تتجه فاعليات سياسية من الموالاة والمعارضة في المغرب إلى تغيير تحالفاتها بأكثر من 180 درجة، في ضوء نتائج انتخابات البلديات التي جرت الأسبوع الماضي وأحرز فيها حزب الأصالة والمعاصرة المرتبة الأولى. وقالت مصادر حزبية إن احتمالات «ابرام صفقات» بين الاتحاد الاشتراكي والعدالة والتنمية لحيازة رئاسة مجالس بلدية وعمدة مدن قطعت أشواطاً بعيدة. فقد تجاهل الحزبان اللذان يقفان على طرفي نقيض في خياراتهما السياسية خلافاتهما السابقة ويقودان حالياً تحالفاً جديداً للاستئثار بمجالس بعض المدن، كما في العاصمة الرباط. وباستثناء مدن قليلة حازت فيها أحزاب سياسية على غالبية مريحة في انتخابات بلديات الثاني عشر من الشهر الجاري، كما في مدينة فاس التي استأثر بها حزب الاستقلال. وفي أغادير التي عاود فيها الاتحاد الاشتراكي بسط نفوذه، فإن الصراعات المحتدمة على رئاسة البلديات ومنصب العمدة في المدن الكبرى في الرباط والدار البيضاء ومراكش وطنجة كشفت عن نزوع نحو إبرام أي تحالفات خارج سياق المعادلة القائمة بين الحكومة والمعارضة، ما يشير الى الطابع الخاص للانتخابات المحلية، كونها أفرزت خرائط قابلة للتغيير تحت سقف «الوفاق المرحلي». وبدا لأكثر من مراقب أن النتائج المعلن عنها قد يتم تجاوزها بسبب التحالفات الاضطرارية لتشكيل مكاتب البلديات، وقد يحدث أن حزباً لا يتوافر على ما يزيد على سبعة مقاعد من بين ثلاثين مثلاً يمكن أن يتولى رئاسة بلدية ما في مقابل دعمه خصوماً سياسيين في بلديات أخرى. وعلى رغم ان حزب العدالة والتنمية الإسلامي احتلال المرتبة السادسة بين الأحزاب الرئيسية مثل الاستقلال والأصالة والمعاصرة وتجمع الأحرار والاتحاد الاشتراكي، فإن وضعه المتميز في بلديات المدن الكبرى جعله يتوق لأن يشكل قوة سياسية بارزة ضمن معادلة لا يمكن اسقاطها، في حين أن الأصالة والمعاصرة على رغم حيازته المرتبة الأولى فإنه في حاجة إلى تحالفات جديدة تعكس هذه الرتبة العددية. والحال أن الاتحاد الاشتراكي المشارك في الائتلاف الحكومي الذي يقوده حزب الاستقلال بزعامة عباس الفاسي، لم يمانع في الانفتاح على غريمه العدالة والتنمية لحيازة مواقع نفوذ جديدة. فيما أن الحركة الشعبية التي كانت تدير مدناً وبلديات عدة أصبحت تواجه منافسات حقيقية من طرف «تحالفات غير متوقعة». غير أن المنافسات حول رئاسة بلديات تدنت إلى أقل من عشرة أحزاب بعدما خاض غمار الانتخابات حوالي 30 حزباً، ذلك أن عشرين حزباً على الأقل لم يحرزوا العتبة التي تؤهلهم الصمود في منافسات اختيار رؤساء البلديات وعمداء المدن. ويشير مراقبون إلى أن استئثار ثمانية أحزاب بأكثر من 90 في المئة من أصوات الناخبين يضمن لها الاستمرار في مقابل اندثار أحزاب صغيرة أبانت عن عجزها في حيازة العتبة التي قدّرتها القوانين الانتخابية بحوالي ثلاثة في المئة من الأصوات. ولا تستبعد المصادر أن يكون لهذا الوضع تأثيره الكبير في خفض أعداد الأحزاب المتوالدة، بخاصة عشية أي استحقاقات انتخابية. بيد أنه في مقابل الأحاديث المتداولة عن تأثير استخدام الأموال لاستمالة الناخبين، بات مرحجاً أن تعرف بعض التحالفات استخداماً أكثر للأموال وتبادل المنافع لتشكيل مجالس البلديات.