اتسعت رقعة الاحتجاجات في مدن إقليم كردستان مع تصاعد الغضب إزاء استمرار أزمة الرواتب، والتهديد بتنظيم اعتصامات مفتوحة، فيما شهدت أربيل صدامات بين متظاهرين وشرطة مكافحة الشغب وسط اتهامات للسلطات بقمع الاحتجاجات. ويتهم المحتجون حكومتي أربيل وبغداد ب «التنصل» من وعودهما السابقة في دفع المرتبات من دون استقطاع وفق «صفقة سرية» تمنح الحكومة الكردية حق التصرف بحصتها في الموازنة الاتحادية. وخرج الآلاف في مدن السليمانية وحلبجة وكرميان وكلار ورانيا وكويسنجق، في تجمعات احتجاجية أمام مديريات التربية للمطالبة بإلغاء نظام «الادخار الإجباري» المعمول به منذ ثلاث سنوات نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالإقليم، بموازاة إضرابات في القطاعين الصحي والتربوي في المناطق الشرقية والجنوبية من الإقليم ضمن نطاق نفوذ حزب «الاتحاد الوطني» الذي كان يتزعمه رئيس الجمهورية الراحل جلال طالباني. وأتى ذلك بعدما أمهلت نقابة الأطباء في السليمانية «مدة 72 ساعة لدفع الرواتب من دون استقطاع، «وبخلافه سيكون لنا موقف حازم»، لأن الأطباء أصبحوا ضحية لاتفاق أربيل وبغداد». وامتدت الاحتجاجات للمرة الأولى إلى محافظتي أربيل ودهوك ضمن نفوذ الحزب «الديموقراطي» بزعامة الرئيس السابق للإقليم مسعود بارزاني، في ظل اتهامات للسلطات باستخدام أسلوب «الترهيب» لمنع الاحتجاجات. واصطدم متظاهرون حال توجههم باتجاه مبنى مجلس الوزراء، بشرطة مكافحة الشغب التي أطلقت الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لمنعهم، ما أدى إلى وقوع إصابات، فيما أطلق المحتجون هتافات تدعو إلى «محاسبة اللصوص وإقالة الحكومة». وفيما تجمع العشرات من المحتجين أمام مديرية تربية محافظة دهوك، أشاد نشطاء من السليمانية بنظرائهم في أربيل ودهوك في «الخروج عن الصمت وتحدي الخوف من ترهيب السلطة». ووجه 15 نائبا مذكرة إلى رئاسة برلمان الإقليم طالبوا خلالها ب «عقد جلسة استثنائية في أسرع وقت للبحث في إلغاء قرار الادخار الإجباري ومراجعة قانون الرواتب والتقاعد والامتيازات». ودعا معلمو الدراسة الكردية في كركوك خلال تظاهرة إلى نقل مرتباتهم إلى ملاكات الحكومة الاتحادية، وشددوا في بيان على أن «المطالب تستند إلى تعليمات صادرة عن وزارة التربية الاتحادية العام الماضي والتي تسمح بنقل الموظفين والمعملين بين المحافظات والإقليم». وهددوا ب «إعلان الإضراب إلى حين موافقة مديرية تربية كركوك على طلب النقل، وعلى وزارة التربية في الإقليم إعلان عدم ممانعتها للطلب، وأن يتم دفع الرواتب في محافظة كركوك وليس في قضاء جمجمال (التابع لمحافظة السليمانية)». في المقابل دفعت الحكومة أمس، مرتبات ما يُعرف شعبياً ب «ربع» أو «نصف» الراتب لشهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي، وفق نظام الادخار الذي تم بموجبه خفض نسب المرتبات من 35 إلى 75 في المئة، فيما كان المتقاعدون تلقوا رواتبهم لآذار (مارس) من العام الماضي.