تزامنت زيارة قام بها مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان إلى صنعاء أمس لمناقشة التطورات، وتحديداً على الصعيد السياسي المتعلق بالأزمة الراهنة والملف الأمني المتصل بالتعاون في مكافحة الإرهاب، مع عملية فرار للعشرات من عناصر «القاعدة» من سجن المكلا (حضرموت) ومع استمرار المواجهات في أبين بين الجيش ومئات المسلحين من عناصر التنظيم الإرهابي ومناصريه. وتأتي زيارة فيلتمان الذي التقى عدداً من كبار المسؤولين في الحكم والمعارضة، في إطار الجهود التي تبذلها واشنطن لإنهاء الأزمة الراهنة وتأمين انتقال سلمي للسلطة يجنب اليمن مخاطر الانزلاق إلى الفوضى والحرب الأهلية، ويضمن استمرار برنامج التعاون مع صنعاء لمنع «القاعدة» من توسيع نشاطها. وبحث المسؤول الأميركي مع نائب الرئيس الفريق عبد ربه منصور هادي التطورات السياسية والأمنية في البلاد، واستمع منه إلى عرض للوضع منذ إصابة الرئيس علي عبد الله صالح وعدد من المسؤولين في اعتداء على مسجد دار الرئاسة مطلع الشهر الجاري. وقالت مصادر مطلعة إن نائب الرئيس شرح القرارات المتعلقة بالتهدئة بين القوات الحكومية والمسلحين من أتباع الشيخ صادق الأحمر وفتح الشوارع في العاصمة وإخراج المسلحين منها وتخفيف الاحتقان، بالإضافة إلى سلسلة اللقاءات التي عقدها مع أطراف المعارضة وممثلين عن «شباب الثورة»، وجهود استعادة هيبة الدولة وفرض سلطتها في أنحاء البلاد وإنهاء حالة الانفلات الأمني. وذكرت وكالة أنباء «سبأ» اليمنية الرسمية أن هادي أشار إلى أن اهتمام الرئيس الأميركي باراك أوباما الشخصي واتصالاته بالدول والجهات الشقيقة والصديقة لتخفيف التوتر في اليمن ساعد إلى حد كبير في تجاوز المراحل الخطرة، مؤكداً استمرار التعاون المشترك وخصوصاً في مكافحة الإرهاب. ونقلت الوكالة عن فيلتمان تجديد إدانة بلاده «العنف والإرهاب بكل أشكاله وصوره» في إشارة إلى الاعتداء الذي استهدف الرئيس صالح، وتقديره لجهود نائب الرئيس، داعياً مختلف الأطراف اليمنيين إلى «الحوار البناء وتجنيب وطنهم الويلات والانزلاقات التي لا تحمد عقباها». وعلمت «الحياة» من مصادر متطابقة أن فيلتمان عقد سلسلة لقاءات مع مختلف أطراف الأزمة اليمنية وبحث قضية الانتقال السلمي للسلطة في اجتماع مع نجل الرئيس صالح قائد الحرس الجمهوري العميد الركن أحمد علي صالح. كما التقى قائد الفرقة الأولى المدرعة اللواء المنشق علي محسن الأحمر، بالإضافة إلى لقاء جمعه بزعيم قبيلة حاشد صادق الأحمر، قبل أن يلتقي قيادات أحزاب المعارضة في تكتل «اللقاء المشترك» في منزل رئيس لجنة الحوار الوطني محمد سالم باسندوه. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر حكومي يمني أن «الجانب الأميركي شدد خلال لقاءاته على تنفيذ المبادرة الخليجية ثم إزالة كل أشكال التوتر (الاحتجاجات)، بينما رأى الجانب اليمني إزالة التوتر أولاً ثم تطبيق المبادرة». وكانت «اللجنة التنظيمية لشباب الثورة» دعت في بيان أمس إلى مقاطعة زيارة المسؤول الأميركي احتجاجاً على «الموقف الأميركي السلبي من الثورة». إلى ذلك، دانت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في رسالة إلى نظيرها اليمني أبو بكر القربي الاعتداء الذي استهدف الرئيس صالح، وأكدت انه «لا يمكن للعنف أن يحل القضايا التي تواجه اليمن». على صعيد آخر، أكدت مصادر رسمية في المكلا «فرار 63 سجيناً ممن يشتبه بانتمائهم إلى تنظيم القاعدة»، وقالت ل «الحياة « إن عشرات المعتقلين المحسوبين على التنظيم قاموا «بحفر خندق صغير أتاح لهم الخروج من الزنازين إلى داخل السجن، الأمر الذي مكنهم من الهجوم على حراس السجن والاستيلاء على الأسلحة التي كانت بحوزتهم». وأضافت المصادر أن السجناء «قتلوا أحد الحراس خنقاً، وأن 4 آخرين من قوات الأمن المركزي أصيبوا بجروح في اشتباكات مع السجناء الذي تمكنوا لاحقاً من الفرار». غير أن مصادر محلية شككت في «إمكان حفر خندق من داخل الزنازين إلى خارجها، كون السجن يقع في منطقة جبلية يصعب الحفر فيها»، ورجحت أن تكون عملية الفرار «مرتبة بتواطؤ من جهات في السلطة بهدف إثارة مخاوف الدول الغربية من تنامي قدرات القاعدة في حال سقوط النظام».