دان «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية» وهم مجموعة من الناشطين أطلقوا حركة الاحتجاجات ضد النظام السوري أمس الاجتماع العلني غير المسبوق الذي عقده معارضون سوريون في دمشق اول من امس. فيما رحبت الولاياتالمتحدة بالاجتماع، معتبرة انه «حدث مهم». في موازة ذلك، أعلنت منظمة سورية للدفاع عن حقوق الانسان ان ناشطين ومحتجين نظموا تظاهرات ليلية في عدة مدن سورية بينها حمص وحماه ودير الزور وادلب واللاذقية وجبلة وريف دمشق، وانتقدوا اجتماع المعارضين في دمشق. كما تحدث ناشطون وشهود عيان عن حملة اعتقالات في ركن الدين وبرزة في دمشق وادلب وفي قرية الناجية القريبة من الحدود التركية. وعن مؤتمر المعارضة في دمشق، دان «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية» في بيان نشر على موقع التواصل الالكتروني «فايسبوك» أي «مؤتمر أو لقاء من ناحية المبدأ والنتيجة عندما يتم عقده تحت مظلة النظام، وذلك من دون تخوين لأي من الأشخاص الحضور فيه». واضاف البيان «إذا أراد أي من الثوار الاجتماع، فهناك عشرات الإجراءات الأمنية والاحترازية التي نقوم بها كي نتجنب الاعتقال والتعذيب أو التصفية». وتابع: «ومن الطبيعي جداً التساؤل عن كيفية عقد اجتماع يدعي الانتماء للشارع السوري في حين نرى أن النظام السوري يؤمن له الحماية والتغطية الإعلامية ويعول عليه في بناء صورة حضارية حوارية وشرعية هو الاكثر افتقاداً له». وقال البيان: «ما كان لأي شخص أن يعطي للنظام ذرة من الشرعية على حساب دماء الشهداء وآلام المعتقلين. والاتحاد في هذا السياق يجدد التزامه بالشارع السوري الثائر لإسقاط نظام الشبيحة... ويضع نفسه في خدمة كافة الثوار السوريين الأحرار». وأكد المعارضون السوريون خلال اجتماعهم»دعم الانتفاضة الشعبية السلمية». ولوحظ ان وسائل الاعلام الرسمية، تعاطت بطريقة جديدة مع اجتماع المعارضة، الى حد ان «الوكالة السورية للانباء» (سانا) بثت البيان الختامي بما فيه من تأكيد المشاركين على»انهاء الحل الامني» مع التأكيد على رفض المشاركين «التدويل او التدخل الخارجي». وبثت «سانا» خبراً رسمياً تداولته باقي وسائل الاعلام من «الاعلاميين المتواجدين لتغطية اللقاء وبخاصة القنوات الفضائية ومنها التلفزيون السوري الذين كانوا جاهزين لنقل وقائع اللقاء مباشرة، فوجئوا بالسماح لهم فقط بالتصوير لدقائق حيث عقدت الجلسات بعيداً من أعين الكاميرات ما أثار الاستغراب بين الصحافيين العاملين في القنوات الفضائية الذين كانوا يتوقعون أن يسمح لهم بالتغطية المباشرة وبخاصة أن المشاركين في اللقاء كانوا يشكون سابقاً من تجاهلهم من قبل الإعلام». وزادت ان البيان الختامي صدر في ختام اللقاء حيث «عبّر المشاركون عن دعم الانتفاضة الشعبية السلمية من أجل تحقيق أهدافها بالانتقال إلى دولة ديموقراطية مدنية تعددية تضمن حقوق وحريات جميع المواطنين السوريين الثقافية والاجتماعية والسياسية وتضمن العدالة بين جميع المواطنين والمواطنات بغض النظر عن العرق والدين والجنس إضافة إلى إنهاء الخيار الأمني وسحب القوى الأمنية من المدن والبلدات والقرى وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة ذات صدقية بالتحقيق في جرائم القتل التي تعرض لها المتظاهرون وعناصر الجيش السوري». وتوافق المجتمعون على «عقد لقاءات مماثلة في المحافظات السورية»، مؤكدين ان «المشاركين (في الاجتماع) ليسوا بديلاً لأي تنظيم معارض»، في اشارة الى معارضين سوريين في الخارج رفضوا حضور الاجتماع واتهموا المشاركين فيه بأنهم مسيّرون من النظام. وسعى بعض المعارضين المجتمعين في دمشق للنأي بأنفسهم عن نشطاء المعارضة الذين اجتمعوا في انطاليا بتركيا في وقت سابق هذا الشهر وكان بينهم جماعة الاخوان المسلمين المحظورة فضلا عن سياسيين آخرين. وقالت الكاتبة السورية ريما فليحان ل «فرانس برس» ان المؤتمر يبعث ب «خطاب للمواطن الذي يريد التعرف على البرنامج السياسي، وخطاب للخارج بوجود قوى سياسية في الداخل ايضا». ورفض كثير من شخصيات المعارضة دعوة النظام السوري للحوار قائلين انها غير كافية ورفض بعض النشطاء المشاركة في مؤتمر دمشق، قائلين انه قد يتم «استغلاله» من جانب السلطات مع استمرار اعمال القتل والاعتقالات. غير ان المدافعين عن اجتماع دمشق يقولون ان لغة البيان الختامي كانت واضحة في قوتها وان الافضل للمعارضة السورية ان تعمل في الداخل وليس من الخارج. وبينما اعلنت السلطات أنها ستنظم حواراً مع معارضين وقوى سياسية في 10 تموز (يوليو) المقبل للتشاور حول جدول اعمال الحوار الوطني وآلياته، قال العديد من النشطاء وشخصيات المعارضة انهم لن يحضروا مثل هذا الاجتماع لان لا يمكن اجراء حوار وطني وسط العنف والحملة المستمرة. وجاء في بيان لائتلاف يضم سياسيين من الوسط واليسار وشخصيات كردية ان النظام يطرح فكرة الحوار لكسب الوقت واحتواء الغضب الشعبي وانه لن يجد من يقبل به ما لم يتوقف عن استخدام الخيار العسكري ويفرج عن جميع السجناء السياسيين ويعترف بحق الاحتجاج السلمي من دون قيود. غير ان معارضين آخرين يؤكدون على أهمية الحل السياسي. وقال الكاتب السوري لؤي حسين إن عمليات القمع على مدى العقود الاربعة الماضية أضرت بسورية بشكل عام، مؤكداً على ضرورة التوصل الى طرق سلمية لتلبية المطالب الشعبية. وأكد منذر خدام الاكاديمي من مدينة اللاذقية ان ثمة حاجة لحوار وطني اوسع، مضيفاً أن المثقفين سيقفون خلف المطالب الشعبية حتى نهاية المطاف. وفيما قالت اميركا إن حوار المعارضة السورية في دمشق «خطوة مهمة»، رحبت بريطانيا بحذر بالخطوة. وقال ناطق باسم الخارجية البريطانية ل «الحياة»: «نرحب بحذر باجتماع بعض أعضاء المعارضة السورية في دمشق. حرية التجمع وحرية التعبير أساسية في اى حوار سياسي. وقد دعونا السلطات السورية بشكل حثيث لاحترام هذه الحريات. إذا ظهر ان اجتماع دمشق والاجتماع المرتقب في 10 تموز المقبل لاجراء حوار وطني بلا مضمون، فإنه من الهام وقف العنف بشكل فوري واتخاذ خطوات نحو اصلاح سياسي شامل وحقيقي يستجيب للمطالب الشرعية للشعب السوري». وعن اجتماع النائب المحافظ في البرلمان البريطاني بروكس نيومارك مع مسؤولين سوريين في دمشق اول من امس، اوضح الناطق باسم الخارجية البريطانية أهمية «استغلال كل الوسائل لتوصيل الرسالة الى الرئيس الاسد». وتابع: «نعرف ان نيومارك سافر الى سورية والتقى الرئيس الاسد. فعل هذا في اطار زيارة خاصة. ابلغنا بالزيارة وأوضحنا له موقف بريطانيا والخطوات التي ينبغي على النظام السوري ان يتخذها. من الهام ان نستخدم كل الوسائل لتوصيل رسالة الى الرئيس السوري أنه ينبغي له ان يبدأ الاصلاحات او يتنحى». ميدانياً، دعا ناطق باسم المعارضة السورية قال انه يتحدث نيابة عن 16 جندياً بالجيش السوري هربوا إلى تركيا، و33 آخرين ما زالوا في الخدمة، دعا قادة الجيش السوري إلى الانضمام إلى الاحتجاجات الشعبية. وقال حسن الشاندي، في مؤتمر صحفي في مدينة غوفيتشي في إقليم هاتاى التركي، إن على قادة الجيش ان ينضموا للمتظاهرين، موضحا ان 16 جندياً من الجيش السوري فروا إلى تركيا بسبب رفضهم اطلاق النار على المدنيين خلال عمليات الجيش السوري على القرى الحدودية مع تركيا. ويأتي ذلك فيما أظهرت تسجيلات مصورة نشرت على موقع للتواصل اجتماعي على الانترنت أعداداً كبيرة من المحتجين في بلدات مختلفة في انحاء سورية يطالبون بسقوط النظام، وظهر المحتجون في التسجيلات المصورة التي قيل انها التقطت في قرى مختلفة في حماه بسورية، وهم يهتفون بشعارات مناهضة للنظام. وسارت مئات من النساء في تظاهرة منفصلة وهتفن ضد البلطجة وممارسيها. ورفع محتجون في تظاهرة اخرى أعلاماً لتركيا، التي لجأ إليها آلاف السوريين الفارين من الحملة العسكرية في قرى حدودية. وفي حمص، شارك الآلاف في جنازة المحتج عبيدة أكرم. وورد في التسجيل المصور أن الشرطة اعتقلت اكرم خلال تظاهرة وأرسل جثمانه الى عائلته بعدها بعشرة ايام. وطبقاً للتسجيل، تعرَّض أكرم للتعذيب في محبسه، حسبما ذكرت وكالة «رويترز» امس. ولم يكن باستطاعة الوكالة التحقق بشكل مستقل من مصداقية تلك التسجيلات، لعدم سماح السلطات في دمشق بتواجد الإعلام الأجنبي.