ما بين خطي الطموح والهواية نقطة ارتكاز تبلورت لدى المبتعث السعودي في بريطانيا الذي جمع بين طموحه في إكمال دراسته العليا لنيل الدكتوراه في إدارة المشاريع الهندسية، وبين شغفه في تحكيم المباريات الذي قاده إلى الانضمام لدوري كرة القدم الإنكليزية فأصبح أول حكم سعودي في الدوري. وعلى رغم تحقق فرصة الإبتعاث لمحمد بن دغش الحلافي إلى بريطانيا لإكمال دراساته في تخصص إدارة المشاريع الهندسية لمرحلة الدكتوراه بجامعة ديمونت فورت في مدينة ليستر، إلا أن هواية التحكيم كانت تراوده منذ وصوله في العام 2009. ولكن بحكم انشغاله بدراسة الماجستير تأجل الحلم إلى عام 2011 ، وبعد ذلك تواصل مع الهيئة العامة لرعاية الرياضة برئاسة الأمير نواف بن فيصل آنذاك وعمر المهنا رئيس لجنة الحكام في حينها، لإرسال مستند يؤكد انتمائه السابق لمنظومة التحكيم في الدوري السعودي منذ عام كحكم حتى وصل إلى الدرجة الأولى في التحكيم بالدوري السعودي. وتمكن بعد ذلك من التواصل مع اللجنة المعنية بالحكام في بريطانيا، وحصل على بعض الدورات التدريبية، ثم انضم في آب ( أغسطس) 2011 إلى قائمة الحكام هناك، وكانت أول مباراة قام بإدارتها يوم 27 من شهر رمضان المبارك في 2011. ولم تكن هواية التحكيم وممارستها عائقاً أمام الحلافي الذي يحرص على التوفيق بينها وبين دراسته، إذ تمكن من إدارة أول مباراة له في الدوري الإنكليزي للدرجة الأولى عام 2011، وقادها بنجاح وكسب ثقة المسؤولين عن التحكيم، وكانت تجربته جميلة جداً في معرفة طريقة اللعب الإنكليزية، وكيفية إدارة المباريات بكل ثقة وشجاعة، لا سيما في مدى تقبل اللاعب الأوروبي لقرارات حكم قادم من صحراء الجزيرة العربية. استمر محمد الحلافي، الذي سينال شهادة الدكتوراه قريباً في تخصص المشاريع الهندسية بجامعة ديمونت فورت بمدينة ليستر، حكماً هاوياً في الدوري منذ 2011 وحتى الآن في تحكيم كثير من المباريات والمسابقات في دوري الدرجة الأولى. وفِي جانب آخر يُثني المبتعث على طريقة التواصل بين الحكام ويصفها بالجميلة جداً وأنهم متعاونون معه كحكم سعودي، ويُقدّرون ما يحصل له من بعض الظروف وانشغاله بإكمال دراسته، ويفخر بهم لأنهم عون له في تهيئة البيئة المناسبة له، وعدم الضغط عليه، واختيار وقت يناسبه لقيادة المباريات بما لا يتعارض مع دراسته. ويضيف الحلافي: إن اللاعب الإنكليزي يملك ثقافة جميلة وهي أنه في داخل الملعب يحترم قرارات الحكم ويطلب منه بأدب تفسير خطئه لكيلا يكرره مرة أُخرى، وبما أن اللعب الإنكليزي يتميز بالقوة والمنافسة في طريقة اللعب، وكانت تمثل تحدياً صعباً للحكم الحلافي، إلا أنه استطاع أن يُجيدها مع التدرج في تكليفه حسب درجة صعوبة المباراة، وأصبح يستطيع تقدير الحالات، والأخطاء حسب طريقة اللعب الإنكليزية واستخدام روح القانون، حيث إن اللاعب بعد انتهاء اللعب وإطلاق صافرة النهاية ينسى كل ما دار في المباراة من تنافس ومشاحنات، ويبادر بالسلام على الفريق المنافس وعلى الحكام، وهي عادة طيبة وأصبحت مفهوماً وثقافة راسخة لدى اللاعب الإنكليزي. ويؤكد المبتعث ل «الحياة» أن سنوات الابتعاث تعد مرحلة جميلة في حياة الطالب وفرصة لكسب الخبرات والدروس والتعلم، مشيراً إلى أهمية الاستفادة منها في صقل الشخصية وتطوير المهارات، وقال: «قمنا بمبادرات وأنشطة اجتماعية ورياضية وثقافية من بينها «رسالة رأينا القمر»، وتهدف إلى تعريف المجتمع البريطاني بما يحثنا عليه ديننا الحنيف من تسامح وتعايش مع مختلف الأعراق والمعتقدات، إلى جانب إقامة الماراثونات في الحدائق، ودورات رياضية للاندماج في المجتمع الإنكليزي ومخالطتهم ونقل صورة جيدة عن ثقافتنا العربية والسعودية، وإبراز معالم الوطن بواسطة الأفلام التصويرية في مناسبات عدة مثل اليوم السعودي في الجامعات، فضلاً عن المشاركة في جوانب ثقافية تراثية أخرى». كما أشرف الحلافي في وقت سابق أثناء رئاسته لنادي الطلبة السعوديين في مدينة ليستر من العام الماضي 2017، على فعالية بمناسبة مبايعة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وذلك بتوقيع أسمائهم في لوحة جدارية خلال حفل معايدة عيد الفطر المبارك، بمشاركة المبتعثين من طلبة وطالبات ومرافقيهم بالنادي السعودي بمدينة ليستر في المملكة المتحدة لدورته السادسة والثلاثين، وسط حضور غفير، مؤكدين الوقوف صفاً واحداً خلف قيادتهم، معبرين عن صدق ولائهم وحبهم لوطنهم بصورة زاهية ومعبرة. ومن ضمن الأنشطة أيضاً التي قام بها الحلافي في مدينة ليستر الإعلان عن تنظيم بطولة الأندية الطلابية لكرة القدم من العام 2017 تحت رعاية الملحق الثقافي، حيث توج الملحق الثقافي لدى المملكة المتحدة الدكتور عبدالعزيز بن علي المقوشي، النادي السعودي في «ليستر» ببطولة الأندية الطلابية لكرة القدم ال36 لعام 2017 في المملكة المتحدة، بعد فوزه بالمباراة النهائية على نادي الطلبة السعوديين في «نوتنغهام» بهدف مقابل لا شيء، وذلك في ختام البطولة التي نظمها النادي السعودي في مدينة ليستر.