ترتكز «رؤية 2020» السعودية، التي أرسى ملامحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود على عوامل رئيسة، يأتي في مقدمها التركيز على تطوير الموارد البشرية الوطنية، ومن خلال إعداد وتطوير ورعاية الكوادر المهنية السعودية تمضي المملكة قدماً نحو تحقيق رؤيتها الرامية لتأسيس واحد من أكثر اقتصادات العالم تنافسية، بالتزامن مع العمل باستمرار على تنويع الموارد الاقتصادية وتفعيل دور القطاع الخاص في حفز العمليات التنموية في شتى المجالات. إن بناء قاعدة قوية من المهنيين السعوديين المؤهلين، ولا سيما في قطاع الطاقة، له دور في غاية الأهمية في دعم عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل، فمن المعروف أن تعداد سكان المملكة يبلغ حالياً نحو 27 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يسجل نمواً سنوياً بنسبة 2.3 في المئة، وتبلغ نسبة الشباب ممن هم دون سن الثلاثين 61 في المئة، وهم بلا شك عماد مستقبل قطاع الطاقة فيها، من خلال دورهم المهم في مجال الشركات الصغيرة والمتوسطة، بما ينسجم في المضمون والأهداف مع «رؤية 2020». وعبر ملاقاة تطلعات الشباب والأجيال المقبلة، يقع على عاتق قطاع الطاقة في المملكة العربية السعودية دور محوري، لا تقتصر أهميته على توفير العائدات وتوظيفها في مشاريع عملاقة لتطوير البنية التحتية، بل يمتد ليشمل تلبية الطلب المتنامي بصورة يومية على موارد المياه والطاقة. تشير أحدث التقديرات إلى أن الطلب المحلي على الطاقة في المملكة سيرتفع من 3.4 مليون برميل من النفط يومياً إلى 8.3 مليون برميل بحلول عام 2028، يذكر أن ما يقارب نصف الطاقة الكهربائية في المملكة تُنتج باستخدام النفط الخام، الذي يزداد الطلب المحلي عليه في الوقت ذاته، وعلى رغم توفر إمكانات توليد هي من بين الأقوى في منطقة الشرق الأوسط، بمعدل يصل إلى 50 جيجاواط في المرحلة الراهنة، إلا أن الطلب على الطاقة الكهربائية ينمو بصورة متسارعة، ما يعني الحاجة لتوفير 24 جيجاواط إضافية بحلول عام 2020. من هذا المنطلق، فإن الطلب على موارد الطاقة والنفط يعد من الأمور الحيوية، ما يتطلب إمكان العمل على تلبية هذه الحاجات بأسلوب يتسم بالكفاءة، من خلال الاستفادة من إمكانات المواهب السعودية القادرة على تفهم حاجات المملكة في قطاع الطاقة، وليصبح هذا الحل منهجاً عملياً قابلاً للتطبيق، لا بد من العمل على تدريب الكوادر المهنية حول سبل تطوير الأداء في شتى نواحي العمل في القطاع، ومن خلال التدريب العملي المباشر، يمكن لخبرائنا أن يسهموا بدور أكثر فعالية في تحقيق أهداف «رؤية 2020». وتصف رؤية المملكة لعام 2020 المقاربة المثالية لموضوع تطوير الموارد البشرية على النحو الآتي: «يجب أن تتكامل استراتيجيات تطوير مهارات الموظفين مع الاستراتيجية العامة للقطاع، ويجب الارتقاء بالبرامج التدريبية لتكون أكثر انسجاماً وتوافقاً مع حاجات كل قطاع اقتصادي على حدة». تبرز من هنا أهمية مركز جنرال إلكتريك للصناعة وتكنولوجيا الطاقة في الدمام، الذي تم افتتاحه يوم 1 حزيران (يونيو) الجاري، ويعد أكبر منشأة إصلاح توربينات في العالم، ويضم مركزاً تدريبياً يمثل استثماراً بقيمة 100 مليون دولار من الشركة التي زودت المملكة، حتى اليوم، بنحو 500 توربين غازي تتوزع على مختلف منشآت الطاقة فيها، تعمل على توليد ما يعادل نصف حجم الطاقة الكهربائية المنتجة فيها. سيركز المركز على توفير خدمات متطورة للتوربينات الغازية، ما يسهم في خفض الزمن اللازم للاستجابة للعملاء الذين ستتاح لهم بدورهم إمكان تعزيز عملياتهم وتطويرها بما يتوافق مع التقنيات الحديثة، ومن جهته سيكون اهتمام فريق مركز التدريب محصوراً في بناء المهارات والخبرات المحلية القادرة على تلبية حاجات الطاقة المتنامية في المملكة. وكانت جنرال إلكتريك تعاونت أيضاً مع «المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني» لتدريب الكفاءات السعودية وتأهيلهم لتسلم دفة قيادة المركز الجديد، وتم تخريج الدفعة الأولى من هذا البرنامج المشترك الرائد أخيراً، مشتملة على عدد من أبرز المواهب المختارة من أفضل الكليات التقنية في المملكة، ليسهموا بدور فاعل في تسيير عمليات المنشأة وتشجيع الشباب السعودي على المضي قدماً في العمل ضمن قطاع الطاقة. ومن خلال مذكرة التفاهم التي ستوقع مع «المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني»، سيستمر رعاية المواهب السعودية الواعدة في قطاع الطاقة، وتوفير فرص عمل مثمرة لهم. وتتوقع الشركة أن توظف نحو 1000 شخص في المنشأة الجديدة بحلول عام 2015، سيكون أكثر من نصفهم تقريباً من الخريجين السعوديين في الجامعات السعودية الكبرى والبرامج التقنية المشتركة. إن انضمام 500 من ألمع العقول السعودية في هذه المنشأة إنما هو خير شاهد على مؤهلات الشباب وقدرتهم على بناء مستقبل المملكة والإسهام في تحقيق «رؤية 2020» إلى واقع ملموس، التي تستفيد من قوة الفكر الخلاق والإبداعات التجريبية والتعاون المثمر بين هؤلاء الشباب لبناء نظام ابتكار وطني نفتخر به جميعاً، يجب علينا، إذاً، تكملة مواهبهم في استراتيجيات النمو المستقبلية، وهذا هو جوهر مهمة ورسالة مركز جنرال إلكتريك للصناعة وتكنولوجيا الطاقة. مدير «جنرال إلكتريك للطاقة» بالسعودية