في الوقت الذي تدشن فيه أكبر جامعة للبنات في العالم فهذا يعني ان المرأة في السعودية تنال دستورياً حقها في الخصوصية الدينية والاجتماعية، وتنتج شخصية ربما يجد فيها آخرون نموذجاً يقتدى به، حيث تتمتع بعصرية تتحدى متغيرات الحياة في وثوقية عالية بالمبادئ الأخلاقية والقيم الاجتماعية. الأمر الذي نقرؤه كإعلان يقول: هذه هي المرأة السعودية تنتج نفسها في كل حقول المعرفة من دون أن تذوب هويتها أو تنشطر وطنيتها. وحقاً انه جدير بالاحتفاء والمباركة بدلاً من تضييع المصلحة وإزهاق الفرص في رفع شعارات ستظل محل جدل يستحضر كل شيء من نحو شعار "المساواة" الدوغمائي الهلامي؟ ان الجامعة ذات الخصوصية للمرأة ليست رؤية في العمق وتوجها نحو الفعل الكبير، وهو جار في السياق حين تم تعيين معالي نائبة لوزير التربية والتعليم لترعى تعليم البنات في خصوصية إدارية فريدة ولتنتهي بذلك معاناة المرأة معلمة أو طالبة أو إدارية مع الرجل المدير. في ظل هذه التوجهات الحميدة التي يتأكد من خلالها حرص القيادة على الرؤية فلنا أن نحلم، بل أن نقترح تسمية وزارة جديدة للمرأة، وزارة ليست اعتيادية ولكنها أخطبوطية تجد فيها المرأة السعودية كل المبتغى "الثقافة والاستثمار والحقوق العدلية والوطنية"، وزارة يؤمّل منها إنهاء معاناة المرأة في حياتها الاجتماعية وما تلاقيه من الظلم الاجتماعي. قطعت المرآة في السعودية مسافة طويلة وبذلت جهداً كبيراً في طريقها الحياتي فهي مبدعة في حقول المعرفة علميها وأدبيها، وهي كذلك في عالم الاقتصاد والاستثمار والإعلام والطب والهندسة والأنشطة الاجتماعية وبعض الحِرف المهنية، ولها بداياتها الواعدة في السياسية وفي الحقوق، ولا يجوز اختزال هذا العطاء بشعارات تصور ذاتية المرأة في السعودية من خلال قيادتها السيارة أو ممارستها للرياضة أو البيع في محلات خاصة وأنشطة معينة. نحن في الرؤية التنموية التكاملية لا نفهم من خلط الأوراق وتبديد الجهود إلا حالة فوضوية لن تنتهي إلا بشكل قانوني ينتظم الدوافع والبواعث والمتطلبات الراهنة والمستشرفة، ضمن إطار يتحمل مسؤوليته أمام الدولة والمجتمع، في تحول مدني يعكس الحالة التقدمية والحضارية التي أنتجها العلم والعمل ولعقود مضت منذ أن شق تعليم المرأة طريقه وتجاوز صعابه وتعددت تجاربه وآلياته. كل هذه العطاءات والتطلعات حين تنتظمها وزارة مسؤولة بكل أبعاد المسؤولية ستحتضن الحركة النسوية بكل مخرجتها لتبلورها إلى منتج حياتيّ مدعوم بوعي ديني وأخلاقي وإنساني ووطني كبير. لا شك انه في تشكّل الرأي لتأسيس وزارة المرأة ستنطلق أفكار وآراء، وسنجد أنفسنا أمام عمل عظيم يستدعي جهوداً كبيرة، وهو يستحقها، فهو من عمل الصالحات للصالحات، والطيبين للطيبات. [email protected]