أرجأ مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نهاية اجتماعاته الاستثنائية على مدى اليومين الماضيين في مقر الوكالة في فيينا، حسم مسألة اختيار خلف للمدير العام للوكالة محمد البرادعي. وأرجىء الحسم أربعة أسابيع على الأقل وذلك نتيجة فشل المرشح الياباني يوكيا أمانو باعتباره الأوفر حظاّ من منافسه الجنوب أفريقي عبدالصمد منتي من الحصول على غالبية ثلثي الأصوات الخمسة والثلاثين المطلوبة في جولات التصويت التي أجريت خلال الاجتماعات. وكانت الوكالة استهلت اجتماعها الاخير أمس ، بجولة تصويت عامة حددت المرشح الأقوى وهو السفير الياباني يوكيا أمانو الذي حصل بموجبها على 23 صوتا من أصل 35 في مقابل 12 لمنتي. إلا أن عدم فوز أمانو بغالبية ثلثين الأصوات اضطرت المجلس للعمل بموجب المادة 38 من نظامه الداخلي وإجراء جولة اقتراع سرية بنعم ولا على المرشح الأقوىالذي صوت له 22 عضواً بنعم و12 بلا ، فيما امتنعت دولة واحدة عن التصويت. ونتيجة عدم حصول أمانو على الغالبية البسيطة اعقبت تلك الجولة بأخرى على السفير الجنوب أفريقي الذي حظي بتأييد 15 عضواً ورفض 19 وامتناع دولة واحدة عن التصويت، علماً بأن الممتنع يعتبر صوتاً ضائعاً. وعقب انتهاء تلك الجولات، أعلن المجلس إخفاقه في انتخاب خلف للبرادعي وعدم حصول أي من المرشحين على التوالي على الغالبية البسيطة، ما فتح السباق مرة أخرى أمام ترشيحات جديدة اعتباراَ من يوم الاثنين المقبل ولمدة أربعة أسابيع، وذلك على أمل أن يسهم دخول مرشحين جدد حلقة المنافسة في تسهيل عملية انتخاب مدير عام للوكالة. وفي هذا السياق، أفادت رئيسة الدورة الحالية لمجلس محافظي الوكالة سفيرة الجزائر طاووس فروخي في تصريح للصحافيين أن المجلس سيتيح لبقية الدول الأعضاء تقديم مرشحيها خلال فترة الأربعة أسابيع المقبلة وسيقرر بناء على ذلك تحديد موعد لجلسة جديدة بهذا الخصوص أو إرجاء ذلك إلى حزيران (يونيو) المقبل، الموعد الأقصى لتعيين خلف البرادعي الذي تنتهي ولايته في تشرين الثاني (نوفمبر). ورأى ديبلوماسي متابع لشؤون الوكالة أن إخفاق أعضائه في حسم مسألة الخلافة يعكس توسع فجوة الانقسام بين الأعضاء ويؤكد تشكل أحزاب بداخله يعمل كل منها على تحقيق أغراضه، مضيفاً أنه آن الآوان ليستعيد المجلس وحدة الموقف التي ستمكنه من حل القضايا الكثيرة العالقة على أجندته. ويذكر أن المرشح الياباني يحظي بدعم قوي من قبل الدول الغربية والولايات المتحدة داخل المجلس، ويوصف أمانو بالهدوء وقدرته على القيادة القوية والعزم إضافة لقدراته التنظيمية. وكان أمانو تعهد باستعمال التفويض الممنوح له لاتخاذ إجراءات مسبقة ضد الذين يقومون بعمليات الانتشار النووي ودعم الاستخدامات السلمية للطاقة النووية عبر تعاون فني «بطريقة متوازنة». ويتوقع أن يركز أمانو في حال فوزه على تنفيذ مقررات المؤتمر العام للوكالة وإقصاء المنظمة عن الدخول في السجالات السياسية. وفي المقابل، يعد السفير الجنوب أفريقي عبدالصمد منتي مرشح الدول النامية التي تؤيده بقوة داخل الوكالة. وتراهن تلك الدول على قدرة منتي في تعزيز دور الوكالة في تنفيذ استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية. وتعهد منتي الذي يوصف بالوسيط البارع ويتمتع بمهارات اتصال أفضل من أمانو، باتباع نهج يتسم بالمساواة، وقال مع ذلك إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية «بطبيعتها لها دور سياسي» باعتبارها على تواصل مع مجلس الأمن. وألمح ديبلوماسيون إلى أن كلا من المكسيك والأرجنتين تفكران في دخول حلبة السباق مع فتح بات الترشح مجدداً.