بقيمة تجاوزت 2 مليار ريال "سمو العقارية" توقع اتفاقية لتأسيس صندوق استثماري    دوري روشن: اوباميانغ يضرب الهلال بالقاضية ويمنح القادسية التفوق بهدفين لهدف    محمد عبده: لن أعتزل إطلاقاً    الشيباني: رفع الاتحاد الأوروبي العقوبات عن سوريا "خطوة إيجابية"    حملة صارمة تطلقها إدارة ترمب لتطبيق قوانين الهجرة في شيكاجو    مساعد وزير الدفاع يشهد مراسم وصول السفينة الإيطالية "أميريجو فيسبوتشي" إلى جدة    NHC توقّع صفقات واتفاقيات استراتيجية بقيمة 30 مليار ريال    الشباب يتجاوز الفيحاء بثنائية في دوري روشن للمحترفين    إسرائيل تقتل قائد «حماس» في طولكرم.. الرئاسة الفلسطينية تحذر من تداعيات الحرب في الضفة    الاتحاد العام للمصريين بالخارج يرفض دعوة ترامب تهجير الفلسطينيين من أراضيهم    بحضور أكثر من 14 الف مشجع ضمك يتغلّب على الاتحاد بثنائية في دوري روشن للمحترفين    فهد بن جلوي: دعم قيادتنا الرشيدة سر نجاحنا    المنطقة الشرقية: القبض على شخص لترويجه مادتي الحشيش والإمفيتامين المخدرتين    أمير منطقة جازان يستقبل مدير عام المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي    السماح للأجانب بالاستثمار في أسهم الشركات العقارية المدرجة التي تستثمر في مكة المكرمة والمدينة المنورة    نائب أمير مكة يستقبل المعزين في وفاة الأمير عبدالعزيز بن مشعل    اكتمال الاستعدادات لبطولة كأس الطائف للصقور للعام 2025 في نسخته الأولى    جامعة أمِّ القُرى تطلق الأسبوع الإعلامي في نسخته الثانية    أمانة القصيم تكثف جهودها لإزالة مياه الأمطار وتعالج مواقع لتجمع المياه    رنا سماحة تثير الجدل برسالة غامضة.. من المقصود؟    قطاع ومستشفى محايل يُفعّل حملة "شتاء صحي"    الإسعاف الجوي بالقصيم يباشر حادث انقلاب مركبة بعنيزة    التخصصات: ارتفاع مقاعد البورد السعودي بأكثر من 1500 مقعد    ضيوف الملك.. يغادرون إلى مكة بذكريات لا تنسى    وزير الخارجية يجري اتصالاً هاتفيًا بوزير خارجية ماليزيا    آل حسن نائبا لعربي المبارزة    20 فعالية مصاحبة لرالي حائل    حرس الحدود ينقذ طفلا سودانيا من الغرق في عسير    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان"اللُّحمة الوطنية عقلٌ يُنير، ووطنٌ يزدهر"    محافظ الخرج يشيد بجهود جمعية رفادة الصحية التعاونية    بدء استقبال طلبات إيفاد المعلمين إلى 13 دولة    «التجارة»: 16% نسبة نمو الخدمات الإدارية والدعم    انكماش قطاع التصنيع في الصين    البدء بأعمال المرحلة الأولى لصيانة وتطوير تقاطعات طريق الملك عبد الله بالدمام    نائب أمير الشرقية يستقبل الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 14 لمساعدة الشعب السوري الشقيق    المياه الوطنية تطلق برنامج تقسيط توصيلات المياه والصرف الصحي المنزلية    رئيسة وزراء إيطاليا تزور منطقة الحِجِر والمعالم التاريخية والأثرية في العُلا    كي بي إم جي: قطاع التأمين في السعودية يحقق التنوّع الاقتصادي بما يتماشى مع رؤية 2030    5 أسباب للتقليل من استهلاك الملح    «واتساب» تعتزم توفير ميزة الحسابات المتعددة لهواتف «آيفون»    7 خطوات بسيطة.. تملأ يومك بالطاقة والحيوية    «النقانق والناجتس» تسبب العمى لطفل بسبب سوء التغذية    طفاية الحريق في المركبة.. أمن وسلامة    أمير الشرقية يطّلع على إنجازات جامعة حفر الباطن    المملكة تدين استهداف المستشفى السعودي في الفاشر    شرطة النعيرية تباشر واقعة شخص حاول إيذاء نفسه    كيف يعشق الرجال المرأة.. وكيف تأسر المرأة الرجل؟    "سلمان للإغاثة" يوزّع مواد إغاثية في مدينة حرستا بمحافظة ريف دمشق    رضا الناس غاية لا تدرك    الزيارات العائلية    فعالية «مسيرة الأمم»    دراسة: الإجهاد النفسي يسبب" الإكزيما"    نيمار حدد موعد ظهوره بشعار سانتوس    نائب وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة (105) من طلبة كلية الملك فيصل الجوية    السعودية باختصار    ولاء بالمحبة والإيلاف!    شريف العلمي.. أشهر من طوّر وقدّم برامج المسابقات المُتَلفزَة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة المصرية في سجال ما بعد الثورتين
نشر في الحياة يوم 07 - 06 - 2014

هل يوجد في برنامج عمل الرئيس المصري الجديد عبدالفتاح السيسي تصور مختلف لملف الثقافة باعتبارها «قوة مصر الناعمة»؟ يبدو الوقت مبكراً للحصول على إجابة قاطعة عن هذا السؤال، ومع ذلك لا يخفي كثير من المثقفين المصريين تخوفهم من استمرار «الحالة الثقافية المصرية» على ما هي عليه بعد ثورتين، أطاحت الأولى رأس نظام اعتمد طويلاً نهج «الحظيرة»، القائم على «تدجين» المثقفين، وأطاحت الثانية حُكمَ «الإخوان المسلمين» الذي شكَّل تهديداً واضحاً لهوية مستقرة منذ أمدٍ بعيد، ولمكتسبات طالما كافح مثقفون من أجل إقرارها.
هذا التخوف له ما يبرره، خصوصاً في ظل أحكام بالسجن صدرت أخيراً ضد مثقفين لهم أنشطة معارضة لفسادٍ هنا أو هناك، منهم الشاعر عمر حاذق، والقاص كرم صابر، والمحامية ماهينور المصري، والشروع في سن قوانين جديدة مقيدة للحريات، مثل قانون إخضاع مواقع التواصل الاجتماعي لرقابة وزارة الداخلية، وتكرار مصادرة أعمال إبداعية تحت دعاوى دينية.
الشاعر عبدالمنعم رمضان يرى أنه ينبغي التعويل في إحداث التغيير الثقافي المأمول على المعارضة، وليس على سلطة الحكم، «في ظل نية الثأر والانتقام من ثورة 25 يناير وشبابها والتي أصبحت تمشي على قدمين ثقيلتين في الشوارع والميادين وفي الإعلام المسموع والمرئي وفي الأماكن الأخرى، الأماكن المشبوهة نفسها. نية الثأر أصبحت جاهزة لأن تدوس فوق أجسامنا ورؤوسنا جميعاً وعلينا أن نتكاتف لمواجهتها». رمضان قال هذا الرأي خلال لقاء عقده المرشح الرئاسي حمدين صباحي مع مجموعة من المثقفين عشية انتخابات الرئاسة التي أجريت أواخر الشهر الماضي وانتهت بفوز ساحق للسيسي. خلال اللقاء نفسه جرى عرض ما يسمى «المشروع القومي للثقافة... ثورة مصر الثقافية»، وتحدث رمضان أيضاً عن قناعته بأن السيسي «لن يستطيع تجاوز جماعات المصالح التي فسدت وأفسدت أيام مبارك، وهذا ما سيُقيِّد يديه تماماً في شأنين: العدالة الاجتماعية وحريات التعبير». في حين يذهب الروائي أحمد أبو خنيجر إلى أن العمل الثقافي في الفترة المقبلة عليه أن يترقب البدايات ويتأملها جيداً، بخاصة مع المبادرات الكثيرة والأفكار التي قدمت حول إعادة تصور وضع الثقافة المصرية داخل المنظومة الكلية للدولة ودورها في تنمية الوعي لدى المصريين في الأماكن كافة، «لكني في الوقت نفسه أخشى كثيراً أن يظل العمل الثقافي كما هو أو يسارع - وهو الأقرب إلى الحدوث – إلى التطبيل وسياسة الاحتفالات التي كانت من خصائصه السابقة. قبل هذا وذاك يجب على الدولة أو النظام رفع المراقبة والتوجيه الأمني للفعل الثقافي، إذا أردنا أن يكون حراً ومثمراً».
ويلاحظ الناشط في مجال العمل الثقافي المستقل القاص طه عبدالمنعم، أن هذا العمل انطلق منذ ثورة 25 يناير في شكل مختلف ولن يوقفه أحد، لأنه ببساطة اكتسب جمهوراً جديداً أعطاه ثقة في تطوير نفسه، إضافة إلى أنه واجه صعوبات وتحديات خلال السنوات الثلاث الماضية جعلته صلباً في مواجهة أي معوقات مستقبلية. أما العمل الثقافي الرسمي، فلا يتوقع عبدالمنعم له خيراً، «فليست لدى رئيس البلاد الجديد أي نية لتغيير أو تطوير هذه المؤسسات الثقافية الرسمية. ليس هناك برنامج واضح أصلاً لتوقع أو تخمين ماذا سيفعل معها، وأغلب الظن أنه سيستمر في السياسة السابقة، وهي: «سَكِّن تسلم». ويضيف: «هذا سيؤدي إلى نتيجة واحدة، وهي نمو في القطاع المدني الثقافي، وتدهور في القطاع الحكومي ما سيسفر عن قمع محاولات الثقافة المستقلة للنهوض أو إجبار المؤسسات الثقافية الحكومية للتعاون معها»!
أما الروائي رؤوف مسعد فيرى أنه «لا يوجد شخص واحد ولو كان هو رئيس الجمهورية واسمه عبدالفتاح السيسي، يمكنه أن يقدم للثقافة المصرية ما تريده. يقولون إن الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، فعلينا التمعن في الخطوات الأولى. هل هناك ضرورة لوجود وزارة ثقافة؟ وهل هناك ضرورة لوجود «قوميسيور» ثقافي؟ هل يمكن تحديد مثالب كل وزارات الثقافة السابقة حتى تاريخه؟ هل هي في القومسيور أم في المناخ الثقافي المتدني في مصر وبقية البلاد العربية؟ هل يمكن إعادة الاعتبار للثقافة باعتبارها فعلاً دنيوياً يتعامل جدلياً مع التراث الحضاري المصري المعقد والممتد منذ الفراعنة، مروراً بالعصر القبطي ثم الإسلامي وخصوصيتهما؟ هل يمكن رأب الصدع بين الثقافة و «الدين» باحترام الحوار الجدلي بينهما، وكذا بتأسيس حوار بينهما وبين الأجيال الناشئة المتطلعة إلى رؤيا إنسانية لا تمييزية بين الأعراق والأديان؟ إذا استطاع السيسي أن يعِد – مجرد وعد – بالنظر في أسئلة كهذه، ساعتها أتوقع خيراً كثيراً»!
ويضيف صاحب رواية «البيضة والنعامة»: «قد يتمكن المثقفون من الوصول إلى مقاعد البرلمانات العربية إذا دعمتهم الأحزاب التي تقول عن نفسها إنها ديموقراطية. تواجد ويتواجد المثقفون في بعض الأحزاب المصرية المحسوبة على التيارات الليبرالية مثل «الدستور»، و «المصري الديموقراطي»، و «التجمع»، و «الوفد»، والسؤال: هو هل تؤيدهم هذه الأحزاب وتضعهم في قوائمها الانتخابية؟».
ويتوقع الروائي حمدي أبو جليل أن «يظل الحال على ما هو عليه، فمسؤولو الثقافة لا يدركون أن ما حدث في 25 يناير 2011 هو ثورة ثقافية أساساً، وأنه آن الأوان للوصول بمنتجها إلى الناس، وهم مع هذه العودة الظافرة للنظام السابق سيمعنون في سياسة محلك سر والحفاظ على الأمور كما هي، باعتبارها الطريقة الأنجع للحفاظ على المناصب. وزارة الثقافة لديها الكثير لتفعله وهي المنوطة والقادرة على التنوير ومواجهة الأفكار العنصرية المتطرفة في منابعها وبالسلاح الأنجع ألا وهو الفنون... ولكن هيهات».
ويصر الناقد صلاح السروي على أن «الدولة هي راعية للثقافة وليست منتجة لها ولا وصية على منتجيها»، كما يرى أن مصر «في حاجة إلى ثورة ثقافية تسيِّد مفاهيم العقلانية والاستنارة والعدل والروح الإنسانية، وتُعلي من قيم الحق والخير والجمال».
ولاحظ الروائي والشاعر صبحي موسى أن غالبية المثقفين المصريين «ليست مع الارتماء في أحضان السلطة حتى لو كانت ستحقق مطالب الجماهير، لا لشيء سوى أن تبقى أجندة الحريات ومدنية الدولة على طاولة التفاوض بين السطلة والمعارضة إلى أن يأتي وقت لا يصبح فيه الخبز هو أهم مطالب المصريين».
أما رئيس مجلس إدارة دار الكتب السابق الروائي والأكاديمي زين عبدالهادي، فيشدد على أن «صناعة الثقافة كركيزة هي في غاية الأهمية لإعادة الروح المصرية التي قتلها أصحاب المصالح الشخصية من بعض المثقفين من الذين يدورون في حلقة ذكر اسمها السلطة، فشوهوا مصر وشوهوا المصريين، وشوهوا المجتمع، وخضعوا للأفكار التكفيرية والديكتاتورية معاً، فصدأت الثقافة المصرية، وتحولت إلى مجرد رداء ممزق».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.