السيدة الأميركية الأولى ميلانيا ترامب تحارب «التنمر السيبراني». على الأقل، كان هذا محور لقاء استضافته في البيت الأبيض أمس، وحضره مديرو الشركات الكبرى لمواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت، بينها «فايسبوك» و «تويتر» و «سناب» و «غوغل» وغيرهم. وليس هذا الاهتمام مفاجئاً، بل كانت ميلانيا تطرقت إليه في آخر أيام الحملة الانتخابية الرئاسية لزوجها دونالد ترامب نهاية العام 2016 عندما قالت إنها، كسيدة أولى، ستعمل لأجل هذه القضية. لكن المراقبين توقفوا عند اختيارها موضوع «التنمر السيبراني»، وفي بالهم أن زوجها (الرئيس الأميركي) أحد المتنمرين، وغالباً ما يعمد إلى توبيخ الآخرين عبر «تويتر»، أو إطلاق ألقاب عليهم. لقاء البيت الأبيض أمس كان الأول الذي تعقده ميلانيا لهذه الغاية. لكن التحدي كبير. صحيح أن لدى شركات التكنولوجيا الكبرى سياسة صارمة تمنع التحرش والتنمر عبر خدماتها، لكنها تعتمد أساساً على المستخدمين ليبلغوا عن هذه الانتهاكات، فيما تبقى جهودها أقل من المستوى المطلوب، بل بلغت حداً على «تويتر» دفع شركة سان فرانسيسكو الخريف الماضي إلى التعهد بملاحقة «تغريدات الكراهية»، فيما تبنى «تويتر» سياسات جديدة تهدف إلى حماية النساء اللواتي تم نشر صورهن وهن عراة على الإنترنت، وهو أسلوب شائع للتنمر. لا ننسى تطبيق «ييك ياك» للرسائل الذي كان متداولاً بين طلاب المدارس والجامعات، والذي تم منعه في المدارس نهاية العام الماضي، جزئياً بسبب الشكاوى من التنمر والتحرش. والتنمر على الإنترنت يأخذ أشكالاً مختلفة، أبرزها نشر صور محرجة، أو تعليقات قاسية أسفل صورة أو عن شخص آخر، أو كشف مقاطع لمحادثة خاصة. ولا يتوقف التحرش والمضايقة عند المراهقين، إذ أظهر استطلاع نشره «مركز بيو للأبحاث» العام الماضي أن 41 في المئة من الراشدين في أميركا يعتقدون أنهم تعرضوا إلى المضايقة على الإنترنت. وغالباً ما تجد شركات مواقع التواصل نفسها أمام مأزق، فمن جهة عليها منع التحرش والتنمر، وفي الوقت ذاته عليها التزام حرية التعبير. كما أن عدد مستخدميها كبير، فكيف تمكنها مراقبة المضمون كاملاً. فعلى سبيل المثال، لدى «فايسبوك» 2,1 بليون مستخدم حول العالم، فيما يتم تحميل 300 ساعة من الفيديوات في كل دقيقة على «يوتيوب». في أحيان أخرى، تتجاهل هذه المنصات الاجتماعية بعض المضايقات، فكثيراً ما نشر ترامب تغريدات تقلل من قدر أشخاص وتسخر منهم، إلى درجة حدَت بكثيرين إلى مطالبة «تويتر» بإغلاق حسابه، ولكن من دون جدوى، إذ يتم التذرع بأن لهذه التغريدات قيمة خبرية. أما القوانين، فهي تتفاوت من بلد إلى آخر، فمثلاً لا يوجد قانون اتحادي في أميركا يتعامل مع الانتهاكات في هذه القضية. ويأتي اهتمام ميلانيا بهذا الموضوع في إطار اهتمامها بالطفولة عموماً، وكانت طلبت أخيراً من زوجات حكام الولايات المساعدة في الترويج لقيم الشجاعة والطيبة والرحمة والاحترام لدى الأطفال، كما دعت إلى الحد من الوقت الذي يقضيه هؤلاء الأطفال على الإنترنت.