اتخذ قادة الاتحاد الأوروبي موقفاً متشدداً في شأن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على واردات الصلب والألومنيوم، مطالبينه بإعفاء دائمٍ، ومتعهدين الامتناع عن التفاوض على اتفاقات للتجارة فيما «يُصوّب مسدسٌ إلى رؤوسهم». كما اتفق الاتحاد على اتخاذ تدابير عقابية إضافية إزاء موسكو، تضامناً مع بريطانيا بسبب ملف تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته، لكن موسكو اتهمت لندن بجرّ حلفائها الى «مواجهة». واختتم قادة الاتحاد في بروكسيل أمس قمة طغت عليها أزمة الرسوم الجمركية الأميركية، وسط «حرب تجارية مستعرة» بين واشنطن وبكين، إضافة الى انعدام الثقة بين التكتل وروسيا. ونجح القادة في إقرار مبادئ مفاوضات المرحلة الثانية من انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد (بريكزيت)، وحضّوا تركيا على احترام سيادة جمهورية قبرص وحقوقها المشروعة في التنقيب عن النفط والغاز واستغلال مواردها الطبيعية، كما حذّروا شركات خدمات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي من عواقب التلاعب بالبيانات الشخصية للمستخدمين. وناقشت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، في اجتماع ثلاثي، الأزمة السورية والتهديدات المحدقة بالاتفاق النووي المُبرم بين إيران والدول الست، وتدخلاتها الإقليمية، في وقت تعهد ماكرون أن يردّ الاتحاد «من دون تهاون إذا هوجم» تجارياً، معتبراً ان العفو الموقت من الرسوم الأميركية على الصلب والألمنيوم الذي منحه ترامب للاتحاد «ليس مرضياً» للأوروبيين. ووَرَدَ في بيان مشترك أصدره قادة دول الاتحاد: «يأسف المجلس الأوروبي لقرار الولاياتالمتحدة فرض رسوم استيراد على الصلب والألومنيوم. إن حماية تشمل قطاعاً بكامله في الولاياتالمتحدة هي علاج غير مناسب للمشكلات الحقيقية لفائض الطاقة الإنتاجية. يؤيّد المجلس بقوة الخطوات التي اتخذتها المفوضية (الأوروبية) لضمان حماية مصالح الاتحاد في شكل كامل والاحتفاظ بحقوقه، وفقاً لقواعد منظمة التجارة العالمية، في الردّ على الإجراءات الأميركية في طريقة مناسبة ومتكافئة». ولفتت مفوّضة التجارة الأوروبية سيسيليا مالستروم الى ان الأوروبيين لا يريدون أن يُعاقبوا عن أفعال أثارتها ِإلى حد كبير اتهامات بإغراق صيني للسوق. على صعيد آخر، اتفقت دول الاتحاد على اتخاذ مزيد من التدابير العقابية ضد روسيا، اذ دانت «اعتداء ساليزبوري»، معلنة «موافقتها على التحليل الذي أجرته حكومة المملكة المتحدة». واعتبرت ان تورط موسكو بالهجوم «مرجّح جداً»، مستبعدة «وجود تفسير بديل». كما استدعت السفير الأوروبي لدى روسيا، وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك: «يُتوقع اتخاذ خطوات إضافية الإثنين على المستوى الوطني». وأعلنت لاتفيا انها تعتزم طرد «ديبلوماسي أو أكثر» من السفارة الروسية في ريغا متورطين بتجسس، بعد ذكر قادة تشيخيا وليتوانيا والدنمارك وإرلندا أنهم يدرسون اتخاذ خطوات أحادية إضافية تشمل طرد ديبلوماسيين روس. لكن بلجيكا ولوكسمبورغ وفنلندا وقبرص واليونان وإيطاليا دعت إلى عدم التصعيد. وأسِف الكرملين لقرار الاتحاد الأوروبي سحب سفيره في موسكو «بناءً على صيغة مرجّح جداً»، فيما نبّه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى أن السلطات البريطانية «تسعى جدياً الى إرغام حلفائها على اتخاذ إجراءات تهدف الى المواجهة» مع موسكو، في محاولة ل»تعميق الأزمة بأكبر درجة ممكنة».