يعود مشروع الاقليم الفيديرالي السني الى الواجهة في العراق دورياً، مع تأزم العلاقات السياسية بين الطوائف. ورغم ان الفكرة طرحت منذ العام 2003 الا ان من تبناها في تلك الفترة حُكم عليه شعبياً ب»العمالة»، لكن الواقع حاليا تغير، نظرا الى تعاظم احساس سكان المحافظات السنية ب»الغبن والاحباط»، بحسب قول اسامة النجيفي رئيس البرلمان العراقي المتحدر من محافظة الموصل. وفجر النجيفي، في لقاء مع قناة «الحرة» لدى زيارته واشنطن القضية مجددأً، عندما قال ان «هناك احباطاً سنياً في العراق، واذا لم يُعالج سريعاً قد يفكر السنة بالانفصال أو على الاقل تأسيس أقليم». واضاف ان «السنة في العراق يشعرون بالتهميش وبانهم مواطنون من الدرجة الثانية». وكان النجيفي زار العاصمة الاميركية في مهمة تتناول مناقشة الانسحاب العسكري الاميركي في ضوء الاضطراب السياسي والامني في العراق. ورغم ان تصريحات النجيفي قد تُحسب من باب التلويح السياسي على خلفية علاقات «القائمة العراقية» المتأزمة مع «ائتلاف دولة القانون»، الا انها تعكس نزعة شعبية في محافظات الموصل وصلاح الدين وديالى والانبار تتجه الى خيار الفيديرالية. ويقول النائب عن «العراقية» احمد العلواني ل»الحياة» ان «احزابا شيعية (لم يسمها) تنفذ أجندة طائفية مريضة منذ العام 2003». ويضيف ان «المعطيات السياسة الخاطئة التي تتبعها الحكومة الحالية، واستمرار بعض الاحزاب الشيعية في تنفيذ اجندتها الطائفية بالاضافة الى الانتقائية في تنفيذ القوانين، مثل اجتثاث البعث، دفعت قطاعات واسعة من السنة العرب الى التفكير في أقليم خاص بهم». وكان مشروع الاقليم السني طرح خلال الحرب الطائفية بين 2006 و 2008 ثم اعيد تداوله قبيل انتخابات 2010 عندما اقصى قانون «اجتثاث البعث» المئات من المرشحين السنة من خوض الانتخابات. وينص الدستور العراقي على حق محافظة او اكثر في اعلان اقليم بعد الحصول على موافقة ثلثي السكان. وكان «المجلس الاسلامي الاعلى» الشيعي طرح منذ 2003 مشروع اقليم الوسط والجنوب الا انه لم يحصل على التأييد اللازم. وتمتد المناطق ذات الغالبية السنية من الموصل شمالاً الى مناطق جنوب بغداد مروراً بصلاح الدين، وتشمل الانبار غرباً وديالى واجزاء من كركوك شرقاً. وتمثل اكثر من ثلث مساحة العراق وتجاور سورية والاردن والسعودية. وكان زعيم «صحوة الانبار» احمد ابو ريشة طرح المشروع بصيغ مختلفة العام الماضي، لكنه لم يلق قبولاً في الاوساط السياسية السنية. واستنكر سياسيون شيعة امس تصريحات النجيفي. وقال القيادي في «دولة القانون» عدنان السراج «انها تنتمي الى طروحات السفير الاميركي الاسبق زلماي خليل زاد». وكان جو بايدن نائب الرئيس الاميركي قدم، في العام 2006، مشروعاً لتقسيم العراق الى 3 فيديراليات على اساس التنوع العرقي والمذهبي. وبالاضافة الى صعوبة الحصول على توافق سني - سني على تشكيل مثل هذا الاقليم تعقد ظروف الصراع على مدينة كركوك من جهة ومستقبل مدينة بغداد، المختلطتين عرقياً ومذهبياً، احتمالات التطبيق العملي للمشروع، اضافة الى ان المناطق السنية تضم مدنا تقطنها غالبية شيعية وكردية في الموصل وصلاح الدين وديالى، على غرار تضمن مناطق شيعية لمدن تقطنها غالبية سنية. كما ان هذه المسألة ترتبط بمواقف اقليمية ودولية متباينة.