أكد رئيس ديوان الرقابة المالية العراقي عبدالباسط تركي، أن بلاده تتمتع بميزة الإنتاج والاحتياط الكبيرين في مجال النفط، خصوصاً أنهما مرشحان للارتقاء إلى مراتب عليا على صعيد الإنتاج والاحتياط العالميين. وعلى رغم ذلك، أضاف، «لم تجد التحديات الاقتصادية التي يواجهها العراق، ما يوازيها من إجراءات حقيقية قادرة على المعالجة». وشدّد في محاضرة ألقاها خلال «المؤتمر العلمي الدولي الثالث» لكلية الإدارة والاقتصاد في جامعة كربلاء، على ضرورة أن يشكّل القطاع النفطي حافزاً حقيقياً للقطاعات الإنتاجية، خصوصاً القطاعين الزراعي والصناعي، في حين يحتكر القطاع النفطي النسبة الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي، كما تشكّل عائداته أكثر من 90 في المئة من إيرادات الموازنة العامة، ما يشير إلى دوره في إقصاء القطاعات الإنتاجية من المساهمة الجادة في الناتج المحلي. ولفت إلى أن القطاع الزراعي ساهم بنحو 24 في المئة من الناتج المحلي ما بين عامي 1950 و1959 وبنحو 27 في المئة عام 1969، قبل أن تنخفض النسبة إلى 8.9 في المئة عام 1976، ثم إلى 5.7 في المئة عام 1980، في وقت تراوحت فيه نسبة مشاركة القطاع الصناعي خلال الفترة ذاتها ما بين واحد و1.7 في المئة من الناتج المحلي. وأشار إلى «أن هذا التشوّه الهيكلي على المستوى النوعي للقطاعات الإنتاجية، ترافق مع استمرار تراجع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي، ما يؤكد استمرار تصاعد دور الدولة الاقتصادي في الإنتاج والتوزيع من خلال النفقات العامة لا من خلال الأدوات المالية التقليدية الضريبية». وأفاد بأن القدرة الريعية العالية للاقتصاد العراقي «قطعت العلاقة بين مستوى الأجر والإنتاجية، وساهمت في اختلال الحسابات الاقتصادية العقلانية في الإنتاج والتوزيع الأولي للدخل وأصبحت البطالة المقنعة موجودة في معظم المؤسسات». ورأى أن خطورة هذه الظاهرة لم تنعكس فقط على مستوى الفقر في البلاد، الذي يعيش 22.9 في المئة من سكانها تحت مستواه، بل أيضاً على الآليات المعتمدة لمعالجة هذه الظاهرة، إذ يُتوقع أن تستوعب القطاعات الحكومية هذه الأيدي، خصوصاً وأنها تضم عدداً كبيراً من أصحاب التحصيل الدراسي، ليظهر بذلك تغيير كمي ونوعي لأشكال البطالة من ضمن الأيدي العاملة. وأكد أن هذه الأخطار، إذا أضفنا إليها التعطيل في الموارد الاقتصادية، ستضعنا أمام أزمة استخدام حقيقية في الاقتصاد، إذ يجب أن تكون هذه الأيدي العاملة منتجة ولا يقتصر هدفها على كسب الأجر. وحول المديونية الخارجية البالغة 50 بليون دولار، أشار إلى أن التحديات لم تواجه من خلال منهج اقتصادي موحّد، مؤكداً نجاح السياسة النقدية في الحفاظ على سعر صرف الدينار العراقي، لكنه رأى أن المبالغة في التحفظ في شأن أسعار الفائدة بهدف تقليص التضخم، قيّد الدور الاستثماري للجهاز المصرفي.