أثينا - أ ف ب، رويترز - أقرّ البرلمان اليوناني أمس خطة التقشف 2012 - 2015، وهي شرط أساس لمساعدة مالية جديدة، بغالبية 151 صوتاً من أصل 300 وامتناع 4 نواب، علماً بأن النواب صوتوا كل بمفرده لدى ذكر اسمائهم تبعاً للدائرة التي يمثلونها. وصوّت نائب اشتراكي ضد الخطة، بينما خالفت زميلة له من اليمين المحافظ تعليمات حزبها وأيدتها. وكان النائب الاشتراكي المعارض بانايوتيس كوروبليس اعلن قبل التصويت انه «لا يمكنه القبول بالابتزاز» الذي تمارسه منطقة اليورو بين افلاس البلد وتبني خطة تعتبر «جائرة». أما زميله الاشتراكي الكسندر اثاناسياديس فصرح من جهته في وقت سابق انه سيصوت ضد الخطة. لكن اثاناسياديس النائب عن منطقة كوزاني (شمال غرب) حيث يوجد وحدة مهمة لشركة الكهرباء العامة، عاد واستدرك الامر مؤكداً أنه «اقتنع» بخطاب رئيس الوزراء جورج باباندريو. وامتنع أربعة نواب معارضين من الحزب المحافظ عن التصويت. ومنذ الصباح تتوجه انظار اوروبا الى اثينا حيث دعي النواب للتصويت مع الخطة التي لا تحظى بتأييد الشارع، لكن يعتبرها الشركاء الاوروبيون ضرورية لمواصلة دعمهم المالي لانقاذ اليونان من الافلاس الفوري وتعريض منطقة اليورو للخطر. واستمدت حكومة رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو قدراً من الدعم المعنوي في ساعة متأخرة مساء أول من أمس عندما تراجع واحد من ثلاثة نواب من حزب «باسوك» الاشتراكي الحاكم يعارضون خطة التقشف، وقرر التصويت لمصلحتها. وقال النائب توماس روبوبولس في تصريح الى وكالة «رويترز»: «قررت التصويت لمصلحة الخطة لأن المصالح الوطنية أهم كثيراً من كرامتنا». ويحتل حزب «باسوك» الحاكم 155 مقعداً في البرلمان المؤلف من 300 مقعد، وربما تساعده في الاقتراع مجموعة صغيرة تمثل يمين الوسط مؤلفة من خمسة نواب بقيادة دورا باكويانيس وزيرة الخارجية السابقة. وأعلنت باكويانيس التي واجهت ضغوطاً قوية من مسؤولين في الاتحاد الاوروبي، أنها ستمتنع عن التصويت وتترك لبقية الاعضاء الاربعة حرية التصويت بما يمليه عليهم ضميرهم. والخطة التي صوّت عليها البرلمان من دون تعديل، تجمع بين خفض الإنفاق وزيادات ضريبية ومشاريع تخصيص كشروط لخطة إنقاذ يضعها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد، لضمان الحصول على تمويل والحؤول دون أول تعثر عن سداد دين سيادي في منطقة اليورو. وتلتزم اليونان بموجب مشروع القانون الذي أقر، توفير 28,4 بليون يورو في موازنتها بين عامي 2012 و2015 وتحقيق 50 بليون يورو من طريق الاقتطاعات والتخصيص. وسيلي التصويت على هذا المشروع تصويت آخر مقرر اليوم تنتظره اوروبا بفارغ الصبر، اذ يتصل بالتنفيذ. ويشكل التصويت على هذين المشروعين شرطاً لا رجوع عنه للجهات المقرضة، أي منطقة اليورو وصندوق النقد، لتقديم مساعدة عاجلة في تموز (يوليو) والبدء بخطة انقاذ ثانية بعد خطة أولى اقرت في أيار (مايو) 2010 لليونان التي باتت على شفير الافلاس. وكان البرلمان اليوناني اجتمع على وقع اشتباكات بين الشرطة ومحتجين على اجراءات التقشف (في مقدمها زيادة الضرائب وكذلك مشاريع التخصيص المعلنة)، حاولوا سد الطريق المؤدية إليه، وأطلقت الشرطة خلالها غازاً مسيلاً للدموع على محتجين اقتحموا حاجزاً أقيم خارج البرلمان. واحتشد آلاف المحتجين في في ساحة سينتاغما أمام البرلمان، رافعين لافتات وقارعين الطبول. وقال الكسندر وهو طالب في السنة الرابعة في كلية الاقتصاد: «الحكومة قررت منذ العام الماضي تدمير الخدمة العامة والجامعات ونحن نطالب باجراء انتخابات والا سنظل في الشارع شهراً». وفي مكان آخر بالقرب من ستاد اثينا حيث اقيم أيضاً حاجز للشرطة، صد عناصرها مجموعة من 150 متظاهراً وصلوا باكراً، وفتحوا محور طرق اساسيا للمرور في هذا الجزء من المدينة، كما ذكر مصور وكالة «فرانس برس» الذي اساء معاملته شرطي خلال الشجار. وتحتج النقابات على مشروع الموازنة الذي ينص على توفير 28,4 بليون يورو من عمليات التخصيص الكثيفة التي يفترض ان تؤمن للدولة 50 بليون يورو حتى عام 2015. وتنفذ النقابات التي تعترض بشدة على مشروع التقشف، منذ الثلثاء، اضراباً عاما لمدة 48 ساعة. وقرر المتظاهرون تطويق البرلمان لدى بدء التصويت. فيما لم يتمكنوا من ذلك في 15 حزيران (يونيو)، اي اليوم الاخير من الاضراب العام. وساعد تنامي التوقعات باقتراع ايجابي والتقدم الذي أحرزته محادثات بين بنوك وحكومات منطقة اليورو في شأن تمديد أجل تسديد الديون اليونانية المستحقة لجهات خاصة، في صعود اليورو والاسهم العالمية.وارتفعت الاسهم الاوروبية لليوم الثالث على التوالي وقادت اسهم البنوك الاتجاه الصعودي مع مراهنة المستثمرين على إقرار البرلمان للخطة. وقال غراهام بيشوب من «ار بي اس» في لندن: «جرت تحركات كثيرة وراء الكواليس لضمان اقرار المقترحات وبدأ هذا التفاؤل ينعكس على أسعار الأسهم». واضاف: «اقرار خطة التقشف عامل مساعد بكل تأكيد، لكن هذا لا يعني عدم وجود أي عقبات أخرى. العقبة التالية هي تنفيذ الاجراءات وستخضع الحكومة لمراقبة وثيقة في هذا الصدد».