تحرير صحيفة «الوطن» جاسر الجاسر أن إيقاف نشاط المخيمات في جدة سابقاً كان بسبب مشكلات جمة في التنسيق، إذ كانت تفتقد إلى التقنين والضوابط، إضافةً إلى تحولها إلى مخيمات ذات طابع صحوي، ومحاولة بعض القائمين عليها التأثير في الشبان بإعادة تشكيلهم فكرياً، وظهور خطابات متشددة فيها كانت مليئة بالتجاوزات، مؤكداً وجود تجارب لشبانٍ تأثروا بأطروحات هذه المخيمات. ويرى الجاسر أن التيار الصحوي ينظر إلى إقامة هذه المخيمات استمراراً لعملية السيطرة على الشبان من خلال الدروس والمحاضرات طوال السنة، حتى لا يفقد السيطرة عليهم في فترة الصيف، معتقداً بأن التركيز على مخيمات جدة كان بسبب نشاط الجماعات الحركية فيها الأكثر تنظيماً وتكتلاً وقوة ونفوذاً، والذي لم يكن مقصوراً على السعوديين فقط، إضافةً إلى أن الجدل «التياري» كان محموماً أكثر في هذه المخيمات من مثيلاتها في مناطق المملكة الأخرى». ويطالب الجاسر بضبط نوعية البرامج، ومواضيع المحاضرات، وأسماء المشاركين، مشدداً على أهمية تحولها إلى عملٍ تربوي وترفيهي، بدلاً من جذب الشبان لأفكار متطرفة، وأيديولوجية دينية مختلفة. وعن التركيز على الجانب الوعظي والدعوي يقول الجاسر إنه لا مشكلة في ذلك لو كانت تلك المخيمات ذات صبغةٍ سلفية، إلا أنه يرى الخطر في الوعظ الذي يمارسه المنتمون إلى تيارات حركية أخرى تتناقض مع التوجه العام للبلاد. غير أن نائب رئيس جمعية أصدقاء المجتمع في منطقة مكةالمكرمة خالد السندي ينفي وجود أي ملاحظةٍ أمنية أو استقبال أشخاصٍ غير مصرح لهم أو طرح مواضيع تتنافى مع التوجه السياسي والثقافي والاجتماعي للبلاد طوال سنين إقامتها في جدة، مؤكداً أن المخيمات كانت ملتزمةً بالمعايير والشروط التي وضعتها الدولة، وكانت إداراتها التنظيمية تجري عليها رقابةً داخلية. وإلى أبعد من ذلك، يؤكد السندي أن المخيمات خففت كثيراً من التوجهات المتشددة لدى بعض الشبان من طريق دمجهم مع فئات المجتمع المختلفة، إضافةً إلى الحرص على نقل المنهج الوسطي للبلاد، وإشاعة التوعية في أوساط الناس. ويتطرق السندي وهو المشارك في تنظيم بعض المخيمات الصيفية في جدة في فترات سابقة إلى مشكلة تنظيمية بحتة، إذ يشير إلى الحيرة والإرباك في سنواتٍ سالفة في إسناد مهام الإشراف والتبعية لدى جهات مختلفة، فمرةً يكون المخيم مستقلاً برعاية الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز، رحمه الله، وفي أخرى تشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية من طريق مكتبها التعاوني في جدة، وفي سنواتٍ أخرى تتولى مسؤوليته جمعية أصدقاء المجتمع تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية، محيلاً إلى مشكلة أخرى تتعلق بالتصريح للنشاطات إذ لا يحق لوزارة الشؤون الإسلامية السماح لنشاطات تدريبية مهنية خلال فترة إشرافها على المخيم، بينما لا يحق لوزارة الشؤون الإجتماعية أن تنظم محاضرات دعوية هي من اختصاص جهةٍ أخرى، ليخلص إلى أنه لا تنضوي في النهاية تحت غطاء رسمي أو عمل مؤسسين ولا يملك أحدٌ الإجابة عن سؤال نظاميتها من عدمه. ويتطرق نائب رئيس جمعية أصدقاء المجتمع إلا أن التنظيم كان يسير على هذه الطريقة حتى فرضت الإمارة شرط الإشراف على المخيمات للجنة الثقافية التابعة لمجلس المنطقة، وهو ما تسبب في فترة التوقف بسبب عدم التواصل الجيد والحوار بين اللجنة والمنظمين.